المخاطر والأزمات ارتبطت بالخليقة من عهد سيدنا آدم عليه السلام حتى يومنا هذا ، والبشر تتكيف في كل عصر لمواجهتها من خلال الإمكانات الموجودة ، فالأمراض والأوبئة والفيضانات والسيول والزلازل والبراكين والحروب وغيرها عرفت منذ بدء الخلق على الأرض .
الله سبحانه وتعالى عاقب قوم نوح بالفيضان وأنجى سبحانه سيدنا نوح ومن آمن معه ولكن بعد أن أمرهم سبحانه بإعداد العدة من خلال صناعة السفينة وكان قومه يسخرون منه في أرض قاحلة يصنع فيها سفينة ، ويدل ذلك على عدم وعيهم بأن من خلقهم من عدم قادر على يبيدهم بالغرق وهذا ما حصل بالفعل .
منذ القرن السابع عشر بعد ظهور الآلة البخارية وبداية عصر الصناعة ( الياقات الزرقاء ) حتى القرن العشرين وبداية القرن الحالي ( الواحد والعشرين ) طغت العولمة بعد تبنيها الاقتصاد واستخدام (It) أداة لها والقانون حاضنتها ، واستغلال سرعة تنقل الانسان بين المدن والدول والقارات وكذا زيادة استخدام الفضاء الرقمي في انتقال الأفكار ثم حركة وانتقال الأشياء بين الدول بسهولة غير معهودة ودون قيود ، دون النظر الى ما تشكله من أزمات ومخاطر على الكون والبشرية باعتبارها قد تكون مولده أو نافلة وهذا ما حصل مع فيروس كورونا المستجد (COVID-19).
عام 1979 صدرت رواية " المنصة " للكاتب الأمريكي ستيفن كينج تحدثت الرواية عن أنفلونزا قاتلة تمحو معظم الحضارات البشرية ، ومنذ ذلك اليوم كان يعتقد حدوثه في أي يوم من الأيام حتى وصل إلينا اليوم ، وأكد ستيفن كينج أن المرض الوبائي ولم يكن أحد مستعدًا حقا ، وهذا اكثر شئ مخيف ، وقد كشف ظهورنا (جائحة كورونا) وانتقالها بين المدن والدول بسهولة عدم الاستعداد لمواجهة المخاطر والأزمات مع وجود الحروب البيولوجية ، وقتل التخطيط الاستراتيجي بحثا واستشراف المستقبل حديثا ولكن بشكل نظري لا تطبيقي .
مع ظهور الثورة الصناعية قبل خمسة قرون تقريبًا والعالم والتاريخ يمضي في تلهف للتقدم من اجل الثروات المعرفية والتقنية وغيرها وعزز ذلك مفهوم القوة عند الإنسان العصري ودولته حتى صدق كثيرون مايلي :-
١- إن الطبيعة تحت السيطرة.
٢- الكواكب قيد الاستثمار .
٣- بقية المجرات قيد الاكتشاف .
٤- لم يكاد يذكر إلا بشيء قليل ان مسار التقدم المتسارع قد يرسم في الوقت نفسه الطريق الى الفناء.
٥- ولم يعي العالم ان منطق التدمير قد يكمن في منطق التدبير.
لذا نجد ان وسائل التنقل والتواصل المتنوعة الحديثة هي ذاتها التي جعلت العدو الخفي كورونا المستجد ( COVID-19) قادرا على التجول من بلدة أو مدينة أو قارة لأخرى ومن دولة لأخرى خلال دقائق أو ساعات أو أيام ، و اصبح الانسان محجوز في المنزل فيما جميع الكائنات الأخرى تتجول بحرية وراحة بال واصبحت تفكر ان البشرية انقرضت من على سطح الارض .
الأسلحة الفتاكة التي تبتكر وتتراكم هنا وهناك وتتسابق الدول في صناعتها والحصول عليها ، لم تعد قادرة على حماية الشعوب ، وكل ما يحتاجه البشر في عزلتهم والابتعاد عن الوباء أشياء وقائية وعلاجية بسيطة جدًا منها :-
١- اللقاحات و المعقمات والكمامات .
٢- أجهزة تنفس وما تيسر من غذاء .
٣- سرير في مستشفى إذا استدعت الحاجة .
٤- كادر طبي .
والجميع يطلب هذه الأشياء دون فروقات معتبرة بين شعوب ودول ومجتمعات تعد متقدمة ومتحضرة وأخريات تحاول التنمية ومغالبة التخلف ، حين نرى ولي عهد بريطانيا ورئيس الوزراء ووزير الصحة وغيرهم من السياسيين والقيادات في العالم محجورين مثلهم مثل بقية الناس في كافة ارجاء العالم والذي تجاوزات الإصابة على مستوى العالم خلال كتابة هذا المقال مليون ومائتين وأربعة وسبعون الف وتجاوزات الوفيات سبعون الف واقترب المتعافين من ثلاثمائة الف شخص نجد ان الجميع سواسية في التصدي لهذا الوباء أو المعالجة منه بغض النظر عن مركزه وشخصيته .
في الختام .... بينت أزمة جائحة كورونا ( COVID -19) منذ ان بدأت في بلد الصناعة الصين قبل أربعة أشهر وبقي العالم ينقل الأخبار عن الصين دون يستعد لمواجهة هذا الوباء والذي لا يحتاج الاستعداد الى طائره أو صاروخ أو قنبلة وإنما الى كمام ومعقم وجهاز تنفس وغذاء عجزت اغلب الدول عن توفيرها وهي تنافس وتتسابق على إنتاج الأسلحة التي تبيد البشرية ، دون ان تستعد للحد والتصدي للأزمات والمخاطر الناتجة عن الأوبئة أو بعض الأسلحة البيولوجية ومنها جائحة فيروس كورونا ونحن في زمن الذكاء الاصطناعي والذي يمكن أن يوظف في جمع المعلومات وتوظيفها ،وأخيرا الشكر والامتنان للكوادر الطبية التي تصدت ا بشجاعة لهذا الوباء و كانت محل تقدير واحترام الجميع ،،،،والسلام.
بقلم/ . د فيصل معيض السميري ( الطموح)