دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، إلى أهمية تعزيز العمل العربي الجماعي من أجل التخفيف من وطأة أزمة جائحة ” كورونا المستجد” غير المسبوقة من حيث حدتها واتساع آثارها، خاصة على المجتمعات الأكثر هشاشة والتي كانت تُعاني بالفعل من أزمات خطيرة وضاغطة، ثم جاء الوباء ليُضيف إليها ويُضاعف من تأثيراتها.
جاء ذلك في كلمة “أبو الغيط” في الجلسة الافتتاحية للدورة (106) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية على المستوى الوزاري والتي انطلقت أعمالها اليوم “الخميس ” عبر تقنية “الفيديو كونفرانس” برئاسة رئاسة وزير المالية بدولة الكويت “براك الشيتان “ومشاركة وزراء الاقتصاد والتجارة والمالية بالدول العربية.
وقال “أبو الغيط” إن أزمة الوباء العالمي تُذكرنا مجدداً بمركزية العمل الاقتصادي الاجتماعي، مشيرا إلى أن الاجتماع يبحث اليوم عدداً من الموضوعات الهامة والحيوية؛ ولعل في مقدمتها التداعيات الصحية والتنموية المباشرة المترتبة على جائحة كورونا ، وما يرتبط بها من تداعيات اجتماعية واقتصادية شديدة الوطأة على المجتمعات العربية كافة.
وأضاف أن الأزمة أدت إلى فتح ملفاتٍ كثيرة على الصعيد العالمي، إذ انكشفت نقاط ضعف خطيرة في تركيبة الاقتصاد الدولي ومنظومة العولمة، وأهمية القدرة الطبية والصحية في مواجهة مثل هذه الأزمات ، حيث يسعى عددٌ كبير من الدول -بما فيها دول كبرى- إلى مراجعة سياساتها وتوجهاتها اقتصادية بهدف تعزيز أمنها الغذائي والصحي والدوائي في حالة التعرض للأزمات الكبرى والمفاجئة كأزمة الوباء.
وأكد أن المنطقة العربية أحوج ما تكون إلى هذا النوع من التفكير المستقبلي، وإلى استخلاص الدروس والعبر، ومعالجة نقاط الانكشاف والضعف، مشددا على أن الأمن الصحي والغذائي يُعد من أهم الملفات التي تستلزم معالجة عميقة في إطار العمل العربي المشترك، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.
ونبه “أبو الغيط” إلى أن المنطقة العربية لا زالت تُعاني من أكبر فجوة غذائية في العالم، ومؤشرات الفقر متعدد الأبعاد في ارتفاع مطرد، وثمة دول عربية، وبسبب انتشار الصراعات، تُعاني من أزماتٍ إنسانية مستفحلة، مؤكدا أن هذه الأوضاع تفرض “علينا جميعاً العمل بصورة حثيثة من أجل تعزيز التنسيق والتكامل بين السياسات العربية في المجالات الغذائية والدوائية، إلى غير ذلك من أوجه التكامل الاقتصادي ، خاصة في ظرف الأزمة”.
وشدد على أنه من بين الموضوعات المعروضة ضمن جدول أعمال اجتماع اليوم موضوعٌ عاجل وغاية في الأهمية؛ ألا وهو تداعيات الكارثة التي حلّت بالعاصمة اللبنانية إثر انفجار “مرفأ بيروت” ، مشيرا إلى أن هذه الحادثة تسببت في تدمير كامل للمرفأ، مضيفا “وقد عاينتُ الموقف شخصياً في زيارة تضامنية قُمتُ بها لبيروت بعد أيام قليلة من التفجير ، وتبينت آثارها الهائلة، وما وضعته من أعباء إضافية على كاهل لبنان الذي كان ينوءُ بالفعل جراء أزمة اقتصادية مستفحلة، كما استشعرت بالحديث المباشر مع أطيافٍ مختلفة من المجتمع قدر التأثير العميق والممتد لهذه الكارثة على بيروت ولبنان ككل، وفداحة الصدمة التي تعرضت لها هذه المدينة العربية العريقة التي بدت كأنها تُعاني آثار حرب، وليس مجرد انفجار، حيث تسببت الكارثة في وقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى، بالإضافة إلى عدد من المفقودين والمُشرّدين”.
وأشاد “أبو الغيط” ، في هذا الإطار، بالمساعدات الإنسانية والطبية العاجلة التي بادرت عدد من الدول العربية، مشكورةً، بتقديمها لنجدة الأشقاء اللبنانيين، وهو نهج يعكس ترابطاً عربياً عفوياً في مواجهة أي حادث طارئ، لافتا إلى أنه لمس خلال زياته لبيروت، مدى تقدير الأشقاء اللبنانيين لهذا الدعم العربي الإغاثي ، وتطلّعهم إلى مزيد من المساندة في هذا الظرف العصيب الذي تمر بها الدولة اللبنانية، خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار العاجل للمباني التي تهدمت توطئة لعودة المشردين لمنازلهم في أقرب وقت، موضحا أنه معروض أمام اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بندا مُفصّلا حول سبل تقديم الدعم للجمهورية اللبنانية اقتصادياً واجتماعياً لتمكينها من التغلب على تداعيات كارثة انفجار “مرفأ بيروت”.
وأكد “أبوالغيط” أن دعم الاقتصاد الفلسطيني يظل في مُقدمة الأولويات العربية، خاصةً في ظل استمرار الأزمة المالية التي تمر بها دولة فلسطين نتيجة للحصار الغاشم الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التعسفية التي تستهدف تقويض الاقتصاد الفلسطيني وحرمان هذا الشعب من حقه الأساسي في التنمية، مشيرا إلى أن جائحة كورونا جاءت لتُضاعف من المعاناة التي يكابدها بالفعل المواطن الفلسطيني، وأضحى تقديم الدعم والمساندة اللازمة للأشقاء الفلسطينيين واجباً علينا جميعاً، وفي هذا الإطار، لافتا إلى أنه معروض أمام المجلس تقريرا مُفصّلا عن وضع الاقتصاد الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجائحة كورونا.
وأعرب “أبو الغيط” عن أمله في أن يخرج اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقرارات هامة تساعد المنظومة العربية على تحقيق أهدافها في وقتٍ هي أحوج ما تكون فيه إلى تعزيز نشاطها والارتقاء بمستوى استجابتها للأزمات، مشيرا إلى أن الدورة (106) للمجلس تنعقد ولأول مرة عبر تقنية “الاتصال المرئي”، وذلك في ظل الظروف الاستثنائية التي لا تزال تمرّ بها المنطقة العربية والعالم أجمع، وهو الأمر الذي استدعى اختصار بنود مشروع جدول الأعمال .