أخذت خطط المملكة للوجود الاستراتيجي القوي بأضخم استثمارات للطاقة والبتروكيميائيات في مشروعات المنبع والمصب في محيط آسيا الوسطى منحىً قوياً من التقدم في دفع إبرام الاتفاقيات والصفقات والتحالفات الجديدة التي تقودها منظومة الطاقة والصناعة بالمملكة في عدة دول آسيوية وسطى منها أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وغيرها والتي تمثل اقتصاداتها ثقلاً ثرياً بمواردها ومواقعها الاستراتيجية، ولاسيما التي تمثل منفذاً لبحر قزوين ما يعني عبور منتجات المملكة لأوروبا من منافذ جديدة منافسة بامتلاكها أصول على بحر قزوين.
وهذا ما يفسر الرحلات المكوكية بين وزراء نفط دول آسيا الوسطى ونظيرهم وزير الطاقة السعودي م. خالد الفالح الذي أكد في لقائه الأخير معهم في العاصمة الأذربيجانية باكو على إقدام المملكة على تطوير وتعزيز الاستثمارات المشتركة في تلك البلدان في قطاعات البتروكيميائيات، والزيت، والغاز، والتعدين، والطاقة المتجددة وغيرها.
وفي المقابل تسعى عملاقتا النفط والبتروكيميائيات، شركتا “أرامكو وسابك” لتسيد المشهد والحراك الاستثماري الكبير في صناعاتهما ونقل التقنيات لتلك الدول، ودفع سبل الشراكة مع كبرى شركاتها وأبرزها في أذربيجان مع شركة البترول الوطنية الأذربيجانية “سوكار” في قطاع التكرير وتسويق وتوزيع المنتجات النفطية والتحالف لدخول أسواق عالمية واعدة أو تعزيز الوجود في أسواق تلك الشركات الممتدة لأوروبا، في وقت تمتلك شركة “سوكار” حصصاً من تسويق النفط الأذربيجاني إلى أوروبا وإلى السوق العالمية عبر ثلاثة أنابيب تصدير نفط رئيسة.
وتنتج “سوكار” النفط والغاز الطبيعي من الحقول البرية والبحرية في الجزء الأذربيجاني من بحر قزوين وتشغل اثنين من مصافي النفط في البلاد وتدير عدة خطوط لأنابيب النفط الرئيسة وتصدير الغاز في جميع أنحاء البلاد، وتمتلك محطات تعبئة الوقود في أذربيجان وجورجيا وأوكرانيا ورومانيا وسويسرا، وهذا أكبر طريق للمملكة لتملك أصول جديدة في تلك الدول الأوروبية وتعزيز وجود أرامكو وسابك واللتين تمتلكان أصول بنسبة 100 % في أغلب دول آسيا الوسطى وأوروبا.
في حين تنظر شركة أرامكو للدول المطلة على بحر قزوين ومنها تركمانستان بصفتها من أكثر الدول باحتياطيات الغاز وتتجه لدعم تمويلي لمشروع أنابيب عملاق سيربط تركمانستان مع الهند عن طريق عدد من الدول في وقت من المخطط مساهمة الصناعة السعودية في مكونات أنابيب النفط والغاز في أوروبا، في حين يمثل دعم المملكة لخط تصدير الغاز من تركمانستان إلى الهند أكبر نقلة لخطط أرامكو لتجارة الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي وسهولة إمداداته بين أوروبا وأسيا. في وقت تعكف أرامكو على مشروعات للنفط والغاز والبتروكيميائيات في الهند بقيمة 44 مليار دولار مع فرص استثمارية واعدة عبر سلسلة القيمة للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال للهند. فيما تمضي شركة أرامكو للتحالف في كازاخستان مع شركتي “بتروكازاخستان” و”كازاتومبروم” في مشروعات للطاقة والتعدين، إضافة إلى مباحثات شركة سابك مع شركة الكيميائيات المتحدة الكازاخستانية لتطوير مجمع للبتروكيميائيات ليمثل جزءاً من استراتيجية سابك للتنويع الجغرافي والتوسع في أسواق جديدة.