أعلن رئيس الوزراء الأردنى الدكتور عمر الرزاز، أمر الدفاع رقم 6 لسنة 2020 الصادر بموجب قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، ويهدف أمر الدفاع الذي أعلنه رئيس الوزراء خلال تصريحات متلفزة اليوم الأربعاء، إلى حماية حقوق العمال في مختلف القطاعات الاقتصادية في ظل التوجه لتشغيل بعض القطاعات تدريجياً مع استمرار حظر التجول.
كما يتضمن أمر الدفاع أسس الاستفادة من برامج الدعم لمختلف المؤسسات والأفراد في ظل التحديات الاقتصادية التي سببتها أزمة وباء كورونا.
واستهل رئيس الوزراء تصريحاته بالاشارة إلى الحديث النبوي الشريف “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، مؤكداً أن هذا مثلنا إن شاء الله في هذا البلد الطيب بقيادته الهاشمية الحكيمة لا ننعزل عن بعضنا البعض، ولا نلجأ للخلاص الفردي على حساب الآخرين، ونقف كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً ونتحمل الشدائد معاً، ونتجاوز هذا الخطب الجلل معاً، وهذا المفهوم الشامل ينطبق على صحة المواطن كما ينطبق على أمنه وعيشه.
وقال رئيس الوزراء، “نحن اليوم في ظل دولة القانون التي نسعى فيها إلى دولة قوية تطبق القانون بالتساوي على الجميع بدون محاباة حماية للمواطن ومجتمع قوي يعرف حقوقه وواجباته ويلتزم بالقانون ولا يتطاول الفرد فيه على حقوق الاخرين”.
وأضاف “نحن في دولة إنتاج تعمل بشراكة مع العامل وصاحب العمل لتذليل جميع الصعوبات وتستفيد من الفرص لحماية الاقتصاد الوطني وصولاً إلى التعافي إن شاء الله، وفي دولة تكافل تقدم فيها الخدمات الأساسية مهما كانت الظروف وتقدم الحماية الاجتماعية للفئات الاكثر تاثراً”.
وأكد الرزاز أن الأولوية الأولى هي لصحة المواطن، “وهذا ما يوجهنا له دائماً جلالة الملك عبد الله الثاني”، لافتاً إلى أننا إذا حافظنا على صحة المواطن، وتعاضدنا ونجحنا في الحد من انتشار وباء الكورونا، سنكون مؤهلين للتعافي اقتصادياً أيضاً، بإذن الله.
وقال رئيس الوزراء إن التجربة العالمية تشير إلى أنّ هذا البُعد القيمي الأخلاقي التعاضدي التكافلي يواكبه بُعد اقتصادي وإنتاجي، يؤدي إلى نفس الغاية، مؤكداً أن الدول التي يتشارك فيها الجميع في تحمل العبء والمسؤولي، والتي تستحدث برامج ووسائل لمساعدة العامل وصاحب العمل على الاستمرار وتفادي التعثّر وتسريح العمالة – لا قدّر الله – هي الدول والاقتصادات الأسرع انتقالاً من حالة الانكماش ومن حالة الركود إلى حالة التعافي.
وتابع الرزاز “في المقابل، الدول التي يسود فيها المنظور الضيق والآني للتعامل مع الأزمات وثقافة “اللهم نفسي”، فهي الدول التي تشهد تسريح نسب كبيرة من عمالها، وضعف القوة الشرائية، وتعميق الانكماش الاقتصادي، وصعوبة تعافي قطاعها الخاص خلال مراحل لاحقة”.
وأكد أن هدفنا في المرحلة الحالية على الصعيد الاقتصادي الإبقاء ما أمكن على فرص العمل، واستمرار عمل القطاع الخاص، مع الالتزام بإجراءات الحذر الصحّي، بشكل متوازن يضمن عدم تحميل أي طرف من أطراف الإنتاج العبء الأكبر، معتمدين على الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص الذي أثبت على مر السنوات وبجميع المراحل الصعبة التي مرت على أردننا الغالي أنه قطاع وطنيٌّ منتمٍ بامتياز.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن المسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، وبين المُصنِّع والموزّع، وبين المموّل والمشغّل، وبين المؤجّر والمستأجر، والحلقة الأهم، بين العامل وصاحب العمل، مؤكداً أن الآن وليس غداً هو وقت التراحم والتكافل والتآزر لما فيه مصلحة الجميع.
وأكد رئيس الوزراء، أنه تتجلّى اليوم قيم دولة التكافل، التي تعزّز كرامة المواطن وتحميه، والتي يتحمّل فيها الجميع أوزار هذا الظرف الصعب، لافتاً إلى أن الدولة لا تستطيع أن تحمل بمفردها، وكذلك صاحب العمل والعامل ومنوهاً بأن ما نشهده من مبادرات من قطاعنا الخاص الوطني ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومواطنينا في دعم المجهود الوطني “صندوق همة وطن” لهو خير دليل على تلاحمنا وتعاضدنا.
وأكد الرزاز أن بلدنا بخير، والحمد لله، “وكما نريد أن نكون أنموذجاً في مواجهة هذه الأزمة، نريد أيضاً أن نكون أنموذجاً في التعافي الاقتصادي منها”، مشدداً على أننا وعلى مدى مئة عام من عمر الدولة الأردنيّة، اعتدنا أنّ نحول الصعوبات والتحدّيات إلى فرص للنجاح والتقدّم والتغيير نحو الأفضل، “واليوم سنسير على هذا النهج، وسنطوّع الأزمة إلى نجاح جديد بعون الله، في ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة، وبسواعد أبناء شعبنا العزيز”.
وقال “من أجل ذلك كلّه، أصدر أمر الدفاع رقم (6) لسنة 2020”.
