تستيقظ كرة القدم الأوروبية من سبات فيروس كورونا المستجد على واقع مختلف لما كانت عليه قبل الوباء، سواء كان بالنسبة للمباريات أو اللاعبين أو المشجعين، ولن يختلف المشهد خلف الكواليس لاسيما في مقاربة الأندية لنشاطها في سوق الانتقالات. مع عودة عجلة الدوري الألماني إلى الدوران خلف أبواب موصدة بوجه الجماهير ووفق بروتوكول صحي صارم للحد من تفشي الوباء، تستعد كرة القدم لمواجهة أزمة اقتصادية ومالية ستؤثر على كل جوانب اللعبة.
وسيكون ذلك جلياً بشكل خاص في سوق الانتقالات الذي شهد في السنوات الأخيرة إنفاق الأندية الكبرى مبالغ باهظة وخيالية لشراء اللاعبين، كانت أبرزها الصفقة القياسية لانتقال البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جرمان الفرنسي بقيمة 222 مليون يورو في العام 2017.
راقب الفرنسي داميان كومولي عن كثب كل هذه التطورات بعد أن ترك منصبه كمدير كرة القدم في نادي فنربغشة التركي في يناير الفائت.
وقال المدير الرياضي السابق لناديي ليفربول وتوتنهام الإنجليزيين: إنه يتوقع تراجع قيمة الصفقات “بنسبة بين 30 و50 في المئة مقارنة بالأسعار المعتادة وتراجع بنسبة 70 إلى 75 في المئة من نشاط” الأندية في السوق.
وسيشكل تراجع إيرادات الأندية جراء عدم بيع تذاكر المباريات بشكل كبير على ميزانياتها. أما في ما يخص التعاقد مع اللاعبين، فإن الموكلين بتلك المهمة لم يتمكنوا ببساطة من أداء مهامهم.
ويقول مارتن غلوفر مدير قسم الكشافة في نادي ساوثمبتون الإنجليزي: إن “الجزء الأكبر من عملي هو مراقبة الأهداف (اللاعبين) لأسواق الانتقالات المقبلة”، حيث غالباً ما يمضي الكشافون وقتهم يتنقلون من ملعب إلى آخر وبين البلدان لمشاهدة اللاعبين الذين يرغبون بالحصول على خدماتهم. ويتابع غلوفر الذي عمل سابقاً مع إيفرتون “أكون خارج البلاد كل أسبوع تقريباً. قد أسافر إلى باريس لمشاهدة باريس سان جرمان واليوم التالي إلى ألمانيا لمشاهدة لاعب آخر. يشمل أسبوعي ثلاث أو أربع مباريات مباشرة” من الملعب.
وشغل روبرت ماكينزي دوراً مشابهاً في فريق لوفن الذي ينافس في الدرجة الثانية البلجيكية والذي بات منذ العام 2017 مملوكاً لمجموعة “كينغ باور” التايلاندية مالكة نادي ليستر سيتي بطل إنجلترا العام 2016.
ويقول ماكينزي، الذي يتابع من أرض الملعب ما يقارب 20 مباراة في مختلف الدوريات خلال شهر واحد: “من الواضح أن للوضع الحالي آثاراً كبيرة على ما كان تاريخياً أهم جزء من العملية: تقييم اللاعبين مباشرة من أرض الملعب”.
ويضيف: “أفكر غالباً متى ستكون المرة المقبلة التي أجلس فيها بملعب كرة قدم لأتابع مباراة، من يعلم؟” إلا أن ماكينزي لم ينف أن فترة توقف المباريات وفرّت له وقتاً لتقييم الأمور والخيارات. في المقابل، أثار نيوكاسل يونايتد الإنجليزي الجدل عندما منح ستيف نيكسون، مدير قسم الكشافة، إجازة مع موظفي القسم بأكمله، مما أدى إلى تعطيل قسم مهم في النادي. على أي حال، كيف يمكن أن يخطط ناد في الدوري الممتاز لسوق الانتقالات الصيفية من دون معرفة ما إذا كان سيبقى في البرميرليغ الموسم المقبل أو إذا كان الموسم الحالي سيُستأنف من عدمه، لا سيما إذا نظرنا إلى التداعيات المالية؟ ويقول غلوفر: “هناك الكثير من الأمور التي لا يمكن تقييمها أو التنبؤ بها. لسنا بناد قد ينفق 80 مليوناً لشراء لاعب على كل حال”.
وتابع: “أنا متأكد أن الفرص ستقدم نفسها تلقائياً نظراً لكل ما حصل، سواء في الداخل أو في الخارج، ولكن الجزء الأصعب هو المالي”.
ويقر غلوفر أن المقاربة في سوق الانتقالات ستتغير للأبد. ساهم كومولي في إدخال استخدام البيانات والإحصاءات إلى كرة القدم الإنجليزية ويعتقد أن هذا النهج سيلقى رواجاً. ويقول كومولي: “ستستخدم ربما أندية أكثر البيانات والإحصاءات بدلاً من الكشافة المباشرة وقد تحقق الأندية أكثر عن اللاعب نفسه، عائلته وطريقة عيشه”. وتابع: “إذا كانت لي فرصة واحدة لمتابعة اللاعب مباشرة (من الملعب) أو أن ألتقيه مع عائلته، سألجأ إلى فرصة أن ألتقيه مباشرة”. ويعتقد الفرنسي أن الأندية التي ركزت على الكشافة عن طريق الفيديو والبيانات يمكن أن تخرج من الأزمة من دون ضرر على فرقها. ويشمل ذلك الأندية في الدرجات الدنيا أيضاً، بما فيها لوفن الذي سينتظر حتى أغسطس لخوض منافسات الـ”بلاي أوف” لمعرفة الدرجة التي سينافس فيها الموسم المقبل. ويؤكد ماكينزي “أعتقد أن العديد من الفرص ستتقدم لنا في النادي نتيجة الوضع الحالي، لم تكن في الحسبان سابقاً”.