صوت 89 عضواً في الشورى ضد توصية لجنة الثقافة والإعلام الرافضة لمشروع نظام الإعلان والتسويق المقترح من عضو المجلس عبدالله رفود السفياني، وقرر المجلس يوم أمس الثلاثاء إحالة تقرير النظام إلى لجنة خاصة لدراسته النظام المقترح، ولم تحظ توصية اللجنة بتأييد الأغلبية وعارضها عبدالله البلوي رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، وقال إن ما ذكرته اللجنة من مبررات لعدم الاستمرار في دراسة المشروع هي ذات المبررات التي أرفقتها لملاءمة المقترح بداية..!، ولم تذكر اللجنة أي تفاصيل تخص محتوى المقترح بل إن الرفض كان موضوعا وهو في مرحلة الدراسة حيث ينبغي اعطاء تفاصيل أكثر عن محتوى المقترح لا الاكتفاء في موضوعه في هذه المرحلة ولا شك بأهمية المقترح خاصة في هذا الوقت مع التطور الهائل في أنظمة وأنشطة التواصل الاجتماعي التي وصلت كل فرد.
ولفت البلوي إلى أن ما ذكرته اللجنة من مبررات كانت هي السبب في اقتراح هذا المشروع ، وقال إن توزع الانظمة الحالية الخاصة بالإعلان والتسويق على عدد كبير من الانظمة، وقدمها وعدم مواكبتها للتطوير الكبير على مجال الاتصالات وعدم انسجامها مع رؤية 2030، هو السبب الرئيسي لاقتراح هذا المشروع، كما أن الجهات ذات العلاقة التي استشارتها اللجنة، ومنها وزارة الداخلية قد أبدت ملحوظات يمكن تلافيها ولم تر تلك الجهات عدم أهمية المشروع، بل أن تقديمها لملحوظات ومقترحات يؤيد أهمية المشروع، وأضاف رئيس لجنة الأسرة والشباب بأن الاهداف الستة المذكورة في المقترح وجيهة جدا ومنها حماية المواطنين والمقيمين من الدعايات المضللة والتسويق الخادع لمنتجات، وقال إننا ونرى ذلك بكثرة لدى مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، دون مراعاة لأي معايير أو شروط ضابطة لتلك المنتجات، ودون وجود رقابة عليها، مما يؤدي الى مشاكل كثيرة فردية ومجتمعية، وأكد البلوي أن التداخل في الأنظمة الذي أوردته اللجنة وارد وليس مبررا لرفض المقترح وعليه كان ينبغي على اللجنة دراسة المقترح دراسة متأنية لمواده وتفاصيلها والخروج بمقترح ينظم هذا الشتات و يجعله نظاما يحدد المواصفات للمنتج والمعايير وان اختلفت جهات المسؤولية حسب الاختصاص، وليس مبررا للجنة الرفض لهذا المقترح موضوعا دون دراسة محتواه، بل أن ذلك مبرر لأهمية وجود جهة تحكم الحوكمة والرقابة على الاعلان والتسويق.
وقالت نورة المري نائب رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي إن المأمول والمتوقع إذا تبنت اللجنة المختصة ملاءمة المقترح أن تعطيه حقه من الدراسة ، لكن ما جعلني أعتقد بأنه لم يأخذ حقه من الدراسة هو أن الأسباب الواردة حول رفض الاستمرار في دراسة المقترح هي نفسها التي عولت عليها اللجنة عندما دافعت عن المقترح وملاءمته للدراسة، فلو أن اللجنة تبينت لها أسباب أخرى غير موجودة سابقا كان بالإمكان أن تكون ردة الفعل في رفض رأي اللجنة والمطالبة بالتصويت ضده أقل، وكان بالإمكان الرجوع إلى الأنظمة العالمية ومقارنتها مع النظام الحالي أو على الأقل استشارة المتخصصين والتعديل عليه بدل رفضه كليًا وبذل الجهد المتناسب مع المشاكل التي يواجهها قطاع الإعلان والتسويق وضبط الفوضى عند بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي خاصة السناب شات الذين وصل أثرهم حتى إلى بعض الجهات الحكومية وأصبح مقياس الشهرة يأخذ أولوية في توجيه الرأي العام بغض النظر عن المحتوى ، ولفتت المري إلى أن كل ذلك يستدعي المزيد من الأنظمة المشددة والموجهة لهذا القطاع تحديدا لتدعم المؤثرين الذين لديهم محتوى جيد وتحجم من المشاهير الذين لا يمتلكون محتوى يتناسب مع شهرتهم بل قد يكون أثرهم عكسيًا يحد من تطوير قدرات شبابنا وبناتنا ويقلل من ثقتهم بموروثهم الديني والثقافي، مؤكدةً حاجة قطاع الإعلان والتسويق إلى مزيد من الرقابة والضبط.