وأوضح رئيس الوزراء من خلال عرض مرئي جهود الحكومة في محاربة وباء كورونا والتحديات التي تواجه القطاع الخاص والاسس والتصنيف الذي سيتم اعتماده للتعامل مع الأزمة على المستوى الاقتصادي ودعم العامل وصاحب العمل خلال المرحلة المقبلة، مؤكدا اننا حرصنا على ان نعتمد على المعلومة الموثوقة والتشاور مع القطاع الخاص للوصول الى هذه الاسس.
وقال، “نحن نتحدث اليوم عن حماية العامل وصاحب العمل والاقتصاد الوطني”، مشيرا الى وجود اكثر من سيناريو للتعامل مع الازمة بالنظر الى عدد الاصابات والقدرة الاستيعابية لقطاعنا الصحي في التعامل معها .
ولفت الى ان السيناريو الاول مبني على ما شهدته بعض الدول التي تأخرت في التعاطي مع الفيروس واتخاذ الاجراءات الوقائية وتسجيل حالات تزيد على 600 حالة يوميا، والسيناريو الأفضل الثاني يوضح تجارب دول اخرى سارعت بعد اكتشاف الحالات الاولى الى التعاطي مع الامر ومنع الانتشار والحد من الحركة وزيادة اعداد الفحوصات، والسيناريو الافضل الثالث يتمثل بعدد محدود من الاصابات ضمن فترة محدودة وتنخفض الحالات الى ما يقارب الصفر بشكل يومي ويتعافى الوضع الصحي والوضع الاقتصادي .
وقال رئيس الوزراء، “نحن تقريبا في بداية هذه السيناريوهات الثلاثة والامر عائد لنا كمجتمع ومواطنين اي من هذه السيناريوهات نتبع”، معربا عن امله وثقته بوعي والتزام المواطن بأن يكون لدينا النموذج الافضل بأقل عدد من الاصابات وأقل عدد من الوفيات وان نعود الى التعافي الصحي بأقرب فرصة”.
وزاد، “هذا هو السيناريو الذي نسعى اليه جميعا ولكن هذا يتطلب من الجميع مستوى عاليا من الالتزام حتى اذا نجحنا ننتقل الى التحدي الاخر وهو التحدي الاقتصادي الذي يتطلب معالجة جميع مشاكله”.
ولفت الرزاز الى انه وفي بدايات الازمة كان القطاع الخاص يخشى من انقطاع سلسلة الانتاج وتساؤلات هل ستبقى الموانئ فعالة واستيراد مدخلات الانتاج والتصدير والكثير من التخوفات حول المواد الخام، مؤكدا ان الكثير من هذه التخوفات نزلت بشكل كبير بعد اتخاذ الحكومة اجراءات هامة امنت سلاسل الانتاج والتوزيع .
واشار الى ان اكبر تخوف لدى القطاع الخاص يتعلق باستمراريته وتوفر السيولة وقدرته على تحمل الكلف والرواتب، وايضا القوة الشرائية للمجتمع الاردني، مؤكدا ان هذين الامرين مترابطان، فإذا لم نتعاون جميعا ستنخفض القوة الشرائية الامر الذي ينعكس على صاحب العمل”.
ولفت رئيس الوزراء الى ان فريق العمل يدرس البدائل ويتحاور مع القطاع الخاص للخروج بأسس واضحة وشفافة قادرة ما امكن على توزيع الحمل بين جميع الاطراف حتى نتجاوز هذه الازمة، مشيرا الى ان قرار عدم التصريح لمؤسسات وقطاعات بالعمل حاليا يأتي في اطار سعينا وحرصنا على عبور هذه المرحلة من خلال التقليل ما امكن من حركة المواطنين .
واكد انه وبالتدريج ومع اطمئنانا الكامل بأن الأمور بخير فإن وزير الصناعة والتجارة والتموين يدرس مع القطاع الخاص المعايير التي ستضمن انتقال مؤسسات من غير مصرح لها بالعمل الى مصرح لها بالعمل شريطة الالتزام الكامل بمعايير الصحة والسلامة .
وقال، لدينا منشآت غير قادرة على العمل خلال المدى المنظور ومنها الفنادق وشركات السياحة والسفر بسبب ضعف الحركة السياحية عالميا مثلما ان المطاعم سيكون عملها محدودا في حال عدم توفر خدمات التوصيل لديها، في حين ان هناك منشآت عاملة جزئيا وكليا عن بعد مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي وهناك قطاعات ستتأثر على المدى الطويل مثل قطاع الانشاءات الذي قد يستعيد عافيته بالتدريج اذا التزم بمعايير الصحة والسلامة.
واكد رئيس الوزراء ان هناك فئة يجب ان نعنى بها وخاصة العاملين لحسابهم الخاص وعمال المياومة “وهؤلاء قد يكونون الأكثر تأثرا بهذه المرحلة وخاصة المنشآت الصغيرة غير المسجلة بالضمان الاجتماعي، ونحن ندعوهم جميعا للتسجيل بالضمان حتى نستطيع مساعدتهم في الاستفادة من البرامج المختلفة التي يقدمها الضمان”.
واختتم رئيس الوزراء حديث بالقول “لكل هؤلاء ولأننا بحاجة الى وسائل مختلفة للتعامل مع كل هذه الحالات، هناك برامج حماية اقتصادية تعنى بحماية المنشآت وانتقالها للمراحل القادمة بسلاسة، وبرامج حماية اجتماعية تركز على العامل واولئك الذين فقدوا مصدر رزقهم والفقراء”.
ولفت الى ان صندوق “همة وطن” هو نشاط ومساهمة للمجتمع الاردني بكل فئاته من قطاع خاص ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد الذين ابدوا استعدادهم للتكاتف وتجاوز هذه الازمة، شاكرا للجميع على تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة.