شهدت العديد من المحافظات اللبنانية، مسيرات حاشدة جابت الشوارع وباتجاه الساحات والميادين الرئيسية، وتركزت المطالب التى رفعها المحتجون المشاركون فيها على ضرورة سرعة تشكيل حكومة جديدة حيادية ومن الاختصاصيين المستقلين لإنقاذ البلاد من الانهيار المالى والاقتصادى.
وشملت المسيرات، الطريق الرئيسى المؤدى إلى قصر “بعبدا” الجمهورى، حيث احتشد فريقان بصورة أساسية، الأول من أعضاء التيار الوطنى الحر ومناصرى رئيس الجمهورية ميشال عون، والثانى من المتظاهرين والمحتجين لاسيما من يطلقون على أنفسهم عناصر الحراك المدنى الذى يضم أحزابا تمثل المجتمع المدنى.
وكثفت العناصر الأمنية، لاسيما قوت مكافحة الشغب إلى جانب قوات الجيش اللبنانى والحرس الجمهورى من تواجدها فى الطريق الرئيسى المؤدى إلى قصر بعبدا، وقامت بالفصل بين فريقى المتظاهرين ومؤيدى الرئيس عون، وذلك عبر جدار بشرى عازل، منعا لحدوث أية احتكاك أو اشتباكات بين الجانبين، وتحويل حركة السير إلى طرق أخرى فرعية بديلة.
ورفع مناصرو الرئيس اللبنانى صوره وأعلام لبنان، مؤكدين أنهم يدعمون مواقف الرئيس ميشال عون خصوصا فى ما يتعلق بتريثه فى الإعلان عن تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة التى يقوم بمقتضاها النواب باختيار رئيس الوزراء الجديد ومن ثم تكليفه تشكيل الحكومة، مؤكدين أن “عون” يعمل على تذليل العقبات أمام عمليتى التكليف والتأليف الحكومى، حرصا منه على سرعة تشكيل الحكومة وانطلاقها فى العمل بصورة فورية ولإنقاذ البلاد.
وقالوا، إن رئيس الجمهورية سبق وأطلق نداءات ومناشدات عديدة للمتظاهرين للتحاور معهم والوقوف على مطالبهم غير أنهم لم يستجيبوا له، مشيرين إلى أن موقع رئاسة الجمهورية لا يجب أن يتم التعرض له، أو أن يكون محل تجاذب سياسى أو اهتزاز، لاسيما وأن معظم السلطات والصلاحيات التنفيذية أحيلت إلى مجلس الوزراء مجتمعا بمقتضى وثيقة الوفاق الوطنى (اتفاق الطائف).
من جانبهم، دعا المتظاهرون من الجهة الأخرى فى الطريق المؤدى إلى القصر الرئاسى إلى سرعة تشكيل حكومة جديدة من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين بمنأى تام عن الولاءات السياسية والاصطفافات المذهبية والطائفية والأحزاب والتيارات القائمة، حتى يكون بإمكان الحكومة إنقاذ البلاد وانتشالها من عثرتها، محملين الطاقم السياسى الحاكم مسئولية التدهور الاقتصادى والمعيشى.
وطالب المتظاهرون والمحتجون، أن يعلن رئيس الجمهورية بصورة فورية عاجلة موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة، مؤكدين أن التباطؤ فى تحديد موعدها يحدث حالة من الشلل فى إدارة الدولة ويضر بالمصلحة العامة ويغرق البلد فى الفراغ السياسى.
من ناحية أخرى، رفعت المسيرات التى تجوب شوارع العاصمة (بيروت) وعدد المحافظات الأخرى، وشارك فيها عسكريون متقاعدون وتجمعات مهنية أخرى متعددة، شعارات تندد بالانهيار الاقتصادى وما اعتبروه عدم تجاوب السلطة السياسية مع مطالب الشارع والاحتجاجات الحاشدة، كما رفض المتظاهرون العودة إلى أجواء الحرب الأهلية اللبنانية، مؤكدين أن انتفاضتهم سلمية بالكامل وتستهدف تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
كما قام المحتجون، فى مدينة طرابلس (شمالى البلاد) بتنظيم مسيرات تجوب الشوارع تؤكد الالتزام بالشعار الذى أطلقته الانتفاضة قبل شهر ونصف (كلن يعنى كلن) برحيل الطبقة السياسية بالكامل، ورفعوا لافتات تطالب رئيس الجمهورية بالاستقالة من منصبه، محملين إياه جانبا كبيرا من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية.
وأكدوا، أن الطاقم السياسى الموجود حاليا بكامل عناصره تسبب فى انهيار الوضع الاقتصادي، وأن المرحلة الراهنة من عمر البلاد تتطلب أشخاصا مستقلين يستشعرون أوجاع الناس ومتاعبهم بعيدا عن الحسابات الشخصية والمذهبية والطائفية والسياسية ويتولون السلطة لإنقاذ البلاد.
ويشهد لبنان منذ مساء 17 أكتوبر الماضى سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة فى عموم البلاد، اعتراضا على التراجع الشديد فى مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذى أصاب الخدمات التى تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعى.