يأتي تعميم رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور وليد الصمعاني بإلغاء عقوبة الجلد التعزيرية بناء على الأمر الملكي الكريم الصادر في 20 ربيع الثاني الماضي، والقاضي بعدم إصدار أحكام بالجلد في العقوبات التعزيرية، والاكتفاء بعقوبة السجن والغرامة والعقوبات البديلة وفق الأنظمة، والذي صدر بناء عليه قرار الهيئة العامة بالمحكمة العليا، بعدم إصدار أحكام بالجلد في العقوبات التعزيرية، والاكتفاء بعقوبة السجن والغرامة والعقوبات البديلة وفق الأنظمة، ويقول الدكتور فيصل بن منصور الفاضل رئيس لجنة الاقتصاد في الشورى والمختص بالقانون بأن قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا ينطلق من المبادئ التي قامت عليها المملكة والمستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية وما قضى به النظام الأساسي للحكم في المملكة من تحقيق العدل والمساواة وحماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، ويأتي امتدادًا للقرارات والخطوات التي اتخذتها الدولة في سبيل حماية وتعزيز حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، والتي شهدت تحولات نوعية وإصلاحات جذرية، عبر منظومة من الأنظمة والأوامر والقرارات.
ووصف الفاضل هذا القرار بأنه يعتبر نقلة نوعية وخطوة مهمة في تطوير مرفق القضاء بصفة عامة وتطوير القضاء الجزائي بصفة خاصة، وستسهم في تحسين الصورة الذهنية للمملكة وتصنيفها في سجل حقوق الإنسان وتعزيز جسور التواصل مع دول العالم والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان، ويعزز مكانة المملكة على مستوى العالم ويواكب رئاستها لمجموعة العشرين في عام 2020م.
ورحب عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية الدكتور هادي بن علي اليامي بقرار المحكمة العليا المتعلق بإلغاء عقوبة الجلد التعزيرية كشكل من أشكال العقاب والاكتفاء بالسجن أو بالغرامة أو بهما معاً، واعتبرها خطوة مهمة نحو التحديث والإصلاح والاستعاضة عن الجلد بالعقوبات البديلة ذات النفع، كما تأتي في إطار تقييد سلطة القاضي في إيقاع عقوبة الجلد تعزيراً وتفعيلاً لاختصاصات الهيئة العامة للمحكمة العليا بتقرير مبادئ عامة في المسائل المتصلة بالقضاء.
وعدَّ الدكتور اليامي تلك الخطوات بشهادة الجميع بمثابة نقلة نوعية وطفرة غير مسبوقة في إنجاز العدالة، وهي حلقة في سلسلة من الإصلاحات والإجراءات التي عززت ورسخت حقوق الإنسان في المملكة، وقال: وهذه المسيرة الإصلاحية والتي نجحت في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة تؤكد أن كل القرارات التي أقدمت عليها المملكة خلال السنوات الخمس الماضية لم تكن صدفة بل تشير لإيمان عميق من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأهمية العدالة وحقوق الإنسان كجزء رئيس من سعي القيادة السعودية أن تتبوأ المملكة المكانة المرموقة على المستويات العربية والإقليمية والإسلامية والدولية مع الحفاظ في نفس الوقت على الشريعة والثوابت الوطنية والإسلامية لأن العقوبة التعزيرية تختلف عن العقوبة الحدية التي لا اجتهاد للقاضي فيها، ولن يشملها هذا القرار للنص عليها في الشريعة الإسلامية، وسيجد القاضي الكثير من العقوبات الأخرى التي تساهم في إصلاح الجاني وتفيد المجتمع بعيداً عن عقوبة الجلد، ومن يراجع تاريخ المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يتأكد أنها قامت منذ اليوم الأول على أحكام الشريعة الإسلامية السمحة التي تؤكد على المبادئ والقيم السامية التي تصون كرامة الإنسان وتحمي حقوقه، لذلك تمثل هذا القرارات نقلة نوعية في فلسفة العقاب أمام القضاء السعودي، كما ستساهم في تحسين صورة المملكة خارجياً حيث يعمد البعض إلى انتقاد المملكة لتطبيقها مثل هذه العقوبة.
ويؤكد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله دائماً على دعم الأطر النظامية المتعلقة بحقوق الإنسان، وهي التي تشكل بحق سياجاً قوياً لحماية حقوق الإنسان، وباعتبار القضاء في مقدمة المؤسسات التي تحافظ على حقوق الإنسان فإن المملكة تؤكد دائماً على استقلالية السلطة القضائية بما يكفل تحقيق العدالة، وضمان حق التقاضي لجميع المواطنين والمقيمين.
وكان وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء قد أصدر أول أمس تعميمه إلى المحاكم لكافة المحاكم يتضمن تبليغ المحاكم للقرار الصادر من المحكمة العليا والذي تضمن أن على المحاكم -في سياق عقوبة الجلد التعزيرية- الاكتفاء بالسجن أو الغرامة بهما معاً أو عقوبات بديلة بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة أو قرارات بهذا الشأن، وأكد قرار إلغاء عقوبة الجلد التعزيرية جاء بعد دراسة الهيئة العامة للمحكمة العليا لعقوبة الجلد التعزيرية وآثارها المترتبة عليها، ووفقاً لاختصاص المحكمة الوارد في المادة 13 من النظام القضائي المنظم لاختصاصات الهيئة العامة للمحكمة العليا، ومنها تقرير مبادئ عامة في المسائل المتصلة بالقضاء.