تتجه المملكة وكوريا الجنوبية لحقبة ذهبية غير مسبوقة من الانفتاح والاندماج والتحالفات الصناعية الاستراتيجية العملاقة المبتكرة في البلدين يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، في زيارة تاريخية لكوريا الجنوبية والتي تترقبها كبرى شركاتها لما ستسفر عنه من اتفاقات وعقود ضخمة بعشرات مليارات الدولارات لمشروعات استثمارية عملاقة مشتركة جديدة في شتى قطاعات الصناعة ولا سيما في صناعة الطاقة وفروعها والتي تقودها عملاقة النفط في العالم شركة أرامكو السعودية والتي تتربع في قلب كوريا الجنوبية منذ عقود بإمداداتها النفطية وأعمالها التكريرية والكيميائية والعطرية والتسويقية.
وتحتفي شركة أرامكو بزيارة ولي العهد لكوريا حيث يشمل بعنايته تفقد مشروعات مصفاة “إس أويل” الكورية والتي تمتلك أرامكو غالبية أسهمها بنسبة 63.4 %، بعد تمكنها من الاستحواذ على حصص إضافية بقيمة 7,5 مليارات ريال وتعد ثالث أكبر شركة لتكرير النفط في كوريا الجنوبية وبطاقة 670 ألف برميل يومياً وهي الطاقة الأعلى بين كافية مصافي أرامكو المحلية والدولية. وتحتفل بإكمال أعمال تطوير وتوسعة وتنفيذ مشروعين لتعزيز القدرة التنافسية لمصفاتها وتشكيل سلة متنوعة من المنتجات وزيادة وتيرة تنويع مجموعة الأعمال وتحسين الربحية. ويتضمن المشروع الأول تحويل الرجيع منخفض القيمة إلى منتجات أوليفينات وبنزين ذات قيمة عالية، فيما يشمل الثاني مرافق جديدة لإنتاج البولي بروبيلين وأكسيد البروبيلين واستخلاص الإيثيلين، وذلك بعد ثلاث سنوات من التخطيط والأعمال الهندسية والإنشائية التي كللت بالنجاح.
وعملت “أرامكو” جاهدة لتعزيز تنافسية “إس أويل” في قطاعي زيوت التشحيم وتكرير النفط من خلال الاستثمار المتقدم في المرافق المتطورة، في وقت يشجع مشروع توسعة المصفاة للحصول على القدرة التنافسية العالية والربحية في ظل إتمام إنشاء المجمع العطري الثاني كجزء من هذه العملية والذي ينتج البتروكيميائيات والعطريات بما في ذلك 300 ألف طن من البنزين و960 ألف طن من الباراكسيلين. وتم إدخال وحدة تجزئة المكثفات بسبب إضافة النافثا المستخدمة كمواد خام وبالتالي زادت قدرة تكرير النفط الخام إلى 669000 برميل يومياً. وتمتلك “أس-أويل” 600 ألف طن من قدرة إنتاج البنزين و1.7 مليون طن من الباراكسيلين في منطقة البتروكيميائيات بفضل مجمعها العطري الثاني.
في وقت تسعى شركة أرامكو لتعزيز حضورها في كوريا الجنوبية وقربها من عملائها في أكبر مناطق استهلاك النفط ومشتقاته في العالم، وتقوم الشركة بتسويق المنتجات البترولية والبتروكيميائية في كوريا من خلال شبكة توزيع وتسويق وطنية تشمل سبع محطات لتوزيع المنتجات وأكثر من 1600 محطة خدمة بيع بالتجزئة ذات علامة تجارية. وتسعى شركة أرامكو لتعزيز حضورها في كوريا الجنوبية وقربها من عملائها في أكبر مناطق استهلاك النفط ومشتقاته في العالم.
ووضعت أرامكو في إطار عملها الاستراتيجي لتحقيق النمو المربح والمستدام ثلاث توجهات إستراتيجية تتمثل في توسعة أعمال التكرير، ودمج مرافق البتروكيميائيات، والدخول في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة. وتسعى “أرامكو” جاهدة بآمال عريضة لتوسعة أعمالها في مجالات التكرير والبتروكيميائيات من خلال المضي قدماً نحو تعزيز علاقاتها المتينة مع القارة الآسيوية، كجزء من طموحها أن تصبح أكبر منتج للنفط والمواد الكيميائية على حد سواء في العالم بحلول نهاية العقد الحالي والمتسقة مع التحول الوطني الاقتصادي 2020 والرؤية 2030.
