قال مسئول مالي لبناني بارز إن بلاده وصلت إلى “طريق مسدود”، مشيرا إلى أن عجلة الإصلاحات متوقفة وأن الأزمة المالية والاقتصادية تستفحل وتقضي على ما تبقى من فرص متاحة للإنقاذ.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المدير العام لوزارة المالية اللبنانية، آلان بيفاني، عضو الفريق المفاوض الممثل للبنان مع صندوق النقد الدولي بغية الحصول على مساعدات مالية من الصندوق، والذي أعلن في المؤتمر استقالته من منصبه في الوزارة.
وقال بيفاني إن الدولة كان ينبغي عليها أن تبدأ بالإصلاح على جميع المستويات فورا ومن دون انتظار، وأن الوضع كان يتطلب إجراءات سريعة وفورية لإعادة هيكلة المالية العامة وكذلك الأمر بالنسبة للدين العام، وإعادة هيكلة مصرف لبنان المركزي والقطاع المصرفي برمته، وتنفيذ إصلاحات هيكلية.
وأشار إلى أن استقالته من منصبه تأتي كونه يرفض”أن يكون شريكا أو شاهدا على ما يمر به لبنان حاليا”. لافتا إلى أن الرؤية البديلة المطروحة للإنقاذ والمقابلة لخطة الإنقاذ المالي والاقتصادي التي وضعتها الحكومة، تقوم على الاستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة، وسحق الطبقة غير الميسورة، وتحميل فئات الدخل الأدني والمتوسط تبعات التكاليف الباهظة وتركها بين عدم قدرتها على الحصول على ودائعها في البنوك وتدهور العملة الوطنية (الليرة اللبنانية) جراء عدم وجود برنامج إصلاح جدي يسمح بإعادة تدفق الدولار باتجاه لبنان.
وشدد بيفاني على أن خطة الإنقاذ التي وضعتها الحكومة واستندت إليها في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، تقوم على أرقام صحيحة وتقييم سليم لما آلت إليه الأوضاع، وأنها كانت موضع ترحيب من المؤسسات المالية الدولية، معتبرا أن الجهات المعنية (القطاع المصرفي) جنت أرباحا طائلة على مدى سنوات طويلة من اللبنانيين ولكنها ترفض أن تساهم ولو بجزء في تغطية الخسائر.
من جانبها، اعتبرت جمعية مصارف لبنان أن “بيفاني” شن هجوما عدائيا على القطاعات الاقتصادية عامة والقطاع المصرفي بوجه خاص، وأن هذه القطاعات هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد اللبناني، كما أن القطاع الخاص في لبنان هو الأحرص على مستقبل لبنان، في ضوء تميزه طوال عقود بأدائه وإنتاجيته في محيطه الإقليمي.
وذكرت جمعية مصارف لبنان – في بيان لها الليلة – أن ما قرره بيفاني في مؤتمره الصحفي، يتعارض مع الوقائع والحقائق، ويفتقر إلى الدقة والموضوعية، داعية في نفس الوقت إلى الابتعاد عن كل سجال غير مُجد، وتركيز الاهتمام والجهود على دراسة السبل الكفيلة بإخراج لبنان من محنته القاسية ومعالجة مشاكله الجوهرية بالتعاون مع المؤسسات الدولية القادرة على إمداده بالدعم اللازم والضروري.
ويشهد لبنان أزمة مالية واقتصادية ونقدية حادة وتدهورا في الأوضاع المعيشية، على نحو غير مسبوق منذ فترة انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 .
وتسارعت وتيرة الأزمة الاقتصادية بصورة كبيرة تزامنا مع انتفاضة اللبنانيين التي اندلعت في 17 أكتوبر الماضي، حيث تشهد البلاد أزمات في مختلف القطاعات الأساسية، لاسيما ما يتعلق بالنقص في المحروقات والمشتقات النفطية، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وكذلك أزمات في العلاج والأدوية والقمح والخبز وغيرها، وارتفاع أسعار السلع والمنتجات والمستلزمات بصورة كبيرة.