كادت المصارف السعودية أن تسجل أرباحاً قياسية في الربع الأول من العام الحالي 2020 استناداً إلى الأرقام المحققة خلال شهري يناير وفبراير والتي قُدرت بحوالي 9.7 مليارات ريال مقارنة مع 8.8 مليارات ريال تحققت في الفترة نفسها من العام المنصرم إلا أن أزمة كورونا ألقت بظلالها على النتائج في نهاية الربع الأول وخصوصاً أن ذروة الأزمة كانت في شهر مارس بدءاً من خفض أسعار الفائدة بـ 75 نقطة أساس وكذلك قرارات الحظر التي دفعت ساما إلى إصدار تعليماتها للمصارف بإلغاء بعض الرسوم بالإضافة إلى تراجع حاد في عدد العمليات المصرفية التي عادة تعزز إيرادات المصارف، ومع ذلك استطاعت المصارف السعودية تحقيق نتائج جيدة في مثل هذه الأوقات الصعبة حيث كان التراجع في صافي الأرباح المجمعة بحدود 9 % وبعض البنوك حققت نمواً جيداً مثل بنك سامبا الذي حقق نمواً في حدود 20 % والبنك الأهلي الذي ارتفعت أرباحه في حدود 2 % ،أما أرباح القطاع في الربع الأول فهي أعلى من أرباح الربع الأخير 2019 بحوالي 8 %، هذه الأرقام عند مقارنتها مع أرباح البنوك العالمية نجد أن المصارف السعودية لديها قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق أرباح جيدة، على سبيل المقارنة نجد أن بنك جي بي مورجان أكبر المصارف الأمريكية تراجعت أرباحه بأكثر من 69 % أما أرباح بنك دويتشه الألماني فقد تراجعت أرباحه بحدود 67 % وكذلك تراجعت أرباح بنك HSBC الى النصف تقريباً وحذر البنك إلى أن القادم قد يكون أسوأ مع نمو مخصصات الديون الرديئة في خضم جائحة كورونا، تراجع أرباح المصارف السعودية كان ناتج عن تراجع دخل العمولات الخاصة التي سجلت نمواً في حدود 3 % ودخل العمليات ايضاً حقق نمو 3 % أما المصاريف فالبرغم من ارتفاعها 8 % إلا أن ذلك نمو طبيعي ولم يظهر أي تأثير للأزمة على المخصصات التي احتوتها مؤسسة النقد العربي السعودي عندما دعمت تأجيل أقساط التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر بضخ 30 مليار ريال في المصارف وأتوقع أن يساهم ذلك الدعم ايجابياً على عدم نمو المخصصات خلال الربع الثاني ومع عودة النشاط الاقتصادي خلال الفترة القادمة قد تتغلب الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة على ضعف ملاءتها المالية مع عودة التدفقات النقدية، أما الشركات الكبيرة فإن لديها فرصة جيدة لإعادة جدولة ديونها وخصوصاً أن أسعار الفائدة منخفضة وقد لا تتحمل أي أعباء إضافية عند سداد الديون المستحقة والحصول على تمويل جديد. موجودات المصارف السعودية نمت بحدود 12 % وهذه الأرقام تعطينا مؤشرات قوية على تمتع القطاع المصرفي السعودي بملاءة مالية تستطيع تجاوز أقوى الصدمات الاقتصادية، ودائع العملاء أيضاً حققت نمواً تاريخياً في نهاية الربع الأول حيث تجاوزت 1.8 تريلون ريال واستمرت السيولة العالية خلال شهري أبريل ومايو حسب مؤشرات عرض النقد الأسبوعي الذي يصدر عن ساما وما زالت تحقق نمواً كبيراً قد يُعزى ذلك إلى تراجع النفقات الاستهلاكية في ظل الحجر المنزلي، ولكن عندما نقيس ذلك بأحداث سابقة أو بما يحدث في بعض الدول في الأزمة الحالية فإن السيولة في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة وضبابية المشهد غالباً ما تدفع العملاء إلى سحب ودائعهم وتحويلها إلى الملاذات الآمنة وهذا لم يحدث في المصارف السعودية في هذه الأزمة يبدو أن الثقة التي عززتها الأحداث السابقة في الاقتصاد السعودي جعلت المصارف السعودية هي الملاذ الآمن للمدخرات وخصوصاً أن الاحتياطيات القوية لمؤسسة النقد قادرة بحول الله على دعم سعر صرف الريال مقابل الدولار، القروض المصرفية من أهم المؤشرات التي تقيس استدامة الأرباح نمت في حدود 11 % وهذا النمو الكبير قد يساهم في تخفيف الأثر الناتج عن خفض سعر الفائدة وتراجع مداخيل الرسوم البنكية وخصوصاً أن جزءاً كبيراً من القروض هي بسعر الفائدة الثابتة وقد لا تتأثر على الأقل خلال الفترة القادمة (الأرقام في الرسوم البيانية قد تختلف عن بعض المواقع المتخصصة في نشر نتائج الشركات والسبب يعود إلى أن نتائج الربع الأول للبنك الأول لم تكن مدرجة في نتائج بنك ساب في الربع الأول 2019 لأن عملية الاندماج حدثت في الربع الثاني ولذلك فإن الأرقام التي تنشر في المواقع الأخرى لا تشير اليها، وهذا يعطي مقارنات خاطئة ولذلك تم تضمينها مع نتائج بنك ساب لكي تظهر الأرقام عادلة وصحيحة عند عمل المقارنات بين المصارف). لا نعتقد بأن نتائج المصارف السعودية خلال الربع الثاني سوف تكون أفضل من نتائج الربع الأول لأن الربع الثاني سوف تظهر فيه آثار الأزمة على كل الشهور وقد تنخفض الأرباح بشكل أكثر حدة ولكن أثق تماماً بأن الانخفاض لن يكون مؤثراً على ملاءة المصارف ولا حتى على توزيعاتها النقدية وقد تنخفض حدة التراجعات خلال الربعين الأخيرين من هذا العام ونأمل أن تعود إلى النمو خلال العام المقبل.
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/2020/05/31/497756.html