وتتزعم مصفاة “أرامكو أس-أويل” في كوريا أكبر طاقة معالجة من بين 12 من مصافي أرامكو التكريرية في المملكة وخارجها، تليها مصفاة “موتيفا” في تكساس بطاقة 640 ألف برميل يومياً، والثالثة مصفاة رأس تنورة بطاقة 550 ألف برميل يومياً والرابعة مصفاة “شوا شل” باليابان بطاقة 450 ألف برميل يومياً، فيما تتوزع طاقات مصافي أرامكو الأخرى في المملكة وخارجها ما بين 130 إلف إلى 400 ألف برميل يومياً، وذلك وفق إنتاج 2017.
وعززت شركة أرامكو منافستها في كوريا بأكبر الصفقات واهمها بشراء حصة بنسبة 17 % من شركة هيونداي أويل بنك الكورية الجنوبية، بقيمة استثمارية تقدر بنحو 4,7 مليارات ريال (1.25 مليار دولار). وتمتلك “هيونداي أويل بانك” 650 ألف برميل من طاقة تكرير النفط اليومية، وتصدر منتجات نفطية على مستوى العالم وتدير 2400 محطة وقود ومحطات شحن السيارات حول كوريا الجنوبية، كما تنتج البتروكيميائيات ولديها محطة للنفط في أولسان.
وعلق رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، م. أمين الناصر، على اتفاقية الشراء بأنها ترسّخ علاقات الشراكة الإستراتيجية مع كوريا الجنوبية، التي تعتبر من أبرز الدول الصناعية ومن بين البلدين الأكبر اقتصادًا في العالم، كما أن لديها أحد أهم أسواق الطاقة في وقت حرصت أرامكو على مدى العقود الماضية أن تكون شريكًا تجاريًا أساسًا لكوريا الجنوبية، وأن استثمار أرامكو بشراء حصة في مصفاة شركة هيونداي أويل بنك يعزز هذه الشراكة الإستراتيجية ويرسّخ آفاق النمو ويضاعف جهود أرامكو في تسويق نفطها الخام من خلال إضافة منفذ موثوق لتسويق النفط الخام العربي إلى كوريا الجنوبية.
فيما شددت مجموعة هيونداي على أهمية هذه الاتفاقية مع شركة أرامكو السعودية ليس فقط بصفتها أكبر شركة نفط في العالم تشتري حصة من أسهمها والتي من المؤكد أن تساهم في زيادة قيمة “هيونداي أويل بانك” إلى حد كبير، ولكن أيضاً لمنح المجموعة الفرصة لكي تكون جزءًا من أرامكو والتي ستساعد شبكة أعمالها على الارتقاء بقدرات أعمال “هيونداي” إلى المستوى التالي حيث تعتمد المجموعة على انضمامها إلى شبكة أرامكو لتمهيد الطريق أمام فرص أعمال جديدة في مجالات مثل البتروكيماويات وتطوير حقول النفط وتصنيع مواد التشحيم.
ونوهت المجموعة الكورية بالتلاحم الملحوظ بينها وشركة أرامكو السعودية حتى الآن من خلال التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك بناء السفن وبناء المحركات، ومنها بناء أكبر حوض لصناعة السفن في المنطقة والجاري تشييده حالياً بحجم استثمارات تقدر بنحو 15 مليار ريال مع خطط لإنشاء مشاريع مشتركة خلال هذا العام. ويتطلع الشريكان للعمل معاً بشكل أوثيق لفائدة ثنائية مشتركة في أن تُمنح المجموعة فرصة لدفع نمو الأعمال التجارية والتقدم في سوق الشرق الأوسط بينما تساهم أرامكو السعودية في توسيع البنية التحتية للبلاد وخلق فرص العمل.
وقالت “هيونداي” إن أرامكو أكبر شركة نفط في العالم مسؤولة عن 15 % من النفط الخام المنتج عالمياً، قد اجتذبت إلى إمكانات النمو الهائلة لشركة “هيونداي أويل بنك” والتي أثبتت تقدماً ملحوظاً في إنتاجيتها وربحيتها المرتفعة بنسبة 40.6 % وهي الأعلى بين مصافي النفط في كوريا الجنوبية، ملفتة إلى الثقة المتبادلة المبنية على مذكرة التفاهم العامة الموقعة بين أرامكو السعودية ومجموعة هيونداي للصناعات الثقيلة في نوفمبر 2015 للتعاون في مختلف فرص تطوير الأعمال والتي كان لها تأثير إيجابي على قرار الاستثمار.