أكدت الأحداث الدولية الأخيرة حول معترك خفض الإمدادات النفطية للسوق العالمي لإعادة الاستقرار لأسواق البترول الدولية في ظل أزمة كورونا التي عصف بصناعة النفط والمشتقات البترولية، مدى القوة الهائلة التي تتمتع بها المملكة في سياستها النفطية الثابتة التي تستهدف مصلحة الاقتصاد العالمي وقدرتها على توحيد الصف العالمي ومراعاة حقوق المنتجين والمستهلكين وما صاحبها من تجديد قوة التحالف بين أكبر المنتجين المملكة التي تقود أوبك، وروسيا التي تقود تحالف الدول من خارج أوبك، ونجاح البلدين في إتمام أكبر صفقات خفض الإنتاج في التاريخ بطاقة 9,7 ملايين برميل في اليوم ابتداء من مايو إلى يونيو، والتي ساهمت في إعادة الاستقرار والطمأنينة لسوق الطاقة العالمي بتحمل البلدين أكبر حصص الخفض 2,5 مليون برميل في اليوم لكل منهما، مما شجع الدول الأخرى بتقديم مبادرات المشاركة من خارج أوبك+ منها الولايات المتحدة وكندا والبرازيل والنرويج والمكسيك الذين تعهدوا أن يخفضوا 5 % أو 5 ملايين برميل يومياً.
وسعت المملكة وروسيا إلى تعزيز العلاقات القائمة بينهما على مبدأ احترام القوانين الدولية، والسيادة، علاوة على تطابق وجهات النظر الثنائية تجاه العديد من الملفات المعقدة على المستويين الإقليمي والدولي، ومنها ملف الاقتصاد الدولي، بوصفهما قطبي الاقتصاد النفطي اللذين أسهما بشراكتهما الاستراتيجية في استقرار أسعار النفط، وإيجاد توجه إيجابي في السوق النفطي. وأكد المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن المملكة وروسيا بحرصهما على إنجاز صفقة “أوبك+” الجديدة ساعدتا على تجنب انهيار السوق وانتشاله من حالة الفوضى وتساعد في الحفاظ على ديناميكيات أسعار مستقرة إلى حد ما في العالم.
ونوه بأن المستقبل يحمل الكثير من البشائر في قوة التحالف السعودي الروسي وما يؤكد ذلك المحادثة الأخير بين وزيري الطاقة في البلدين الأمير عبدالعزيز بن سلمان واليكسندر نوفاك اللذين أكدا على دأب البلدين للتواصل المستمر مع الدول الأخرى الأعضاء في أوبك+ وكذلك مع الدول المنتجة الأخرى للبترول لمتابعة مدى تطبيق بنود الاتفاقية التاريخية والنظر في التطورات وسبل الاحتراز لما يعكر أجواء الاتفاقية لضمان توازن العرض والطلب وموثوقية الإمدادات والمحافظة على أسعار مستقرة مستدامة.
ويؤكد البلدان الصديقان مدى التزامهما الراسخ بالتقيد بتنفيذ التخفيضات المستهدفة المتفق عليها خلال العامين المقبلين، مع مواصلة العمل المستمر لمراقبة أوضاع السوق البترولية عن كثب، معلنين بأنهما على أهبة الاستعداد لاتخاذ أي إجراءات إضافية بالمشاركة مع الدول الأعضاء في اتفاق أوبك+ والمنتجين الآخرين، للتعامل مع أي طارئ أو أي تطورات قد تربك الاتفاقية، مشددين على مدى الثقة التي وضعها البلدان في الدول الأخرى التي أبدت المشاركة الطوعية منها وأدت إلى نجاح الاتفاقية وبث الطمأنينة لسوق الطاقة العالمي.
وعزم البلدان على مزيد من تعزيز التحالفات الثنائية والدولية وتبادل الرؤى والأطروحات حول أزمات سوق النفط العالمي وأقواها أزمة حرب كورونا، مثلما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الصين 2016م التي شاركت فيها المملكة بوفد رأسه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، إذ أكدت المملكة وروسيا في اجتماع ثنائي على هامش القمة أهمية التعاون المشترك أو بالتعاون مع منتجين آخرين لبحث أوضاع السوق النفطي من خلال تشكيل فريق عمل مشترك لمراقبة ومراجعة أساسيات سوق النفط، وتقديم توصيات بالتدابير والإجراءات المشتركة التي تؤمِّن استقرار أسعاره وتجعلها قابلة للاستشراف، وأثمر هذا التفاهم في تطور التعاون بين منظمة “أوبك” وروسيا بشكل متسارع.
وشددت المملكة وروسيا في اجتماع أوبك+ الطارئ الذي دعت إليه المملكة الخميس الماضي على إعادة التأكيد على دور اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج وتمديد التفويض الخاص بها وعضويتها لكي تقوم بالمراجعة الدقيقة لأحوال السوق العامة ولمستويات إنتاج النفط ومستوى الالتزام بإعلان التعاون. إضافة إلى إعادة التأكيد على أن مراقبة الالتزام بإعلان التعاون سيجري تطبيقه على إنتاج البترول بناء على المعلومات المستمدة من المصادر الثانوية وفقاً للمنهجية المطبقة لدى الدول الأعضاء في أوبك. وحدد يوم 10 يونيو 2020 للاجتماع عبر تقنية “ويبينار” لتحديد الإجراءات الإضافية التي قد تكون مطلوبة لتحقيق التوازن في الأسواق.