توافد مئات المحتجين التجمع في وسط العاصمة الجزائرية ليوم الجمعة السادس عشر على التوالي، في تظاهرة جديدة هي الأولى منذ إلغاء الانتخابات الرئاسية، وغداة الدعوة التي وجهها الرئيس الانتقالي إلى الحوار، في تطورات قد تزيد من حجم التعبئة.
ورغم الانتشار المكثف لعناصر الشرطة في ساحات البريد المركزي والفاتح من مايو وفي الشوارع الكبرى لوسط العاصمة الجزائرية، تمكن مئات المحتجين في التجمع تحضيرا لتظاهرة كبرى بعد صلاة الجمعة كما تعوّدوا على ذلك منذ 22 فبراير.
وتأتي تظاهرة يوم الجمعة السادس عشر غداة دعوة الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح الجزائريين إلى حوار من أجل الوصول إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسية “في أقرب الآجال”، بعدما ألغى المجلس الدستوري تلك التي كانت مقررة في الرابع من يوليو .
فبعد رحيل رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي لا يحظى بشعبية، والتخلي عن ولاية خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة واستقالة الأخير بعد 20 عامًا من الحكم، حقق المتظاهرون مرة أخرى أحد مطالبهم بإعلان المجلس الدستوري في 2 يونيو “استحالة” إجراء الاقتراع لعدم وجود مرشحين جادين.
ومنذ الصباح الباكر انتشر عناصر الشرطة في ساحات البريد المركزي وموريس أودان وفي الشوارع الكبرى مثل ديدوش مراد وحسيبة بن بوعلي، وباشروا التحقق من هويات المارة، كما لاحظ مراسل فرنس برس.
وقام عناصر الشرطة بتوقيف العديد من المتظاهرين، بحسب عدة شهود. وأكد كريم (37 عاما)، أن اثنين من رفاقه قدما من بومرداس (50 كلم شرق الجزائر) تم توقيفهما من قبل الشرطة.
الانتخابات “لن تجرى”
وردّ المحتجون برفض دعوة الحوار بشعارات “لا للانتخابات يا العصابات” و”بن صالح إرحل” و”قايد صالح إرحل”، في إشارة إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي أصبح بحكم الواقع الرجل القوي في الدولة منذ استقال عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الحركة الاحتجاجية والجيش.
لكن هل يعد إلغاء الانتخابات انتصار للحركة الاحتجاجية؟ “نعم ولا”، تجيب داليا غانم يزبك الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، وكالة فرنس برس.
وأوضحت “نعم، بمعنى أن (الانتخابات) لن تجرى، هذا ما يريده الشارع، (…) لأنه من الناحية اللوجستية، من المستحيل تنظيمها”.
وأمام تعبئة ظلت عالية حتى خلال شهر الصيام في رمضان الذي انتهى الاثنين، ورفض أي شخص يشتبه في تعاونه مع السلطة، لم يتقدم المترشحون لهذه الانتخابات.
وأضافت الباحثة “لا أحد يريد أن يقدم نفسه والمشاركة في هذه المهزلة، ويبدو أن السلطة تفتقر إلى شخصية توافقية” لتمثيلها “وهذا واضح اليوم”.
ودعوة الحوار التي أطلقها بن صالح هي الثانية بعد تلك التي أطلقها رئيس الأركان وردّ عليها الجزائريون يوم الجمعة الماضي بتجمّعات حاشدة سبقتها حملة توقيفات لم تخفّف من حجم التعبئة. ورفض المحتجون يومها الدعوة إلى الحوار.
ويطرح إلغاء انتخابات الرابع من يوليو إشكال بقاء الرئيس الانتقالي في منصبه بينما الدستور حدّد ولايته بتسعين يوما منذ استلام مهامه في التاسع من أبريل، ولا يوجد رئيس يستلم السلطة منه.
لكن المجلس الدستوري مدّد ولايته تلقائيا “خارج إطار الدستور” بقرار إبقائه في الحكم حتى تنظيم انتخابات جديدة لم يتم تحديد موعدها بعد.
ولايزال بن صالح متمسكا بنتظيم انتخابات “بأقرب وقت ممكن” لاختيار خليفة لبوتفليقة، كما جاء في خطابه الخميس في حين يرفض المحتجون مبدأ الانتخاب دون رحيل كل رموز النظام السابق، وبينهم بن صالح وقايد صالح.