يترقب سوق الطاقة العالمي من منتجين وتجار ومضاربين في سوق المال العالمي ومستثمرين إعلان شركة أرامكو السعودية عن نتائج فرز استثمارات سنداتها المطروحة دولياً والتي ضخ لشرائها أكثر من 380 مليار ريال في صفقة بيع لسندات حددتها أرامكو بحوالي 45 مليار ريال، مما ألهب شغف المتقدمين لهذا الاستثمار التاريخي الضخم بأمل الظفر بحصص وصفها البنكيون العالميون بالاستثمار المضاعف ربحه ليس بسبب الطاقة الإنتاجية الهائلة للمصدر للنفط البالغة 12 مليون برميل يومياً وتمثل عشرات أضعاف ما ينتجه أقرب منافسيها، ولا بضخامة صافي ربحها البالغ 416,5 مليار ريال الذي فاق إجمالي أرباح أكبر أربع شركات للنفط في العالم مجتمعة، ولكن بسبب كفاءتها الرائعة بحسب نشرة سنداتها في إنتاج كافة أنواع ودرجات النفط الذي تتطلبه مختلف الأسواق ومختلف الظروف الجيوسياسية والتقلبات في العالم.
وينظر المستثمرون باهتمام بالغ لما أعلنته أرامكو من قدرات في تطوير كميات ضخمة من الاحتياطيات البترولية التقليدية وما يصاحب ذلك من تطبيق وتطوير أحدث التقنيات التي تحتفظ أرامكو السعودية بحقوق ملكيتها في هذا القطاع والذي مكنها بقوة من تحقيق القيم الكبيرة بأخفض التكاليف المتسمة بالكفاءة التي ميزت نفط أرامكو عن نفط نظرائها بقدرة الشركة على إنتاج خمسة أنواع مختلفة من النفط الخام وهي الخام العربي الثقيل، والعربي المتوسط، والعربي الخفيف، والعربي الخفيف جدًا، والعربي الممتاز، ما يمنح أرامكو المرونة لتحسين مزيج إنتاجها من النفط الخام للتكيف والوفاء باحتياجات عملائها في جميع الظروف.
وهذه القدرة على إنتاج أنواع مختلفة من النفط دعم تصنيف محفظة سندات أرامكو بالنظرة المستقبلية القوية المتنامية المبتكرة التي وصفت بها أرامكو خلال جلسات الإفصاح والإشارة لنظرتها المستقبلية العميقة ورؤاها في تقييم متطلبات تكرير النفط المستقبلية في الأسواق العالمية ومواصلة الشركة استثمار قدراتها الهائلة في قطاع التنقيب والإنتاج لتأكيد وفائها بالطلب المتنامي في المستقبل.
وفيما أصبحت معظم أسرار أعمال أرامكو الرئيسة في التشغيل والإنتاج والتسويق والعوائد في النفط والغاز والتكرير الآن في مرمى البصر للعالم أثبتت أرامكو للعالم في ثنايا نشرة الإصدار لسنداتها بأن العوائد الضخمة التي حققتها بقيمة 1,3 تريليون ريال لعام 2018 كانت ثمار لاستراتيجية الشركة لتحقق قيمة إضافية من احتياطياتها من النفط لتطوير صناعات جديدة للعالم بمنتجات مبتكرة للكيميائيات وزيوت الأساس، ومواد التشحيم النهائية. وبالنظر إلى الوقت الراهن والمستقبل القريب تمضي أرامكو لتحقق السبق والريادة في مجال أبحاث تحويل النفط الخام مباشرة إلى مواد كيميائية أو إلى الهيدروجين بوصفه مصدر الطاقة المحتمل تفضيله مستقبلًا.
واستنادًا إلى حجم احتياطيات الشركة الأضخم في العالم من النفط الخام البالغة 268,5 مليار برميل وخبرات ممارسات تاريخية منذ 80 عاما في مجال الاستكشاف والاستخلاص، وشبكتها الحديثة والمتكاملة في قطاعي التنقيب والإنتاج والتكرير والمعالجة والتسويق، تعكف أرامكو السعودية على إعادة تحديد المعايير التي تحكم إنتاج الطاقة على المستوى العالمي بصفة تربعها في قلب صناعة الطاقة في العالم وسعيها الحثيث على اكتشاف آفاق جديدة أو إيجاد حل للمعضلات القادمة في صميم عزمها لبناء واحدة من أهم كيانات الطاقة والتكرير والكيميائيات في العالم.
وأبرزت أرامكو عزمها على مدى العقد القادم لمواصلة تنفيذ استثمارات كبيرة في أعمال التنقيب والإنتاج. ومن شأن هذه الاستثمارات الاستراتيجية أن تسهم في ترسيخ مكانتها الرائدة في مجال النفط، والحفاظ على طاقتها الإنتاجية القصوى الثابتة، وتمكينها من تنفيذ برنامج ضخم للتنقيب والإنتاج يركز على مصادر الغاز التقليدية وغير التقليدية.
في وقت لم تغفل نشرة إصدار سندات أرامكو من الإيحاء بقدراتها الهائلة في تأمين ملايين البراميل من نفطها الخام في مراكزها العالمية للتخزين تحرزاً للمشكلات الجيوسياسية في مختلف أقاليم العالم ويهيئ لها التجاوز الآمن للمضيقات والمنافذ البحرية المضطربة. وأبرز منجزاتها في هذا المضمار بناء مراكز في الصين واليابان وأحدثها منشآتها لتخزين النفط في ميناء الفجيرة بالإمارات بطاقة تخزينية أكثر من مليون برميل لدعم عملياتها التجارية الدولية وضمان تدفق إمدادات سريعة ومرنة للمشترين ولاسيما لدول آسيا التي تستحوذ أكبر الواردات بنسبة 51 % من إجمالي صادرات النفط السعودي وذلك بعيداً عن مضيق هرمز أكبر ممر ملاحي لتجارة النفط في العالم الذي يعاني تهديديات إيرانية بإغلاقه عدة مرات.