انطلقت في الرياض أمس أعمال المؤتمر الدولي “دور التعليم في الوقاية من الإرهاب والتطرف”، والذي تنظمه منظمة التعاون الإسلامي ممثلة في مركز صوت الحكمة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وسط حضور دولي واسع.
وقدم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، د. يوسف بن أحمد العثيمين في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله-، على دعمهما المتواصل للمنظمة باعتبار المملكة دولة المقر، مشيداً بالتعاون مع جامعة نايف في إطلاق هذا المؤتمر الدولي.
وأشار العثيمين إلى أن “هذا المؤتمر يأتي في ظل تحولات دولية كبرى، وفي ظل تراجع ملحوظ لنشاط الجماعات المتطرفة بعد الانتصار العسكري للتحالف الدولي على داعش، كما يعقد في ظل تحول عالمي كبير تجاه ظاهرة الإسلاموفوبيا بعد أحداث نيوزيلندا والتي أيقظت الضمير العالمي، وهزت ركود الاستجابة الدولية لمخاطر هذه الظاهرة المهلكة للسلم ولكافة القيم الحضارية”.
وأكد على أن”منظمة التعاون الإسلامي في مقدمة المنظمات الدولية التي تسعى جاهدة إلى إشاعة خطاب الاعتدال وترسيخ قيم التسامح التي جاء بها الإسلام الحنيف، والتصدي لخطاب الكراهية والعنف والإرهاب، فمنذ إعلان ميثاقها التأسيسي سنة 1969م الذي أسّس لمنهج المنظمة في الدفاع عن القيم الجامعة والمؤسِسَة للسلم والتعايش الدوليين؛ والمنظمة تعمل على توحيد جهود الدول والمؤسسات الرسمية كافة لخدمة رسالة الوحدة ونبذ الفرقة، وترسيخ قيم التسامح والتعايش في مقابل مواجهة جميع مظاهر الإقصاء والتطرف والإرهاب”.
وأضاف الأمين العام: “لقد كانت منظمة التعاون الإسلامي سباقة في التفطن لمخاطر خطاب الإقصاء والتطرف على اختلاف أوجهه ومنطلقاته الدينية والأيديولوجية”، ونوه بتأسيس المنظمة في عام 2007 مرصداً خاصاً لرصد ظاهرة الإسلاموفوبيا في الأمانة العامة.
وقال: “تنبأت المنظمة مبكراً لخطرها (الإسلاموفوبيا) المتزايد على المسلمين وعلى السلم العالمي بالمجمل، وقد أثبتت الهجمات الإرهابية الأخيرة في نيوزيلندا التي طالت مسجدين في مدينة كرايس تشيرش، وراح ضحيتها 50 مسلماً آمناً، دقّة توقعات المنظمة ومصداقية النداءات التي وجهتها إلى المجتمع الدولي للتحرك ضد هذه الظاهرة التي تتبادل الأدوار مع ظاهرة الإرهاب ويغذي كل منهما الآخر”.
ولفت الأمين العام إلى أن المنظمة “طوّرت من سياساتها في التصدي لظاهرتي الإسلاموفوبيا والإرهاب وفق استجابة مرنة وحازمة لمقتضيات المرحلة والقوالب التي كانت تبرز فيها هاتان الظاهرتان وتتزايدان، فمع بروز وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد أثرها على الحياة العامة واستثمار الجماعات المتطرفة لها لنشر إيديولوجياتها وأفكارها الهدّامة؛ إذا بادرت المنظمة بتأسيس مركز صوت الحكمة في أكتوبر 2016 والذي يدشن اليوم باكورة نشاطاته الدولية، ويجسد رسالة منظمة التعاون الإسلامي بأن مواجهة الفكر المتطرف على نحو فعال ينبغي أن تتم على مستوى مناقشة الأفكار، وأن الحرب على الفكر الضال لا تكون إلا بدعم ومناصرة الفكر البناء والإيجابي، وأن مواجهة نزعات التفرقة والإقصاء لا تتم إلا بإرساء وترسيخ مبادئ التعايش والتسامح”.
ودعا الأمين العام الدول الإسلامية والمؤسسات التعليمية والتربوية إلى”تعزيز دور التعليم، وتطوير المناهج التعليمية وربطها مع مقاصد ديننا الإسلامي السمح والأهداف الوطنية والمصالح العليا للأمة الإسلامية، ورفعها إلى المستوى المطلوب، وكذلك إلى اعتماد مواد ملزمة تُرسِّخ قيم التوازن والاعتدال الفكري في نفوس الطلبة، بهدف بناء عقل ناقد مبدع يصعب على الأفكار المتطرفة اختراقه والتغلغل فيه.
من جهة أخرى، أبرمت منظمة التعاون الإسلامي وجامعة نايف العربية مذكرة تفاهم للتعاون المشترك بين الجانبين، وذلك على هامش المؤتمر.
وترأس مدير عام ديوان الأمين وكبير المستشارين، د. عبدالله الطاير أولى جلسات المؤتمر التي جاءت تحت عنوان “جهود المنظمات الدولية” وشارك فيها خبراء من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب واليونسكو ومكتب مجلس وزراء الداخلية العرب.
ويبحث المؤتمر الذي يعقد على مدى يومين، النظر في التجارب الدولية الناجحة التي وجهت وسائل التعليم إلى مواجهة خطر الفكر المتطرف، كما يسعى إلى إيجاد برنامج أكاديمي متخصص لمواجهة التطرف.