أثارت توقعات النمو المنخفض للطلب العالمي على الأسمدة، والتي لن تتجاوز ما نسبته 1.4 % من الآن وحتى العام 2023، متخلفاً عن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي والصناعات الأخرى، حفيظة مسؤولي الصناعة الخليجيين الذين أبدوا مخاوفهم حيال تراجع الطلب المستقبلي على الأسمدة الذي يؤثر على معطيات تطور مناحي الصناعة مشددين في مؤتمر «جيبكا» العاشر للأسمدة المنعقد في عُمان، على أهمية تبني قطاع المغذيات الزراعية الخليجي الابتكار بما يخلق قيمة مضافة ويعزز من المميزات التنافسية بمنتجات متطورة ومستدامة، وذلك على ضوء المرحلة الجديدة التي يدخلها القطاع إقليمياً وعالمياً والتي تتسم بضعف معدلات النمو والتباطؤ الاقتصادي وازدياد عمليات الاستحواذ والاندماج عبر الصناعة.
في وقت بلغت عمليات الدمج والاستحواذ الضخمة أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال العشر سنوات الماضية، حيث بات الآن أكبر 10 منتجين للأسمدة يسيطرون على 45 % من حصة السوق، وأكد المتحدثون أن هذه البيئة التنافسية من شأنها أن تخلق المزيد من الفرص إلى جانب التحديات لمنتجي المغذيات الزراعية في دول مجلس التعاون الخليجي الذين يجب عليهم مواصلة خلق القيمة المضافة من خلال الابتكار والتكامل الاستراتيجي، بما يضمن لهم المحافظة على مكانتهم في هذه الأوقات التي تتسم بحالة عدم اليقين.
وقال د. عبدالوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيميائيات والكيميائيات: «يجب على صناعة المغذيات الزراعية في دول مجلس التعاون الخليجي الاستمرار في تعزيز مكانتها التنافسية وأن تحافظ على مرونتها في مواجهة المتغيرات المستقبلية والتي لا يمكن أن تتم دون الابتكار والاعتماد على القدرات المحلية والاستثمار في التكامل الاستراتيجي واستخدام التقنيات المتطورة والتدريب وتطوير المواهب الشابة التي تعد أهم رصيد في منطقتنا». وأشار إلى أن مؤتمر جيبكا للأسمدة قد شكل على مدار عقد من الزمن، منصة أساسية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين القادة العالميين والإقليميين والجهات التنظيمية وأقطاب الصناعة والأوساط الأكاديمية، لمعالجة القضايا الملحة والتحديات التي تواجه القطاع والعمل على توفير الحلول الدائمة في هذه البيئة الصناعية الأكثر ديناميكية وتعقيداً.
وشدد المؤتمرون بحاجتهم إلى الشراكات الاستراتيجية وتبادل الخبرات المستجدة بين المنتجين الخليجيين للتغلب على التحديات التي تواجه صناعة المغذيات الزراعية وهو أمر أساسي لضمان الأمن الغذائي العالمي، فمع التوقعات التي تشير إلى زيادة عدد سكان العالم إلى نحو 9.6 مليارات نسمة بحلول العام 2050 فسيكون لمنتجي المغذيات الزراعية دوراً أساسياً في معالجة الطلب المتزايد على الغذاء بالإضافة إلى تحسين إدارة المحاصيل الزراعية والمياه من خلال الاستخدام المتوازن والفعال للأسمدة. ونوه خبراء الصناعة بريادة المملكة وهيمنتها العالمية في صناعة الأسمدة الفوسفاتية بعد تدشينها المرحلة الأولى من منظومة مشروعات مدينة وعد الشمال الصناعية ومضيها قدماً في تنفيذ مشروعات ومرافق المرحلة الثانية بتكلفة إجمالية تبلغ 85 مليار ريال والتي سترفع إنتاج المملكة إلى تسعة ملايين طن سنوياً لتحتل المملكة المرتبة الثانية في العالم في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية لتساهم بدور محوري في الرفع من كفاءة الإنتاج الزراعي العالمي وتوفير الأمن الغذائي المستدام لتحقيق الرخاء العالمي.
كما ثمنوا النقلة الهائلة للمملكة في صناعة الأسمدة بكافة أنواعها وقيادتها لقطاع الأسمدة في دول الخليج والتي بلغ إجمالي إنتاجها أكثر من 43 مليون طن في 2018، وهو أعلى مستوى نمو سنوي منذ العام 2011، فضلاً عن خطط استثمارية لمشروعات خليجية جديدة بقيمة ثمانية مليارات دولار خلال السنوات المقبلة، في ظل توقعات أن تصل الطاقة الإنتاجية لقطاع الأسمدة إلى 49.8 مليون طن بحلول العام 2025 في وقت تأتي الزيادة المتوقعة بنسبة 95 % والبالغة 7.4 ملايين طن من السعودية والتي تعدّ المنتج الأكبر للأسمدة في المنطقة مدعمة بالمشروعات الضخمة في وعد الشمال وأبرزها المشروع المشترك بين شركات «معادن» و»سابك» و»موزاييك» باستثمارات تقدر بنحو 30 مليار ريال، ما سيرفع من حصة المملكة من إنتاج الأسمدة خليجيا من 51 % إلى 58 % بحسب الخطط الاستراتيجية لتنمية القطاع.
وتساهم مشروعات وعد الشمال بالدور الأكبر في تعزيز صادرات الأسمدة الخليجية البالغ نموها 7.3 % خلال السنوات العشر الماضية، وتمثل هذه الصادرات ما يقارب ثلث حجم الصادرات الكيميائية، حيث تم تسجيل 90 % منها كمبيعات للأسواق الدولية. ويسهم هذا النمو في صادرات الأسمدة بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي، حيث يوفر ما يقدر بنحو 6.7 مليارات دولار عبر النشاطات الاقتصادية غير المباشرة في المنطقة، بما في ذلك الخدمات المساندة والتعبئة والتغليف والتخزين والتوزيع، فيما أسهمت صناعة الأسمدة في دول مجلس التعاون الخليجي في نمو الصادرات غير النفطية لتحافظ دول المجلس على موقعها كأكبر مصدر لليوريا في العالم في 2018 بحصة بلغت أكثر من 32 %، وثاني أكبر مصدر للأسمدة الفوسفاتية بنسبة 14 %.