أهدى الكاتب الصحافي محمد الساعد لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في استقباله للإعلاميين أمس كتابه الصادر حديثا “سفر برلك” الذي يحكي فيه عن واحدة من أفظع الجرائم التركية /العثمانية في المدينة المنورة.
كتاب “سفر برلك.. قرن على الجريمة العثمانية في المدينة المنورة” الصادر عن دار مدارك في إبريل الماضي، يرصد فيه الساعد تفاصيل الجريمة التي حدثت وقائعها قبل أكثر من 100 عام بحق أهالي المدينة المنورة، بعدما اقتحمها الجنود الأتراك أواخر عام 1915م، قادمين بكامل سلاحهم وعتادهم بأوامر مباشرة وصارمة من الباب العالي في إسطنبول؛ لتهجير سكان المدينة المنورة الأصليين وترحيلهم قسرا إلى خارج الجزيرة العربية. وهذا ما يفسره المعنى الحرفي لـ “سفر برلك” والتي تعني بالعربية “التهجيرَ القسريّ”.
يكشف الساعد بأن الحادثة كانت محاولةً لتحويل المدينة المنورة إلى ثكنة عسكرية تمهيدًا لتتريكها لاحقًا، ومن ثم فصلها عن الحرم المكي الشريف وإلحاقها تمامًا بالدولة العثمانية؛ لتصبح آخر حدود الدولة العثمانية داخل الجزيرة العربية. وانتدبت لهذه المهمة القذرة أحد أعتى رجالها وسفاحيها الجنرال فخري باشا.
ولتنفيذ المخطط وتسهيل عملية التهجير وتسريعها استخدم الأتراك قطار “سكة الحجاز” وحشروا فيه كل من يقع تحت أيديهم من السكان. وبحسب المصادر التاريخية؛ فإنه لم يبق في المدينة بسبب “سفر برلك” إلا قرابة المائة شخص من أهلها الأصليين الذين قُدر عددهم قبل التهجير القسريّ بأكثر من أربعين ألفًا، ولم يكتف الجنرال فخري باشا بذلك، بل أمر باحتكار المواد الغذائية الشحيحة أصلاً لصالح الجنود العثمانيين وتحويل المدينة إلى ثُكنة عسكرية مغلقة.
كما أورد الكتاب قصصاً حقيقية وشهادات حية لمدينيين عايشوا تلك التجربة الأليمة بعد أن غُرست في وجدانهم فلم تكن إلا كلمة مرادفة للألم والاحتلال الإجرامي في حقهم، وهي ما زالت تختبئ في الأنفس والذكريات القاسية التي عانتها بيوت وطرقات المدينة حتى الآن، كما يقول المؤلف.