أكد مسؤولو الهيئة العامة للمنافسة أن أبرز قواعد الموافقة على الاندماجات في سوق القطاع الخاص السعودي ترتكز على عدم وجود موانع تنظيمه لدخول منافسين جدد في القطاع الذي تتجه فيه جهتان أو أكثر للاندماج، مشددين أن منع الاندماج يمنع إذا أثر مباشرة على اقتصاد الوطن والمستثمرين بالقطاع أو يضر بالمستهلك.
وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور محمد بن سليمان الجاسر في رد على سؤال لـ «الرياض» على هامش المؤتمر الصحفي الذي نظمته الهيئة بالرياض أمس بمناسبة اعتماد مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي نظام المنافسة الجديد، حول أثر الاستحواذ في القطاع الخاص على التنافس لخدمة المستهلك: نحن حريصون على وجود التنافس في جميع القطاعات، واقتصاد المملكة يقوم على ذلك، وحقق نمواً وحضوراً في الاقتصاد العالمي لتركيزه على العمل بعناصر المنافسة العادلة التي توفر بيئة جيدة للمستهلك وللقطاعات وجاذبة للمستثمرين من الداخل والخارج، منوهاً إلى أن قطاع البنوك على سبيل المثال في المملكة متطور وتتواصل فيه المنافسة، وسيدخل فيه منافس جديد ممثلا ببنك الخليج الدولي، وفق ما أكد لنا مسؤولو مؤسسة النقد السعودي.
وفي رد على سؤال لـ «الرياض» عن الحد الأعلى للعقوبات في النظام الجديد للمنافسة على مخالفي قواعد التنافس، قال عبدالعزيز العبيد مدير الشؤون القانونية بهيئة المنافسة: «إن النظام الجديد ينوع في تطبيق الأدوات الرقابية وكذلك في المخالفات، فهي تصل إلى 10 % من إجمالي مبيعات المنشأة المخالفة، أو ثلاثة أضعاف مكاسب المخالفة المعنية، وقد ينظر في كل حالة بحسب ظروفها ومعطيات القرار من اللجان المختصة أو مجلس إدارة الهيئة.
وحول نفس الموضوع علق محافظ الهيئة الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الزوم، أن من أبرز ميزات النظام الجديد، إعطاء مجلس إدارة الهيئة المرونة الكافية للتسوية مع الجهات المخالفة، وكذلك تفعيل الجانب الوقائي عندما يحرص المخالف على التراجع عن الخوض في جوانب مخالفة لنظام المنافسة، وكذلك مراعاة من يبلغ مبكراً عن قضايا مؤثرة على التنافس العادل، من تواطؤ مضر بالقطاع الاقتصادي أو بالمستهلك أو بالمنافسين.
مشيراً في هذا الصدد أن توطين استقلال الهيئة وفق النظام الجديد سيخدم القطاع الاقتصادي ويسهم في تعزيز رؤية المملكة لتشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات.
وحول التدخل في شأن المنافسات المقدمة للجهات الحكومية قال الزوم: «نحن في هيئة المنافسة لا نتدخل بتفاصيل المنافسات التي لها قواعد إجرائية من جهات حكومية أخرى، نحن نواجه جوانب الاتفاق المخالف للأنظمة في العروض أو أعمال التواطؤ في السعر لمصلحة منافس حتى يفوز بالعرض بشكل لا يحقق العادلة بين المتنافسين».
وحول محاربة الهيمنة في السوق قال الجاسر: «إن الهيمنة وتحقيق حصة مسيطرة من السوق تصل إلى 40 % ليست مخالفة لنظام المنافسة بحد ذاتها، ولكن لا يعني أن تكون هذه السيطرة تلحق الضرر المباشر بالمستهلك والمنافسين، وهناك جوانب في السيطرة في السوق قد تتعلق بجهات مشرعة أو منظمة للخدمات التي يقدمها قطاع معين مشغلين وشركات، ونحن نتعاون مع هذه الجهات في مختلف الجوانب التي تخدم السوق واقتصاد الوطن والمستفيدين من مختلف الخدمات.
وأطلقت الهيئة العامة للمنافسة حملة تعريفية خاصة «بنظام المنافسة الجديد» تحت شعار (نظام المنافسة الجديد تنوع وابتكار)، لتوعية قطاع الأعمال بأهم ملامحه وتطبيقاته، وبيان حقوق وواجبات المنشآت، وتحفيز المنشآت ورواد الأعمال على المنافسة وفقاً لأسس التنافس المشروع.
