تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- افتتح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، أمس، منتدى الرياض الدولي الإنساني بدورته الثانية الذي ينظمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في فندق كروان بلازا الرياض، بحضور أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وقيادات المنظمات المحلية والخليجية والعربية والدولية الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الأممية العاملة في الحقل الإنساني والخبراء في هذا المجال.
تحدٍ جديد
وخلال الحفل ألقى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض كلمة رحّب فيها بالحضور ناقلاً لهم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-. وقال سموه: “إنكم تجتمعون اليوم لمهمة إنسانية نبيلة في ظل الأزمات السياسية والكوارث الطبيعية التي تشمل العديد من مناطق العالم واتساع نطاقها حيث لم تعد هي التحدي الوحيد أمام المعنيين بالعمل الإغاثي والإنساني وفي مقدمتهم منظمات الأمم المتحدة، بل إن التغيرات المناخية التي بلغت مستويات قياسية تمثل تحديًا يتطلب تدخلات نوعية، لكن الأمل معقود -بعد الله- عليكم في أنكم بعزائمكم القوية وآفاقكم الواسعة، قادرون -بإذن الله- على الوصول إلى حلول مبتكرة وفعالة لمواجهة التحديات التي تواجه العمل الإنساني في مناطق الكوارث والأزمات، وتطوير الأعمال الإنسانية وتقديمها للمتضررين في جميع أنحاء العالم بأعلى معايير الكفاءة والجودة؛ لا سيما أن نمط الأزمات يتطور بشكل متسارع، وما كان معيارًا للجودة بالأمس لا يكفي اليوم للاستمرار”.
وأضاف سموه: لقد دأبت حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على رسم الخطط ووضع الأسس لاستمرار ما قامت عليه هذه الدولة من رعاية الجوانب الإغاثية والإنسانية ومد يد العون للمحتاجين في شتى بقاع الأرض ممن يتعرضون للاضطهاد والتهجير من أراضيهم وتجتاح بلدانهم الحروب والكوارث، وهم يتطلعون إلى أن تمد إليهم يد العون ليتغلبوا على ما هم فيه من محن.
نهج ثابت
وقال سموه: “إن المملكة وفق رؤية عظيمة أسهمت في تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه الفئات من أجل مستقبل يضمن لها حياة كريمة، وما إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في الثالث عشر من شهر مايو لعام 2015م، إلا تأكيد على ما تسير عليه بلادنا من نهج ثابت يدعم هذا الجانب الإغاثي والإنساني، وتبنيه تنظيم مثل هذه المنتديات بالشراكة مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (الأوتشا)”، مشيرًا إلى حرص المركز على الاستفادة من الخبرات العالمية وتبادل الرؤى حول أفضل ما يمكن تقديمه في مجال العمل الإغاثي والإنساني وتطبيقه في مناطق الاحتياج، وهو ما يسعى هذا المنتدى لتحقيقه من خلال مشاركة كوكبة من العلماء والمتخصصين في هذا المجال الإغاثي والإنساني.
وتوجه سمو الأمير فيصل بن بندر في ختام كلمته بالشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين على تفضله برعاية هذا المنتدى المهم، ولسمو ولي العهد على متابعته الحثيثة لمجرياته وجلساته، آملاً سموه أن يُسفر عن توصيات دقيقة ونتائج تترجم -بإذن الله- إلى واقع عملي لإنجاح جهود العاملين في المجال الإنساني والإغاثي.
إنجازات مهمة
فيما أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود وزير الخارجية على أنّ السياسة الخارجية للمملكة تتركز على مبادئ منذ تأسيس المملكة إلى يومنا هذا وتحرص على إرساء الأمن والسلم الدوليين، ودعم الشعوب والمجتمعات المتضررة جراء الكوارث الطبيعية أو النزاعات، من خلال البرامج التي تقوم بها ومشاركة المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة لتحقيق فرص عيش كريمة ومكافحة الأوبئة والكوارث التي تهدد البشرية.
وقال: إن إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة يعد أحد المبادرات التي تبنتها المملكة ويشارك الأمم المتحدة في تنفيذ المشروعات والبرامج التي تخدم الدول المنكوبة، مشيراً إلى أن المركز حقق إنجازات مهمة خلال فترة وجيزة جعلته أحد رواد العمل الإنساني الدولي وذلك بما يقدمه من رسائل وأهداف سامية تضمن الحيادية والشمولية والانتشار وخلق المبادرات التي تحقق الاستجابة الإنسانية النبيلة
خطة استجابة لليمن
من جانبه كشف معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على رعاية المملكة لمؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2020 بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وقال إن المملكة تعيش نهضة كاملةً وتحولاً كبيراً يهدف إلى تحقيق رؤية طموحة بقيادتها الحكيمة التي جعلت الرياض محطة اهتمام العالم إنسانياً باحتضانها منتدى الرياض الإنساني والعديد من الفعاليات العالمية المهمة، وحرصت على دعم نمو الاقتصاد العالمي والتمية المستدامة للمجتمعات لتكون من أعلى الدول المانحة في العمل الإنساني لعقود من الزمن.
