صادمة وسلبية تلك النتائج التي أعلنت عنها شركات البتروكيميائيات عن الربع الثاني من هذا العام ولم يكن أغلب المحللين يتوقع مثل هذه النتائج المحبطة، ليست المشكلة هنا فقط بل إن السلبية قد تصاحب الشركات فيما تبقى من هذا العام، وقد تراجعت الأرباح أكثر من 56 % خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق وسجلت شركة كيان خسارة بحوالي 470 مليون ريال بالإضافة الى بترورابغ بحوالي 51 مليون ريال.. مع أن بترورابغ ليست مدرجة في قطاع البتروكيميائيات لأن نشاط البتروكيميائيات في الشركة لا يمثل إلا 20 % ولكنه أثر على أرباح الشركة بتراجع الأسعار وكمية الإنتاج، المنافسة في صناعة البتروكيميائيات اشتدت والمنافسون في العالم أصبحت لديهم القدرة على زيادة حصصهم في المبيعات مع القبول بأسعار منخفضة من أجل الحصول على حصة سوقية أعلى، وزيادة على ذلك فإن الطلب على المنتجات البتروكيميائية انخفض في ظل الحرب التجارية بين الدول الصناعية التي لا نعرف متى تنتهي وكيف يكون تأثيرها المستقبلي. ولم تقتصر على الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بل إن فرنسا دخلت في حرب جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية في الأسبوع الماضي حيث فرضت ضريبة جديدة على شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات مثل قوقل، وهدد الرئيس الأميركي برد مماثل ولا أظن أن هذه الحروب التجارية سوف تتوقف في ظل إصرار الرئيس ترمب على تنشيط اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية وحماية الشركات الأميركية من المنافسة غير العادلة وخصوصاً مع الصين التي تشكل هاجساً كبيراً لأميركا وعدم اتخاذ إجراءات قاسية للحد من نمو اقتصادها سوف يجعلها تتربع على عرش الاقتصاد العالمي قريباً، في الأسبوع الماضي فرض ترمب رسوماً جمركيةً إضافية بنسبة 10 في المئة على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار بدءًا من أول سبتمبر، كل هذه العوامل تؤثر بلا شك على نمو النشاط الصناعي الصيني وبالرغم من ارتفاعه خلال يوليو الجاري، لكنه واصل الانكماش للشهر الثالث على التوالي مع استمرار التباطؤ الاقتصادي في البلاد، وأظهرت بيانات صادرة عن الحكومة الصينية، أن مؤشر مديري المشتريات الصناعي سجل 49.7 نقطة في شهر يوليو الجاري، مقابل مستوى 49.4 نقطة في يونيو السابق له وكما هو معلوم فإن نزول مؤشر مديري المشتريات عن 50 نقطة فإن هذا يعبر عن انكماش في النمو، وهذا الانكماش إن استمر خلال النصف الثاني سوف يخفض الطلب على النفط وكذلك منتجات البتروكيميائيات والتي تعتير الصين من الدول الأكثر طلباً لها والسوق الصيني من أهم الأسواق لشركات قطاع البتروكيميائيات السعودي، الانكماش طال أيضاً أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وهذا تحدٍ صعب لشركات البتروكيميائيات وقد يسبب لها المزيد من نزيف الأرباح وقد تؤجل معها الشركات مشروعاتها التوسعية في ظل الضبابية التي تخيم على مستقبل الاقتصاد العالمي والذي أشار إلى شيء منه صندوق النقد الدولي مؤخراً في موجز لتقريره الفصلي بشأن “آفاق الاقتصاد العالمي” وذكر فيه بأن الأرقام الصادرة عن إجمالي الناتج المحلي حتى منتصف العام الحالي، فضلاً عن تراجع التضخم بوجه عام، تشير إلى أن النشاط العالمي أضعف من المتوقع وأضاف أن التجارة العالمية، التي تتركز بكثافة في الآلات والسلع الاستهلاكية المعمرة، لا تزال بطيئة.
ويحيط عدم اليقين بتوقعات تحسن النمو في 2020، فهي تقوم على افتراض استقرار الأوضاع في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الخاضعة للضغوط في الوقت الراهن والتقدم في تسوية الخلافات حول السياسات التجارية.
أما الضغوط الأخرى التي تواجهها الشركات البتروكيميائية هي نفقات التمويل التي شكلت عبئاً ثقيلاً على الكثير من تلك الشركات حيث تجاوز إجمالي الأعباء التمويلية 2.3 مليار ريال استحوذت شركة كيان على النسبة الأعلى من تلك الأعباء بحوالي 665 مليون ريال وكانت من أبرز العوامل التي حولت الشركة إلى الخسائر مرة أخرى وتواجه الشركة تحدٍ كبير يتمثل من رفع معدل النمو في مبيعاتها بالإضافة الى خفض القروض التي تتجاوز 20 مليار ريال كذلك تغطية الخسائر المتراكمة التي عاودت الظهور بحوالي 477 مليون ريال وكانت الشركة قد نجحت خلال الربع الثالث من العام الماضي إلى تغطيتها بشكل كامل، شركة سابك عملاق صناعة البتروكيميائيات لاشك أنها قادرة على مواجهة التحديات حيث تنتشر مصانعها في أنحاء العالم مما يخفف عليها بعضاً من الأعباء وتجنبها الأحداث الجيوسياسية التي تخيم على منطقة الخليج العربي كما أن استحواذ شركة أرامكو على حصة 70 % من الشركة سوف يعزز قدرتها على المنافسة والحصول على اللقيم بأسعار تفضيلية وخصوصاً بعد الانتهاء من تنفيذ أكبر مجمع متكامل في العالم لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيميائية في المملكة، هذا المشروع يساهم في تنويع مواد اللقيم المستخدم في صناعة البتروكيميائيات في المملكة والتركيز على استغلال النفط ضمن إحدى الثروات المتاحة لتكون خاماً ولقيماً مثالياً لإنتاج البتروكيميائيات مباشرة من النفط.