وقدم رئيس مجلس إدارة الهيئة الجاسر شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على الموافقة الكريمة على صدور النظام، موضحاً أنه يهدف لتوفير بيئة منافسة ترعي استدامة النمو الاقتصادي وخلق بيئة استثمارية جاذبة وعادلة، كما يوفر الضمانات القانونية لحماية حقوق منشآت الأعمال والمستهلكين، ويكافح الممارسات الاحتكارية المؤثرة على المنافسة المشروعة، ويسهم في عدالة الأسعار والشفافية والتنوع والجودة والابتكار، وأضاف أن النظام الجديد يتميز بمراعاته لحقوق المتعاملين في الأسواق، ويحفز نمو الصناعات الوطنية، كما يشجع منشآت الأعمال، ويدعم فعالية التدابير الاحترازية، ويحقق العدالة للتاجر والمستهلك، فضلاً عن تعزيز مبادئ التسوية والمسامحة، وتطوير الابتكار، والإسهام في جذب الاستثمارات إلى الأسواق المحلية وانخفاض المستوى العام للأسعار.
من جانبه أكد الزوم أن نطاق تطبيق النظام الجديد سيغطي جميع المنشآت العاملة في الأسواق السعودية باستثناء ما إذا كانت الشركة مخولةً وحدها بتقديم السلع والخدمات، كما يشمل النظام الممارسات التي تحدث خارج المملكة إذا كان لها أثر مخل بالمنافسة العادلة داخل المملكة.
وبين أن أبرز ملامح النظام الجديد مبدأ التسوية، ويتيح هذا المبدأ للهيئة إمكانية قبول المصالحة مع المنشأة المخالِفة من خلال تسوية المخالَفة عوضاً عن إحالتها للمسار القضائي المتمثل بتحريك الدعوى الجزائية وذلك وفقاً لمعايير محددة، ويمكن أن تتم التسوية بالتزامن مع إلزام المنشأة بتعويض المتضررين؛ ويأتي هذا المبدأ في سبيل تصحيح خطأ المنشأة مع تحفيز استمرارية أنشطتها لزيادة معدل المنافسة والمحافظة على عدد المتنافسين في الأسواق.
وكذلك منح النظام الجديد للهيئة المزيد من الصلاحيات النظامية في الإعفاء من تطبيق بعض أحكام النظام، لتشجيع المستثمر ومراعاة أحوال السوق والمتغيرات التي تتطلبها برامج جذب الاستثمارات وتفاوت الأعمال التجارية والأنشطة الاقتصادية؛ وذلك فيما إذا قدمت المنشأة للهيئة ما يبرر أن الممارسة التي ستقوم بها تؤدي إلى تحسين أدائها أو أداء المنشآت العاملة في السوق، كما أقر النظام الجديد مبدأ (إعفاء المبادر) وهو ما يعني إمكانية مسامحة المنشأة التي تبادر بكشف شركائها في المخالفة.
وتطورت آليات تقديم طلبات الموافقة على الاندماجات والاستحواذات إلى الهيئة العامة للمنافسة، ومنها استبدال معيار الحد الأدنى لوجوب تقديم الطلب (من الحصة السوقية) إلى (مبلغ -تحدده اللائحة- من إجمالي قيمة مبيعات المنشآت المندمجة)، ويأتي هذا التحديث لدعم عوامل الشفافية والاستقرار للمستثمرين، ولتلافي وقوع المنشآت في مخالفة عدم إخطار الهيئة عند إتمام الاندماج بسبب المعيار النسبي.
كما فرض النظام الجديد غرامة مالية مستقلة على المنشآت التي ترتكب مخالفة حجب المعلومات عن مأموري الضبط أو إعاقة عملهم بأي شكل من الأشكال قد تصل إلى 5 % من إجمالي قيمة المبيعات السنوية.
ويؤكد النظام الجديد مبدأ الحفاظ على سرية معلومات المنشأة لدى منتسبي الهيئة، ويفرض عقوبة مالية تصل إلى مليون ريال على كل من يفشي معلومات اطلع عليها بحكم عمله.
والجدير ذكره أن الموافقة على الاندماج أو الاستحواذ وكافة أشكال التركز الاقتصادي بين منشأتين فأكثر هو أحد اختصاصات الهيئة العامة للمنافسة، لذلك تلتزم المنشآت الراغبة في الاندماج أو الاستحواذ بالتقدم للهيئة بطلب الموافقة على إتمام عملية التركز الاقتصادي وفق الشروط والضوابط التي وضحها النظام وحددتها اللائحة التنفيذية التي من المقرر أن يصدرها مجلس إدارة الهيئة خلال 180 يوماً من تاريخ نشر النظام في الجريدة الرسمية.