صحح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م. خالد الفالح معلومات مغلوطة لدى البعض باعتقادهم أن البحر الأحمر يكتنز نفطاً صخرياً، حيث تابعت «الرياض» تصريحاته الأخيرة بالجبيل حول مدى جدوى استثمارات المملكة في مشروعات النفط الصخري وخاصة مشروعات النفط في البحر الأحمر حيث قال إن نفط البحر الأحمر ليس من النوع الصخري بل هو نفط عميق جداً والمنطقة البحرية المتوقع احتواؤها لكميات تجارية تبدو مكلفة لوجودها في مناطق مغمورة يصل عمقها 1500 متر في ظل تكاليف المنصات والإنتاج المرتفعة والمماثلة لتلك في مناطق غرب أفريقيا ومناطق بحر الشمال والتي تتطلب تكلفة تتراوح بين 30 و40 دولارًا لتكون مشروعات مجدية وهي بالمناسبة كميات قليلة لا ترتقي لضخامة إنتاج وتسويق المملكة للنفط.
في حين لفت م. الفالح إلى جدوى الاستثمار في كميات الغاز الدفينة في البحر الأحمر والتي تبدو محفزة لشركة أرامكو لتبدأ تكثيف عملياتها الاستكشافية قريباً للتأكد من مردود الاستثمار المجدي لتلك الكميات. في وقت بدأت المملكة خوض استثمارات الغاز غير التقليدي السعودي في شمال غرب المملكة في منطقة الجلاميد والتي خصصت تدفقاته لدعم المشروعات الصناعية التعدينية ومرافق توليد الكهرباء في مشروع مدينة وعد الشمال الصناعية، إضافة استخدام حصة من الإمدادات المستقبلية وفقًا للترتيبات مع وزارة الطاقة كلقيم للصناعات التحويلية في وعد الشمال، وذلك ضمن خطط أرامكو لإنتاج 200 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز غير التقليدي في حين تستهدف المملكة ضخ أربعة مليارات قدم مكعبة يومياً من الغاز الصخري بحلول 2025.
ويرتكز إسهام أرامكو في هذا المشروع باستثمارات بلغت أكثر من 10 مليارات ريال لتطوير أول منظومة في المملكة وفي المنطقة العربية لإنتاج وتوريد الغاز غير التقليدي حيث بدأت بإنجاز أول معمل في مايو 2018م بطاقة تقدر بنحو 55 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، في حين يجري إضافة 4 معامل على مدى الأشهر القادمة في 2019 ليرتفع الإنتاج تدريجيًا إلى أكثر من 190 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم. وتتم أعمال التحكم والسيطرة لمنظومة إنتاج الغاز عبر تقنيات التطور الرقمي وتشمل شبكة تتضمن 50 بئرًا ومرافق إنتاج ومعالجة تنتشر على أبعاد تتراوح بين 70 إلى 120 كم من مجمع وعد الشمال.
وتأتي تصريحات وزير الطاقة م. الفالح حول نفط البحر الأحمر في وقت تبذل أرامكو جهوداً ضخمة لتطوير حقوله النفطية بعد أن رصدت نحو 25 مليار دولار لهذا المشروع عام 2012، في ظل تقديرات وجود احتياطات ضخمة مؤكدة في حقول البحر الأحمر تعادل 100 مليار برميل على الأقل. وعززت أرامكو القدرات التصديرية من ساحل البحر الأحمر بإضافة ثلاثة ملايين برميل يومياً من طاقة تصدير النفط الخام السعودي بعد نجاح الشركة وتمكنها من تحديث فرضة ينبع الجنوبية، حيث تم دمج محطة ينبع في المدينة الساحلية على ساحل البحر الأحمر مع شبكة إمدادات النفط الخام الحالية.
وتتلاحق التطورات في البحر الأحمر مع استئناف مرفأ «المعجز» صادراته بملايين براميل النفط أواخر 2018 وذلك للمرة الأولى منذ حرب الخليج الأولى في وقت يأتي مرفأ المعجز في نهاية امتداد خط الأنابيب العراقي في المملكة والذي يبدأ من منطقة البصرة في العراق ثم يتحول إلى محطات النفط في الساحل الشرقي للمملكة قبل أن يتجه غرباً إلى البحر الأحمر. وتبلغ طاقة خط الأنابيب 1.65 مليون برميل يومياً، في حين تتعامل محطة المعجز النفطية ذاتها مع 3.5 ملايين برميل يومياً وهو ما يمهد لإمكانية إضافة المزيد من خطوط الأنابيب في المستقبل.
وتستوعب القدرات الإضافية من المعجز والتي ستضاف إلى ميناء ينبع للنفط الخام، الحمولات الفائضة من زيت الوقود وإمدادات الخام العربي الثقيل المتجهة إلى مصافي التكرير المحلية بالمنطقة الغربية والجنوبية، في حين يتم تصدير معظم الشحنات الأخرى من ميناء الملك فهد الصناعي في ينبع على البحر الأحمر بطاقة إنتاجية تبلغ 6.6 ملايين برميل يومياً، ويشمل الميناء سبعة أرصفة تحميل تستوعب ناقلات تصل إلى 500 ألف طن من الوزن الساكن، فيما يبلغ إجمالي سعة تخزين النفط الخام في الميناء 12.5 مليون برميل حيث يتم فقط تحميل النفط الخام العربي.
وعقدت أرامكو اتفاقيات طويلة الأجل في التطوير المستقبلي لمشروعات المياه العميقة في المياه الإقليمية السعودية في البحر الأحمر حال المضي قُدمًا فيها. ونجحت الشركة بإنجاز أعمال استكشافية نفطية ضخمة في أعماق البحر الأحمر باستخدام التقنيات الجيوكيميائية التي ابتكرتها الشركة داخليًا واستخدام الكاشفات الجيولوجية والمركبات العضوية الموجودة في النفط الخام للمساعدة على تقييم توزيع السوائل الجوفية وهجرتها وتراكمها، حيث ساهمت البيانات المتوفرة في الحد من المخاطر المرتبطة بالمناطق الواعدة الجديدة وتتيح فرصاً جديدة للتنقيب.