نشر مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية دراسة مهمة العام الماضي تركّز على رفع قيمة النفط وسبل توفيره بالداخل وفق سياسات مقننة تضمن الاستخدام العادل، وتطرقت هذه الدراسة للسياسات التي يمكن أن تتخذها المملكة لتوفير النفط، ورفع كمية تصديره بهدف زيادة كفاءة الاقتصاد المحلي وإمكانية رفع دخل المملكة من صادرات النفط وتحسين مستوى المعيشة. واستعرض الباحث المختص في مجال الاقتصاد والطاقة المهندس محمد زكري جوانب من تفاصيل هذه الدراسة وخططها العريضة، حيث ركزت السياسة الأولى على رفع كمية إنتاج النفط، وهذا بدهي فالمملكة قادرة على ذلك، ولكن ارتباطها بالسوق العالمي ومنظمة أوبك على وجه التحديد يحكمها بكمية إنتاج محددة ومتفق عليها، وتطبيق هذه السياسة يحتاج لتكلفة إضافية تصل إلى 9,3 $ لكل برميل، علماً بأن المملكة دائماً ما تلعب دور المرجح في ظل انخفاض إمدادات السوق لتعيد توازن السوق والمحافظة على الأسعار عن طريق رفع إنتاجها أو تخفيضه وهي الدولة الوحيدة القادرة على رفع إنتاجها من النفط في وقت قصير إذا ما دعت الحاجة، وتناولت السياسة الثانية، زيادة حصة الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء، حيث إن الطاقة الكهربائية حالياً في المملكة تعتمد على النفط ومشتقاته كوقود أساسي لتشغيل محطات الكهرباء والتحلية واقترحت الدراسة أن تستورد المملكة الغاز أو أن تقوم بزيادة إنتاجه بهدف إنتاج الكهرباء واستبداله بالنفط لرفع وزيادة كمية تصدير النفط حيث تبلغ تكلفة استيراد الغاز 8,2 $ لكل MMBtu. وقد أعلنت عن خطة طموحة لمضاعفة إنتاج المملكة من الغاز من 12 مليار قدم مكعب إلى 24 ملياراً حيث بلغ حجم الاستثمار في شمال المملكة لإنتاج وتوريد الغاز غير التقليدي قرابة عشرة مليارات ريال يُستخدم بشكل أساسي في مشروع وعد الشمال لتوليد الكهرباء.
وبين أن السياسة الثالثة تعنى بزيادة كفاءة محطات الكهرباء اللي تعمل بالغاز، حيث تهدف هذه السياسة لرفع كفاءة المحطات الحالية واستبدال النفط بالغاز وتبلغ تكلفة زيادة 1 % لـ 1964 $ لكل كيلوواط للمحطات المزدوجة التي تعمل بالغاز علماً بأن معدل كفاءة المحطات الحالية في المملكة في وقت سابق حول 34 % وتستهدف المبادرات الحالية لرفعه إلى 43 % عن طريق الاستفادة من تقنيات المحطات المزدوجة والاستعانة بالغاز كوقود بدلاً من النفط، وجاءت السياسة الرابعة حول بناء محطات بالطاقة المتجددة مع تثبيت المحطات التي تعمل بالغاز واستبدال المحطات التي تعمل بالنفط بمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتخطو المملكة خطوات ثابتة لإدخال 58.7 جيجا واط في 2030 وخصوصاً بعد إنشاء مكتب تطوير مشروعات الطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية والذي يعمل حالياً على إطلاق الجولة الثانية من برنامج الطاقة المتجددة بطرح سبعة مشروعات للطاقة الشمسية الكهروضوئية شملت المشروعات كلاً من مشروع القريات (200 ميجاواط) ومشروع المدينة المنورة (50 ميجاواط) ومشروع رفحاء (45 ميجاواط) ومشروع الفيصلية (600 ميجاواط) ومشروع رابغ (300 ميجاواط) ومشروع جدة (300 ميجاواط) ومشروع مهد الذهب (20 ميجاواط).
وأضاف الزكري تهتم السياسة الخامسة في هذه الدراسة، بزيادة أسعار الوقود المحلي ورفع الدعم التدريجي وقد قامت المملكة بشكل فعلي بتطبيق هذه السياسة التي من المتوقع أن يكون تأثيرها إيجابياً على الاقتصاد المحلي وتقليل الهدر والاستهلاك المحلي الذي يعد من الأعلى على مستوى العالم للفرد حيث يبلغ معدل صرف الفرد في المملكة 45 برميلاً في السنة مقارنة بـ 22 برميلاً سنوياً للفرد في أميركا و11 برميلاً سنوياً للفرد في ألمانيا، بينما تركز السياسة السادسة على زيادة كفاءة الأجهزة الكهربائية التي تستهلك كهرباء عالية ورفع كفاءة الاستهلاك في المنازل والمصانع والمؤسسات الحكومية عن طريق استخدام أجهزة ذات كفاءة عالية واستخدام العوازل ورفع الوعي بأهمية التوفير في الطاقة وفعلاً هذا ما تقوم به المملكة عن طريق المركز السعودي لكفاءة الطاقة تولى مسؤولية الإشراف على ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال، وأيضاً والشركة الوطنية لخدمات كفاءة الطاقة – ترشيد.
وأخير تتمحور السياسة السابعة، على زيادة كفاءة النفط والمنتجات النفطية لإنتاج خدمات الطاقة وتحديداً خدمات النقل وهنا يقترح سياستين، الأولى معنية، ببرنامج سكراب السيارات عن طريق التخلص من السيارات القديمة أو تخفيف استقدامها نظراً لاستهلاكها لكميات عالية من الوقود، والثانية، زيادة استخدام السيارات الهجين والتي تعمل بالوقود والكهرباء والتي أصبحنا نشاهدها في الأسواق من شركات كورية وأميركية ويابانية.