وبين أن منتدى الرياض الدولي الإنساني يعد امتدادًا للمناسبات والفعاليات الإنسانية العالمية الرامية لمواكبة أحدث التطورات ذات الصلة بالعمل الإنساني والإغاثي واستحداث تدابير عملية وفعالة تراعي الاحتياجات المتغيرة على أرض الواقع ويشارك في المنتدى 1.280 ممثلًا من 80 دولة يشكلون 228 جهة خارجية و156 جهة داخلية منها 21 منظمة أممية و46 منظمة حكومية بينهم مسؤولو ورؤساء هيئات إنسانية أممية ودولية، وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية و11 جامعة، والمجموعات البحثية المتخصصة.
وتابع أنّ المشاركين في المنتدى يستعرضون تعديل المبادرات الإنسانية لتعكس آخر التطورات على أرض الواقع من أجل تحسين مستوى الخدمات والمساعدات المقدمة لضحايا الكوارث الطبيعية والنزاعات، بمن فيهم اللاجئون وغيرهم من الفئات التي تحتاج إلى مساعدات عاجلة، كما شهد المنتدى ثماني جلسات علمية وجلستين في مجال الإعلام وجلسة في المجال التطوعي بمشاركة 61 متحدثًا.
كما يناقش المنتدى عدة محاور تشمل سبل تعزيز الربط بين العمل الإنساني والتنموي والتدخل الإنساني المبتكر في المجال الصحي، والتحديات الإنسانية لمشاكل الهجرة من البلدان الإفريقية، وحماية الأطفال والنساء والشباب في مناطق النزاعات والكوارث، والممارسة المهنية المبنية على البراهين في العمل الإنساني.
حراك إنساني
فيما قالت معالي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة ريم بنت إبراهيم الهاشمي إنه ليس بالغريب على مملكة الإنسانية، في ظل قيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، ومتابعة ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، أن تقود ما يمكن أن نسميه بالحراك الإنساني، لتُقدم بذلك المملكة للعالم أجمع نموذجًا حضاريًا للتعامل مع تلك الأزمات، بدءًا من سرعة وفعالية الاستجابة الإنسانية، وانتهاءً بدعم مسيرة التنمية والازدهار في مختلف مناطق العالم، بما يسهم كمحصلة نهائية في حفظ الأمن والاستقرار الدوليين، وضمان العيش الكريم لشعوب العالم.
وثمنت معاليها جهود مركز الملك سلمان للإغاثة الذي استطاع خلال فترة وجيزة من عمره أن يحقق إنجازات ويضع بصمة مميزة في خارطة العمل الإنساني، وأن يسهم في تخفيف من حدة المعاناة الإنسانية في المناطق التي عمل فيها، وهي إنجازات لم تكن لتتحقق لولا فضل الله ثم توجيهات قيادة المملكة ووجود فريق مميز بإشراف معالي المشرف العام على المركز الدكتور عبدالله الربيعة، مشيرة إلى العمل الإماراتي المشترك مع مركز الملك سلمان للإغاثة تجاه العديد من القضايا والأزمات الإنسانية، ومشيدة بالمملكة العربية السعودية التي أسست البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، لضمان تعزير الربط بين الإغاثة والتنمية وإعادة الإعمار.
