بدأت الدول الكبرى المنتجة للنفط، وفي طليعتها دول أوبك، اجتماعا أمس عبر الفيديو، بحثا عن اتفاق على خفض الإنتاج، بهدف دعم الأسعار التي انهارت مع تفشي فيروس كورونا المستجد.
واعتبر المسؤول في شركة “راشتاد إينرجي” بيورنار تونهاوغن” هذا المؤتمر الطارئ، الأمل الوحيد للسوق من أجل تفادي انهيار تام للأسعار، ووقف للإنتاج” في بعض المواقع.
ودعت المملكة التي بادرت إلى تنظيم الاجتماع، إلى “اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية”.
وجاء في بيان المملكة السابق الذي دعا لتنظيم الاجتماع “تود المملكة الإشارة إلى ما بذلته خلال الفترة الماضية من جهود للوصول إلى اتفاق في مجموعة (أوبك +) لإعادة التوازن في سوق النفط، حيث قامت بحشد التأييد لذلك من 22 دولة، من دول (أوبك +) إلا أنه تعذر الوصول إلى اتفاق لعدم الحصول على الإجماع.
وتدعو المملكة إلى عقد اجتماع عاجل لدول أوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى، بهدف السعي للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية.
وتأتي هذه الدعوة في إطار سعي المملكة الدائم في دعم الاقتصاد العالمي في هذا الظرف الاستثنائي وتقديراً لطلب فخامة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب وطلب الأصدقاء في الولايات المتحدة”.
وبحثت بلدان منظمة الدول المصدرة للنفط وشركاؤها في “أوبك بلاس” أمس خفضا كبيرا للإنتاج العالمي للنفط، وهو سلاحها الرئيس في مواجهة تدني الطلب العالمي على الذهب الأسود.
ويبدو أن هناك توافقا على اقتطاع عشرة ملايين برميل في اليوم من الإنتاج المشترك، ما سيمثل 10 % من الإنتاج العالمي.
وأوضح المحلل لدى شركة “سيب” بيارني شيلدروب أن المملكة وروسيا كانتا “في غاية الوضوح” بتأكيدهما على أنهما ستخفضان إنتاجهما “فقط إذا انضمت إليهما دول أخرى من كبار منتجي النفط”.
وتدفع الولايات المتحدة، المنتج الأول للنفط في العالم، في اتجاه اتفاق يخفف الضغط عن قطاعها، إذ إن تكلفة النفط الصخري المستخرج في هذا البلد مرتفعة ولا يعود إنتاجه مربحا مع مستوى الأسعار الحالي.
وبعدما كانت الشركات الأميركية تستخرج حتى الآن كميات قياسية من النفط، بدأ إنتاجها يتراجع مع انهيار الأسعار، فبلغ الأسبوع الماضي 12,4 مليون برميل في اليوم بالمقارنة مع 13 مليون برميل قبل أسابيع قليلة. ومن المتوقع ألا يتخطى 11,8 مليون برميل في اليوم كمعدل سنوي، وفق آخر تقديرات صدرت عن الوكالة الأميركية للمعلومات حول الطاقة.
وترغم قدرات تخزين الخام التي تكاد تصل إلى أقصى حدها الدول المنتجة على الحد من إنتاجها.
ورأى المحلل لدى شركة “أواندا” كريغ إيرلام أنه “إن كان مثل هذا الاتفاق لمصلحة الجميع، فهذا لا يعني حكما أنه سيتم التوصل إليه”.
وخلافا لدول أخرى، لا يمكن لواشنطن إملاء قرارات على منتجي النفط الأميركيين في ظل القوانين حول المنافسة التي تمنع الشركات من التنسيق في ما بينها.
ويسود العالم وضع غير مسبوق نتيجة التدابير البالغة الشدة المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع سعيا لاحتواء فيروس كورونا المستجد، ما سيؤدي إلى فائض نفطي في السوق قد يصل إلى 25 مليون برميل في اليوم في أبريل، بحسب “رايشتاد إينرجي”.
وإزاء التراجع الهائل في الطلب، وصلت أسعار النفطين المرجعيين برنت الأوروبي وغرب تكساس الوسيط الأميركي الأسبوع الماضي إلى مستويات غير مسبوقة منذ 2002 مسجلة أسوأ فصل في تاريخها.
وارتفعت أسعار النفط امس بفضل توقعات بأن كبار منتجي النفط في العالم سيتفقون على خفض للإنتاج، وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 1.2 بالمئة أو 41 سنتا إلى 33.25 دولار للبرميل بحلول الساعة 0529 بتوقيت جرينتش. وارتفع العقد لأعلى مستوى خلال الجلسة عند 33.90 دولار، ليسجل صعودا لليوم الثاني.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.3 بالمئة أو 82 سنتا إلى 25.91 دولارا للبرميل، بعد أن صعدت في وقت سابق بما يصل إلى 6.1 بالمئة.
وتنامت الآمال باتفاق لخفض ما يتراوح بين عشرة ملايين و15 مليون برميل يوميا بعد أن أشارت تقارير وسائل إعلام إلى أن روسيا مستعدة لخفض إنتاجها 1.6 مليون برميل يوميا وقال وزير الطاقة الجزائري إنه يتوقع اجتماعا “مثمرا”.
وخفض بذلك الحجم سيكون أكبر بكثير من أي خفض جرى الاتفاق عليه لإنتاج أوبك على الإطلاق من قبل.
وعقب اجتماع أوبك+، من المقرر أن يعقد وزراء الطاقة بمجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى اجتماعا للعثور على سبل للمساعدة في تخفيف آثار جائحة مرض كوفيد-19 على أسواق الطاقة العالمية. واعتبر محللو بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس جروب اتفاق الدول المنتجة للنفط على خفض إنتاجها بمقدار 10 ملايين برميل يوميا غير كاف لدعم أسعار الخام وزيادتها عن المستوى المنخفض الحالي.
وبحسب تقديرات المحللين وبينهم جيف كوريه ودميان كروفالين فإن الأسواق ستحتاج إلى خفض إضافي قدره 4 ملايين برميل يوميا حتى تتحسن الأسعار.