يواصل القطاع غير النفطي بالمملكة والذي يقود أكبر استثماراته التكرير والبتروكيميائيات تصعيد أفقه وتنافسيته لموارد اقتصادية أكبر لدخل المملكة في 2019 وذلك في أعقاب القفزة الكبيرة لإجمالي الإيرادات غير النفطية الذي بلغ 287 مليار ريال في 2018 بارتفاع نسبته 90 % عن العام السابق. ومن المتوقع أن يحفز نمو القطاع غير النفطي من خلال السياسة المالية التوسعية التي أظهرت في ميزانية العام 2019 زيادة كبيرة في الإنفاق الرأسمالي بمقدار 245 مليار ريال (65.3 مليار دولار).
وسجلت الصادرات زيادة كبيرة بسبب ارتفاع أسعار النفط. ومن حيث القيمة، زادت الصادرات بنسبه 40 % بين 2017 و2018 مما عزز الحيز المالي ودعم رأس المال الأجنبي. وبالنظر إلى تطورات الاقتصاد الكلي استمر الموقف المالي في التحسن حيث انخفض عجز الموازنة إلى 4.6 % مقارنة بـ9.3% في 2017. وزادت الإيرادات الحكومية زيادة كبيرة بنسبة 30 % مقارنة بالعام السابق.
وذكر تقرير الاستقرار المالي 2019 لمؤسسة النقد العربي السعودي بأن الناتج الاقتصادي العالمي أتجه إلى الانخفاض مع نهاية 2018 في ظل تقارب كل من الاقتصادات الناشئة والمتقدمة مع تباطؤ النمو وهذا ما يؤكده التباطؤ الكبير في النشاط التجاري العالمي بنهاية العام. في حين تميز العام 2018 أيضًا بتنامي حالة عدم اليقين العالمية والتي تحققت في تقلبات السوق القصيرة الأجل بنهاية العام. وعلى عكس التطورات العالمية انتعش الاقتصاد السعودي إلى 2.2% في 2018 بعد الانكماش في 2017، ويعزى هذا الانتعاش بشكل رئيس إلى قطاع النفط الذي زاد بنسبة 2.9 % بينما نما القطاع غير النفطي بشكل بطيء بنسبة 1.7 % في 2018 مقارنة مع 1 % في 2017.
وعلى الرغم من انتعاش النمو الاقتصادي، أشار التقرير إلى استمرار العوائد في الشركات المدرجة في الانخفاض، وزاد عدد الشركات التي سجلت خسائر. ويتم التخفيف من المخاطر الناجمة عن الأداء الضعيف نسبيًا للشركات حيث تظل الرافعة المالية منخفضة بشكل مريح في جميع القطاعات. وشهد التضخم قفزة كبيرة في 2018 إلى 2.5 % ويرجع ذلك أساساً إلى تطبيق العديد من التدابير المالية مثل إصلاح ضريبة القيمة المضافة وإصلاح أسعار الطاقة.
وتحسنت آفاق الاقتصاد السعودي ومن المتوقع أن يزداد الارتفاع خلال 2019، نظرًا للسياسة المالية التوسعية. ومع ذلك، فإن المخاطر السلبية على الاقتصاد السعودي تأتي من التباطؤ الاقتصادي العالمي وتأثيره المحتمل على سوق النفط العالمي. وساعد الانتعاش الطفيف في النشاط الاقتصادي في تعزيز مرونة النظام المصرفي الذي شهد طفرة في 2018. وكان نمو الأصول مدفوعًا بشكل رئيس بالتوسع في ائتمان القطاع الخاص، بدلاً من التعرض المتزايد للديون السيادية المحلية. ومع ذلك، كان هناك انكماش مدفوع بقطاع التجارة في ائتمان الشركات في نهاية العام.
