تعكس التصريحات الأخيرة للأمين العام لمنظمة OPEC محمد باركيندو في مؤتمر للطاقة بكازاخستان الأسبوع الماضي أن الأسواق النفطية حالياً تميل إلى حد ما إلى الاستقرار أكثر منه إلى الخلل رغم استمرارية تأثير عوامل الضغط عليها من قبل عاملين أساسيين هما الإنتاج الصخري الأميركي والنزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة، لذلك استبعد باركيندو أي اجتماع طارئ للمنظمة خصوصاً أن المملكة استعادت إنتاجها بسرعة كبيرة عقب الحادثة الإرهابية التي تعرضت لها مرافقها النفطية دون وقوع أضرار على الأسواق العالمية، الاجتماع السادس عشر للجنة الوزارية الخاصّة بمراقبة الإنتاج الذي عقد بأبوظبي في 12 من سبتمبر الجاري تضمن الاستمرار بسياسة الإنتاج بالإضافة إلى رفع مستوى التشديد في السياسة الإنتاجية لبعض الأعضاء الغير مطابقين، ورفع نسب مطابقتهم خلال الأشهر القادمة، وقياساً على إنتاج الدول الأعضاء في اتفاق OPEC+ خلال شهر أغسطس الماضي فإنه سيتم التشدد في المعروض النفطي بمقدار مليون برميل يومياً، وهي الطاقة الإنتاجية التي كانت خارج الاتفاق من قبل الدول الأعضاء لذات الشهر، لذلك من المتوقع حال زيادة نسب التزام الأعضاء وتحسّن مستويات المطابقة أن تحقق الأسواق النفطية المزيد من التقدّم نحو نطاق الاتزّان وصعود أسعار خام الإشارة برنت نحو الـ 65 دولاراً للبرميل للربع الأخير من العام الجاري 2019م، وكانت البيانات المسجّلة في إنتاج لشهر أغسطس الماضي توضّح تراجع الالتزام من (الاكوادور 13 ألف برميل يومياً – الغابون 25 ألف برميل يومياً – العراق 267 ألف برميل يومياً – نيجيريا 181 ألف برميل يومياً – أذربيجان 24 ألف برميل يومياً – ماليزيا 88 ألف برميل يومياً – المكسيك 23 ألف برميل يومياً – السودان 128 ألف برميل يومياً ودول أخرى)، المسار الذي اتخذته أسعار النفط خلال الأسبوع المنصرم كان تنازلياً عقب موجة قصيرة من الارتفاع نتيجةً للمخاوف من إمدادات النفط السعودية، إلا أن تطمينات سمو وزير الطاقة أرجعت الأسواق النفطية لسابق عهدها قبل الاعتداءات الإرهابية على مرافق النفط السعودية، لذلك فالنطاق السعري 60 – 64 دولاراً يعكس حال العوامل الأساسية لأسواق النفط، بيدَ أن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي لا زالت تضغط على مؤشرات الأسعار، كذلك البيانات الأسبوعية للمخزونات الأميركية.
وبنهاية شهر سبتمبر الجاري تكون الأسواق النفطية قد أنهت الربع الثالث من العام الجاري 2019م الذي سجلّت فيه أضعف أداء نتيجة عوامل الضغط المؤثرة بخلاف الربعين السابقين (الأول والثاني)، أما الربع الرابع القادم فلا يلوح في الأفق أي تغيرات كبيرة قد تحدث بأسواق النفط، وإنما استمرار للوتيرة الراهنة التي يغلب عليها نمط السجال بين عوامل الضغط والدعم، وطبيعة الحال فإن أي تقدّم إيجابي في ملف النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة فإنه يعني تقديم المزيد من الدعم لأسواق النفط وتعافي الأسعار وانتفاء المخاوف من أداء الاقتصاد العالمي، يضاف إلى ذلك أن تحسّن مستويات الالتزام من قبل الدول الأعضاء في اتفاق OPEC+ ورفع المطابقة وفقاً للحصص الإنتاجية المفترضة سيحسّن من أداء فاعلية الاتفاق بشكل أكبر بقية الربع القادم والتشددّ في المعروض النفطي بداخل الأسواق، وهو عامل التأثير المتوقع تنامي تأثيره خلال الفترة المقبلة، يزيد من قابلية ذلك في الفترة المقبلة الموافقة والالتزام الذي أبداه أعضاء اتفاق OPEC+ خلال الاجتماع الأخير في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، ما يعكس التقارب الكبير بين الأعضاء فيما يعزز قرب الأسواق النفطية من حالات الاتزان وبقاءها ضمن ذلك المحيط، بالإضافة إلى وجود عوامل دعم أخرى قادمة من خارج اتفاق OPEC+ تسهم في زيادة التشدد بالمعروض النفطي وهي مستويات الإنتاج في كلٍ من ليبيا وإيران وفنزويلا، فقد بلغ مجموع التراجع في مستوى الإنتاج لمجموع هذه الدول ما بين شهري يوليو وأغسطس 88 ألف برميل يومياً، فد سجّلت ليبيا تراجعاً في الإنتاج بمقدار 21 ألف برميل يومياً وذلك من 1,078 مليون برميل يومياً في يوليو إلى 1,056 مليون برميل يومياً في أغسطس، كما سجلت إيران تراجعاً بمقدار 24 ألف برميل يومياً وذلك من 2,218 مليون برميل يومياً في يوليو إلى 2,194 مليون برميل يومياً في أغسطس، وأخيراً فنزويلا سجّلت تراجعاً في الإنتاج بمقدار 43 ألف برميل يومياً وذلك من 755 ألف برميل يومياً في يوليو إلى 712 ألف برميل يومياً في أغسطس الماضي.