ونقل بندر محمد عسيري عضو لجنة الإدارة والموارد البشرية تجربته للمجلس في صناعة الإعلان والتسويق في قطاعات مختلفة لأكثر من 15 عاما، وقال ” كنت من ضمن عدد قليل من السعوديين العاملين في هذه الصناعة المليارية في السوق السعودي” وأكد أن التشتت التشريعي و التنظيمي فيها أدى الى كثير من الظواهر السلبية، و منها التستر و ضعف المحتوى المحلي و تسرب ميزانيات التسويق و غيرها، كما أدى هذا الفراغ التشريعي و التنظيمي الى ضعف في نمو الصناعة، حيث أن نسبة الصرف الإعلاني و التسويقي في المملكة لكل مستهلك منخفض جدا مقارنة بالأسواق المتقدمة.
وأشار عسيري إلى أن الأنظمة المتعددة المذكورة في رد لجنة الثقافة والإعلام لا تغطي جميع الجوانب التنظيمية المطلوب توفرها لقيام صناعة اعلان و تسويق حديثة، فعلى سبيل المثال، لا يوجد تنظيم يعنى بقياس نسب المشاهدة و الوصول لوسائل الاعلام، كما لا يوجد تنظيم يعنى بتأطير عمل شركات شراء المساحات الاعلانية MBUs و هي شركات تتحكم بصرف الميزانيات التسويقية، و لا يوجد تنظيم لشركات البحوث الاعلانية و التسويقية و هي شركات تعنى بقياس العائد على الاستثمار الإعلاني و التسويقي، و غير ذلك من النواحي التنظيمية المطلوبة لتأسيس صناعة فعلية متكاملة، وأكد أن هاجس تطوير نظام خاص بالإعلان و التسويق كان موجودا لدى السلطة التنفيذية ذات العلاقة قبل عدد من السنوات، حيث اتفق وزير التجارة و وزير الاعلام في ذلك الوقت و بمشاركة الهيئة العامة للإعلام المرئي و المسموع على انشاء فريق مشترك بين الوزارتين و الهيئة لتطوير انظمة ولوائح هذه الصناعة من أبعاد متعددة لمى لها من أهمية، إلا أن تغير القيادات حال دون الاستمرار في ذلك، وختم عسيري ” مشروع النظام أساس متين لتحقيق أهدافه، و أن كان ينقصه بعض التطوير و التحسين، و لكن ذلك لا يعني أنه لن يخلق النقلة النوعية التي أقترح من اجلها و لذا ادعو المجلس الموقر بالتصويت لصالح مشروع النظام”.