فرصة مهمة
وشدد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك على أن هذا المنتدى يعد فرصة مهمة للحديث عن التحديات التي يواجهها النظام الإنساني والاتفاق على الطريقة التي يجب أن نعالجها بها، كما أعرب عن امتنانه للمملكة العربية السعودية لدعمها الكريم للأمم المتحدة، وخاصة تمويلها السخي للعمل الإنساني في اليمن، وذلك في كلمة نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وقال لوكوك: “إن العالم يواجه اليوم حالة من عدم الاستقرار والاضطراب، بسبب الحروب والاحتباس الحراري، ومن ثم فقد أصبحت الحاجة ماسة للتضامن والتعاون لإحداث التغيير من جراء المعاناة الإنسانية التي نراها اليوم التي نبعت من ثلاثة أمور رئيسة وهي الحالة الراهنة للجغرافيا السياسية تعني أن النزاعات أصبحت أطول أمدًا وأشد فتكًا؛ فالأشخاص العالقون في النزاع يعانون النزوح، والجوع والصدمات النفسية والاجتماعية، وذلك علاوة على فقدان سبل العيش، وتدهور المرافق التعليمية والخدمات الصحية، فلقد تسببت الحروب بالنزوح الجماعي، فهناك 70 مليون نازح حاليًا في جميع أنحاء العالم، كما أن المسلحين يُظهرون تجاهلًا متزايدًا للقانون الدولي الإنساني، فقد وضعوا المدنيين والبنية التحتية المدنية تحت مرمى النيران، إضافة إلى قتلهم المئات من عمال الإغاثة. مقدمًا في هذا الصدد جزيل امتنانه لسخاء المملكة العربية السعودية، التي قدمت العام الماضي 500 مليون دولار إلى الأمم المتحدة للعمل الإنساني في اليمن، وهو ما مكن وكالات الأمم المتحدة من التصدي للمجاعة، والحد من مستويات الجوع، وحماية الأسر وعلاج الكوليرا.
منصات واتفاقيات
وتفضل سمو أمير منطقة الرياض بإطلاق منصتي الزوار (اللاجئين) والبوابة السعودية للتطوع الخارجي، وتكريم كبار المتبرعين والمتطوعين والرعاة وسفراء المركز للعمل الإنساني.
بعدها قام سمو أمير منطقة الرياض بافتتاح المعرض المصاحب للمنتدى بمشاركة 27 جهة منها 11 جهة تبرز المشروعات الإنسانية والإغاثية المنفذة بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وشهد سموه توقيع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 16 اتفاقية مع عدة منظمات إنسانية وإغاثية، حيث وقع معالي الدكتور عبدالله الربيعة اتفاقية مع المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) “هنرييتا فور” لتعزيز الوصول إلى التعليم الأساسي وحماية الأطفال المتضررين من النزاع المسلح (أجيال المستقبل) لتقديم الخدمات التعليمية والصحية والحماية للأطفال السوريين اللاجئين من ذوي الإعاقة، كما وقع معاليه برنامج تعاون مشترك مع رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر محمد حجار، ووقع اتفاقية مع مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم لمكافحة الملاريا والوقاية منها في اليمن بقيمة 10.531 دولارًا، ووقع اتفاقية مع نائب المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان ديرجيه وردوما لتقديم خدمات الصحة الإنجابية الطارئة للنساء الحوامل والفتيات في اليمن بقيمة مليونين و588 ألف دولار، واتفاقية مع المفوض العام بالإنابة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين كريتسان سوندرز لدعم وتقديم الرعاية الصحية للمحتاجين الفلسطينيين في قطاع غزة بقيمة مليون و500 ألف دولار.
كما وقع معالي الدكتور الربيعة مذكرة تفاهم مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدكتور آدم تشارلز بوكس، واتفاقية مع الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند لتعزيز الحماية المتكاملة للنساء والأطفال المتضررين من النزوح في جوابلاند وصوما لاند بقيمة مليون دولار أميركي، واتفاقية مع معالي وزير الصحة العامة والسكان اليمني الدكتور ناصر باعوم لدعم وتأمين احتياجات مراكز الغسيل الكلوي باليمن.
ووقع المركز برنامج تعاون لتنفيذ حملات طبية مشتركة مع وكيل الشؤون التنفيذية برابطة العالم الإسلامي عبدالرحمن بن محمد مطر، ووقع كذلك برنامجًا للتعاون المشترك مع عضو مجلس إدارة مؤسسة البصر الخيرية العالمية الدكتور زياد السويدان لمكافحة العمى والأمراض المسببة له، واتفاقية أخرى مع المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية دريد معز لحماية وتمكين النساء والفتيات المتأثرات بالعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، والتوقيع مع السفير السوداني بالمملكة على مشروع لدعم وزارة الصحة السودانية بأدوية طوارئ ومحاليل وريدية بقيمة مليون و633 ألف دولار، ومشروع مع رئيس مجلس جمعية المصباح للتنمية الدكتور يوسف الغفيلي لتوفير مياه الشرب بحفر 500 بئر سطحي في جمهوريتي كينيا والصومال بقيمة مليون و100 ألف دولار، ومشروع آخر مع ممثل رئيس مجلس إدارة منظمة الوفاء العالمية يزيد بن سيف لتوفير مياه الشرب بحفر 163 بئرًا سطحيًا في النيجر بقيمة 400 ألف دولار.
كما وقع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مذكرة تفاهم مع جوني هيمبرق من منظمة المعونة الكنسية الفنلندية، ووقع مشروع الصندوق السعودي للتنمية مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بقيمة 10 ملايين دولار أميركي.