وزادت نسبة القروض المتعثرة للقطاع المصرفي رغم أنها لا تزال أقل بكثير من الاقتصادات الأخرى. وتظهر مؤشرات الربحية والسيولة نظامًا عالي التسيير يتمتع برسملة عالية وقادرة على تحمل الصدمات الخارجية. ومن المتوقع أن يواصل النظام المصرفي تلبية الطلب على الائتمان، حيث يستمر النمو الاقتصادي. وتم إدخال عدد من الإصلاحات التنظيمية في سوق التأمين في 2018 شملت تنفيذ إطار الرقابة على المخاطر لجميع شركات التأمين وتعزيز كبير لإطار الخصم بدون مطالبات لبوالص التأمين على السيارات، وإصدار اللوائح للسماح لشركات التأمين الأجنبية لدخول سوق التأمين السعودي من خلال إنشاء عمليات الفرع، وتعزيز كبير من الإطار الإشرافي لمراقبة الأحكام الفنية التي تضعها شركات التأمين جانباً.
ومن حيث الأعمال المكتتب بها، تقلص سوق التأمين بنسبة 4.6 % في 2018، وعلى الرغم من ذلك، بلغ معدل النمو على مدى السنوات الخمس الماضية 6.8 % سنويا. وكان الانخفاض مدفوعًا بشكل أساس بخط الأعمال، حيث انخفض متوسط تكلفة بوليصة التأمين ماديًا على النحو المقصود من الإصلاحات التنظيمية. ومن المتوقع أن يشجع انخفاض تكلفة التأمين على السيارات والتأكيد التنظيمي على التسعير العادل على زيادة استيعاب التأمين. وقد قوبل الانخفاض في قسط التأمين على السيارات جزئيًا بزيادة في أقساط التأمين الصحي والتي كان سببها أساسًا تضخم تكاليف الرعاية الصحية، وتعزيز الحد الأدنى من الفوائد من قبل الجهة المنظمة، وتحسين نظام الاكتتاب استجابةً للمراقبة التنظيمية.
ومن حيث أداء الاكتتاب، على الرغم من انخفاض متوسط تكلفة بوليصة التأمين على السيارات، قامت أعمال التأمين على السيارات بتحسين نسبة خسارتها للعام الخامس على التوالي. ومن ناحية أخرى، استمرت نسبة الخسارة للتأمين الصحي، أكبر شريحة من حيث حجم الأقساط، في الزيادة خلال العام 2018، مما فرض ضغطًا على الربحية الإجمالية لشركات التأمين خلال عام 2018. وبشكل عام، حقق سوق التأمين أرباحًا صافية بقيمة 0.6 مليار ريال خلال العام 2018، حيث حقق العائد على الاستثمار وحساب العائد على حقوق المساهمين 0.54 % و2.12 % على التوالي.
وأظهر السوق احتياطيات تقنية قوية ووضع ملاءة مالية في نهاية العام 2018. بالإضافة أظهر سوق التأمين اعتمادًا أقل على ترتيبات إعادة التأمين وعلى خدمات الوساطة التأمينية في العام 2018. ونظرًا للإطار التنظيمي المعزز وإمكانية دخول الفروع الأجنبية الكبيرة لشركات التأمين المتعددة الجنسيات المتطورة، والانتعاش المتوقع للأنشطة الاقتصادية التي تعزى إلى تحسن أسعار النفط، والزخم الذي توفره رؤية 2030، من المتوقع أن يتحسن أداء قطاع التأمين في المستقبل.
ولم يشهد قطاع الشركات المالية أي تغييرات كبيرة في 2018 مقارنة بعام 2017، واستمر الإقراض من جانب شركات التمويل في التراجع متأثرًا بالتباطؤ في الاقتصاد المحلي. وعلى عكس الاتجاهات في إجمالي الائتمان، أشار الائتمان العقاري إلى بعض التطورات الإيجابية في 2018 حيث سجلت الربحية نمواً جيداً على الرغم من عدم اليقين السائد. وسجلت شركات التمويل معدلات عالية للقروض المتعثرة رغم أن المخزونات والاحتياطيات المرتفعة في رأس المال توفر حاجزًا كبيرًا في معظم الشركات.