وأتاح رئيس جلسة أمس عبدالله المعطاني نائب رئيس الشورى لمقدم المشروع المقترح الحديث والرد على رأي اللجنة وقال “بين أيديكم هذا اليوم القرار بشأن مشروع تشريعي يسعى لمعالجة الاختلالات التي يعاني منها قطاع الاعلان والتسويق في بلادنا، والاستجابة إلى مطالب طالما صدحت بها قبة المجلس ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بضرورة تنظيم وتطوير هذا القطاع الحيوي وتنقيته من الممارسات الخاطئة والخطيرة اقتصاديا واجتماعيا وفكريا، والارتقاء به من كل النواحي بما يواكب النهضة الاقتصادية والتشريعية التي تشهدها بلادنا الحبيبة اليوم” وأضاف أنه تقدم بهذا المشروع بعد دراسة مستفيضة لواقع قطاع الإعلان والتسويق في المملكة، والذي يعد أحد أكبر القطاعات في المنطقة وتستهدفه أهم شركات التسويق والاعلان، وراجع جميع النصوص التشريعية المنظمة لهذا النشاط في المملكة واطلع على الدراسات ذات العلاقة والممارسات العالمية لتنظيم نشاط التسويق والاعلان في مختلف دول العالم المتقدم وفي بعض دول الجوار، وقال: وجدت أن لدينا فراغاً تشريعياً في تنظيم بعض جوانب هذا النشاط، التي لاتزال تحكمها ممارسات ونصوص تشريعية تقليدية ولا تواكب الحراك الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا والتي تمثل أحد أكبر الاقتصادات في العالم وتبين لي أن معظم دول العالم المتقدم وضعت أطراً تشريعية وتنظيمية لضبط وحوكمة الاعلان والتسويق والارتقاء بمختلف جوانبه المهنية، لتضمن جاذبية وازدهار هذا القطاع كرافد اقتصادي هام، والمحافظة على الحقوق والقيم والثقافة والهوية، ولفت السفياني إلى أن اللجنة لم تقم كما هو متبع باستفتاء مرئيات الخبراء في مجال التسويق والإعلان، من المؤهلين علميا وعمليا والمطلعين على خفاياه وعوالمه ومستجداته، أو خبراء الاقتصاد وإدارة الأعمال، ولدينا في المجلس العديد منهم، ولكن ذلك لم يتم، مع أنه من الممارسات المنهجية المعتمدة في المجلس، وتابع : لا أريد أن أستطرد في وصف أوجه الخلل في سوق الإعلان التجاري وأضراره التي وصلت حد التسبب في الأمراض والوفيات ، فقد سبقني إليها العديد من الزملاء والزميلات في مداخلاتهم وتوصياتهم على تقارير الجهات الحكومية، ولكني أشير إلى أن هذه النصوص التشريعية المبعثرة في خمسة عشر نظاماً عجزت عن وضع حد للغش والتدليس والخداع والتغرير وانتهاك الحقوق لأن الجهات المعنية مشغولة بمهامها الأساسية ولا تمثل الرقابة على سوق الاعلان مهمتها.
وحول رد لجنة الثقافة والإعلام بأن المشروع المقترح قد يتسبب في إرباك الأنظمة الموجودة حاليا، فتساءل السفياني هل الربكة في إيجاد نظام واحد جامع مانع يمثل مرجعية موحدة وتشرف على تطبيقه جهة واحدة ويحيل في بعض الجوانب المتخصصة للأنظمة أو الجهات المعنية كهيئات الاتصالات أو الغذاء والدواء ونحوها ، أم الربكة في هذا الشتات عبر 15 نظاما وعشر جهات تتنازعها مشاغل ومهام لا تنتهي! وقال ” من الواضح أن اللجنة ليست متحققة من توصيتها حين تقول ـ قد يتسبب ـ إذا كانت اللجنة ليست متحققة من هذه النتيجة ولم تقم باستشارة المعنيين بهذا المشروع داخل المجلس وخارجه فعلام توصي بعدم الاستمرار في دراسته وما هي الدراسة التي قدمتها لنا لنقتنع برأيها!”.
وقال عضو الشورى ” إنني على ثقة بأن أعضاء المجلس على وعي كامل وتام بخطورة هذا القطاع وأهميته خاصة إذا علمنا جميعا أن المسيطرين عليه شركات كبرى تديرها وتتحكم فيها عقول غير سعودية تمرر أجندتها وتحصد خيرات الوطن التي ينبغي أن تكون لأبنائه وكثير منهم مؤهلون لقيادة هذا القطاع إذا وجدوا دعمنا وتشجيعنا لتعود المليارات التي يدرها قطاع التسويق لأرض الوطن وليس لخارجه”.