حولت عدة شركات بتروكيميائية في العالم بعض خطوط التصنيع لإنتاج المعقمات والمطهرات الشخصية وسط تفشي الفيروسات التاجية، الأمر الذي ساعد في الحفاظ على الطلب على البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) في مختلف أسواق العالم. وفي أميركا اللاتينية تمكنت الشركات التي لا تعمل عادةً في مجال المطهرات اليدوي، وهو أحد أكثر المنتجات المطلوبة عالمياً للتصدي للوباء، من تغيير الإنتاج ولاسيما شركات المشروبات وصناعة الدهانات والطلاء التي تمكنت بالفعل من إنتاج المطهرات والتبرع بها.
في وقت لا يزال العالم يشن حملة شاسعة معادية للبلاستيك في ظل مراجعات قوية للآثار الإيجابية والسلبية لاستخدامات البلاستيك التي كانت ومازالت محط اهتمام المنتجين والمستهلكين، وتسيطر على غالبية أطروحاتهم ومجادلاتهم على مر السنين. ووفقاً للبحوث، يحتاج العالم أن ينتج أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك سنويًا التي تدخل في الطبيعة والبيئة. وأكدت الدراسات البيئية أن 10 في المئة من نفايات البلاستيك ينتهي بها المطاف في المحيطات. وقد أثر ذلك على الحياة البحرية حيث تستغرق الأكياس البلاستيكية العادية ما بين 10 إلى 1000 سنة لتتحلل بينما البلاستيك الزجاجي يستغرق 450 سنة أو أكثر للتحلل.
وقد شهد ذلك معظم دول العالم التي تحظر استخدام المواد البلاستيكية، وهي خطوة جيدة نحو حماية البيئة، ولكن حينما يتعلق الأمر بطارئة مفجعة مثل جانحة كورونا والتي يلعب البلاستيك دوراً حساساً في التصدي للوباء، حيث إن معظم المستلزمات والمعدات والتجهيزات الطبية المستخدمة مباشرة في معالجة ومكافحة كورونا من البلاستيك مما جعل من العالم في حيرة من الأمر حول السياسات المعادية بشدة للبلاستيك في الوقت الذي أثبت الواقع أن لا غنى عن البتروكيميائيات في محاربة كورونا، حيث يمثل البلاستيك أقوى أعداء الفيروسات المتفشية من أزمة كورونا التي لا يمكن اجتثاثها والقضاء عليها من دون تدخلات البلاستيك.
وانتعشت أسعار البلاستيك الآسيوية، ولكن يحد الوباء من الدعم لمعظم الأسواق، ومع ذلك اكتسبت بعض المنتجات البتروكيميائية دعماً في الأيام الأخيرة، مع ارتفاع منحنى السعر الذي يشير إلى أنشطة إعادة التخزين، وقد لا يكون هذا الاتجاه مستدامًا، حيث يستمر الطلب الضعيف بشكل أساسي في عصر الوباء، ومع ارتفاع آفاق الاقتصاد العالمي لأعمق ركود. وحتى يثبت العالم أن اللقاحات الجاري اكتشافها تحارب الفيروس التاجي “كوفيد-19” المستجد من وباء كورونا، من غير المحتمل أن يتم تصور أي عودة إلى الحياة الطبيعية للعمل، وهذا يعني أن أسواق البلاستيك ستواصل مواجهة الرياح المعاكسة.
وارتفعت أسعار البولي بروبيلين الآسيوية وهي المادة الكيميائية الرئيسة المستخدمة لصنع الأقنعة الجراحية والتروس الواقية الشخصية وغيرها من المعدات الطبية، وسط تزايد الطلب العالمي، مما دفع عددًا كبيرًا من المنتجين الصينيين لزيادة الإنتاج في ظل ارتفاع الأسعار التي من المحتمل استمرارها لحين انقشاع الأزمة.
الجدير بالذكر أن المملكة تتزعم إنتاج البولي بروبلين في الشرق الأوسط بالمرتبط الأولى والثالثة عالمياً بقيادة شركة “سابك” بطاقات إنتاجية تقدر بأكثر من 8 ملايين طن متري سنوياً عبر مجمعات صناعية ضخمة في المدن الصناعية الجبيل وينبع ورابغ وبحجم استثمارات تقدر بأكثر من 50 مليار ريال معززة موقفها التنافسي إقليمياً وعالمياً. في وقت يقدر حجم الطاقات الإنتاجية العالمية للبولي بروبلين سنوياً بنحو 70 مليون طن تقريباً، والتوقعات تشير إلى ارتفاع بنحو 75 مليون طن في العام 2022 وفقاً لبيانات “بلاتس”.