أصدرت “الخبير المالية”، الشركة المتخصصة في إدارة الأصول والاستثمارات البديلة، تقريراً بعنوان “جائحة فيروس كورونا والاقتصاد السعودي”، والذي يعد ثاني تقرير لها تتناول فيه تأثير فيروس (كوفيد- 19)، أو ما يعرف بفيروس كورونا المستجد، على اقتصاد المملكة العربية السعودية، ويُعرض التقرير سيناريوهات محتملة بالاستناد إلى المعطيات الاقتصادية المتوفرة والجدول الزمني لإجراءات قيود الحركة والتباعد الاجتماعي، إلى جانب التحديات التي تواجهها المملكة في ظل انخفاض أسعار النفط.
ويحدد التقرير محاور رئيسة تؤثر على أداء اقتصاد المملكة، وهم: مدى استمرار قيود التباعد الاجتماعي، والحزم التحفيزية وإجراءات التقشف، وأداء أسعار النفط. وعند معاينة مدى استمرار قيود التباعد الاجتماعي، يقارن التقرير نسبة الوفيات في المملكة نتيجة فيروس (كوفيد- 19)، والتي تُعتبر من أقل النسب عالمياً حيث بلغت 0.94 % مقارنةً بالمتوسط العالمي الذي بلغ 7.01 % حتى الفترة الأخيرة. وتعد هذه النسبة المنخفضة عاملاً محفزاً للحد من إجراءات التباعد الاجتماعي وإعادة الأنشطة الاقتصادية بشكل حذر، مما يساعد في الحد من تأثير الفيروس على اقتصاد المملكة. وفي حين أن الحزم التحفيزية التي قدمتها حكومة المملكة، والتي وصلت قيمتها إلى 177 مليار ريال (أو ما يعادل 6 % من الناتج المحلي الإجمالي)، ستساعد في دعم أعمال شتى الشركات والمؤسسات في المملكة، إلا أن الإجراءات التقشفية من رفع لضريبة القيمة المضافة وإيقاف بدل غلاء المعيشة، قد تؤثر بشكل سلبي وجوهري على مستوى الاستهلاك في المملكة للعام الجاري، وقد تؤدي إلى تسرب الإنفاق الاستهلاكي إلى الدول المجاورة. وبينما تمكنت المملكة من تنويع مصادر دخلها، لا يزال النفط يلعب دوراً حاسماً في دعم الاقتصاد المحلي، ولقد أدت أزمة فيروس كورونا إلى تراجع سعر خام برنت بنسبة 67.84 % نتيجة تراجع الطلب العالمي. ومن المتوقع أن يظل الطلب ضعيفاً مقارنةً بالعام الماضي 2019م طالما أن حكومات العالم تواصل تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي ووضع القيود على حركة السفر التجاري والأنشطة السياحية.
ومع أخذ جميع هذه العوامل بعين الاعتبار، تعرض “الخبير المالية” ثلاثة سيناريوهات مختلفة لتأثير فيروس كورونا على الاقتصاد السعودي. ويفترض السيناريو المتفائل بلوغ ذروة الإصابات في نهاية شهر مايو الجاري، يتبعه تخفيف الحكومات لقيود التباعد الاجتماعي، مما يسهم في العودة التدريجية لحركة النشاط الاقتصادي وتعافيها، وستؤثر هذه العوامل على سرعة تعافي أسعار النفط، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 44 دولاراً خلال هذا العام. ووفقاً لهذه المعطيات، من المتوقع أن يرتفع عجز ميزانية المملكة ليبلغ 264 مليار ريال، مع بلوغ عجز الحساب الجاري 51 مليار ريال وتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.57 %.
ويفترض السيناريو الأساس تراجع الإصابات حول العالم بشكل تدريجي في شهر يونيو وعودة نمو الإصابات في الربع الثالث خلال الموجة الثانية، خصوصاً في الدول التي انخفضت لديها معدلات الإصابة في وقت سابق مثل الصين، ومن المتوقع تخفيف الحكومات لقيود التباعد الاجتماعي خلال شهر سبتمبر، مما يسهم في العودة التدريجية لحركة النشاط الاقتصادي، وستؤثر هذه العوامل على سرعة تعافي أسعار النفط، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 39 دولاراً خلال هذا العام حسب السيناريو الأساس، ووفقاً لهذه المعطيات، فمن المتوقع أن يرتفع عجز ميزانية المملكة ليبلغ 413 مليار ريال مع بلوغ عجز الحساب الجاري 115 مليار ريال وتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.35 %.