يعلم الجميع أهمية التعليم في كل مناحي الحياة ولا يخفى عليهم ايضاً ما يوفره التعليم الجيد من تطور وتقدم للمجتمعات. فالتعليم ركيزةأساسية لتقدم البلدان ونقلها من مصاف الدول النامية الى الدول المتقدمة ومن بلدان مستهلكة الى إنتاجية مصدرة.
قدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين من أجل التعليم الغالي والنفيس وضخت المليارات من أجل تطويره وجلبت الخبرات المتميزة من كافةأنظمة العالم التعليمية بغرض تحسين وتجويد العملية التعليمية، كما قامت بابتعاث أعداد ليست بالقليلة وكل ذلك للنهوض بالتعليم وبالتاليجيل قادم متعلم ينهض بالوطن بعيدا في سماء المعرفة والتقدم العلمي.
لا شك أن التعليم عن بعد جزء من العملية التعليمية وله ما له وعليه ما عليه من الإيجابيات والسلبيات، ولكن أن تصبح العملية التعليميةوخاصة للمرحلة الإبتدائية كلها عن بعد فهذا أمر يجب الوقوف عنده ومراجعته مراجعة مستفيضة. ليس بسبب أنه عن بعد، رغم أني لا أميل ميلا شديدًا للاعتماد عليه بشكل كامل ولا أرى فيه الحل المناسب للنهوض بالتعليم بل أجده في كثير من الأحيان يضر بالعملية التعليمية ويؤثر سلبا من ناحية الحصول على المعرفة، وأرى وجوب ربطه بتعليم تقليدي يكون هو الأساس والتعليم الجديد (عن بعد) داعم ومساند له.
بذلت وزارة التعليم مشكورة مجهودا جبارا خلال الأسابيع الماضية وعملت وفق ما تملكه من قدرات وإمكانيات ولا يمكن بأي حال من الأحوال اهتمامها بالتقصير، ومن أجل التطوير والإستفادة وتجويد العمل يجب أن تتم الإشارة لأبرز نقاط التطوير والتي عانت منها الأسرة والمعلمينوإدارات التعليم على حد سواء.
منصة مدرستي كفكرة هي جميلة وحلت العديد من المشاكل وكما ذكرت سابقا يجب أن تكون منصة داعمة ومساندة للعملية التعليمية وليستهي الأساس الذي تنطلق منه العملية التعليمية، فهي بهذا الشكل تساهم بالهدر الذي تعاني منه معظم أجهزة الدولة فهناك هدر مالي صرفعلى المنصة بشكل لا يتوازى مع المخرجات المتوقعة أو المفترض أن تكون، وهناك هدر في الوقت والجهد لكل الأطراف من الأسرة وصولًاللمعلم ومرورا بكل إدارات التعليم وقيادات المدارس.
وكان الأولى والأجدر على الأقل أن يكون تعليم المرحلة الإبتدائية للمواد الأساسية مثل اللغة والرياضيات والعلوم حضوريا بالمدرسة وباقي المواد يتم دعمها ومساندتها عن بعد عبر منصة مدرستي وبرنامج مايكروسوفت تيمز. فطالب المرحلة الإبتدائية لا يستوعب ما يطلب منه عبرالشاشة والمعلم لا يرى الطالب وبالتالي يفقد الاتصال به بصريًا ولا يُعلم ما إذا أستوعب المطلوب أو لا وبعكس ما يحدث بالتعليم المباشروالذي يكون فيه الاتصال البصري قوي يميز المعلم من خلاله حالة الطالب سواء بإستيعاب المطلوب أو عدم إستيعابه، فضلا عن شعورالطالب بأنه طالب عندما يذهب الى المدرسة ويمارس العملية التعليمية من مقاعد المدرسة التي تبث فيه روح التعلم وتشعره بأنه في مكانتعليمي يستشعر به ومن خلاله المسؤولية التعليمية وما يُبذل له من خدمات تعليمية متميزة.
اما الأسرة فحدث ولا حرج، فالأمهات والآباء قد يصل بهم الحال لمرحلة الجنون، فمهما بذلوا من مجهود ومهما حاولوا لن يستطيعوا التوفيقبين ابناءهم في التعليم، وأنا أتحدث هنا عن الأسر التي لديها أكثر من طفلين في مرحلة التعليم الإبتدائي وأطفال في مرحلة قبل التعليمويحتاجون لرعاية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وهي قصة واقعية في الحقيقة وليست من نسج الخيال، أسرة لديها من الأبناء أربعة، اثنين من هؤلاء الأبناء يدرسون في المرحلة الإبتدائية، فيجب أن تقوم الأم باكرا لتلبية احتياجات الأبناء الذي لا يدرسون وهي مضطره أيضا لتلبية احتياجات زوجها فتقوم بتوفير الغداء ثم تنصرف لمتابعة الإبن الأكبر الذي يدرس في الصف الرابع وأثناء الدرس يجب عليها القيام للإبن الأصغر الذي يدرس بالصف الثاني لمتابعته والتأكد انه على الطريق الصحيح ومن ثم تعود للأكبر ليقاطعها أصغر الأطفال بالبكاء والصراخ تعبيرا منه لحاجتهالى الحليب وبعد أن تنتهي منه تعود لتجد المعلم يتحدث مع الأطفال على افتراض أن كل طفل بجانبه أحد أولياء الأمور وهذا غير صحيح.
أنقضى ساعة او اثنتين من التعليم الإلكتروني ولا أحد يعلم بالوزارة مالذي يحدث خلف الكواليس ولا أحد يشعر بما تعانيه الأمهات. وبعدراحة بسيطة تستجمع الأم بها بعض القوة لتعود للإبن الأصغر لتجده مندهشا ومصدوما مما يقول المعلم ولا يعلم مالذي يتحدث عنه هذاالمعلم لتحاول لملمة الكلمات لصناعة محتوى تستطيع من خلاله شرحه للإبن وبينما هي كذلك يطلب الأكبر منها النجدة لمساعدته على مايطلب منه ليظهر الإبن الأوسط وبصوت عالي يقول لها أنه يشعر بالجوع ويريد الطعام الآن ليقف على رأسها ويشتت تفكيرها وتفكير بقيةأولادها. وبعد أن تنتهي من كل هذا توفر لأبناءها وجبة العشاء وبعده تتابع معهم الواجبات ونسخ الدروس وحفظ الآيات، لتجد الساعة شارفتعلى الحادية عشر وهي في قمة الإرهاق والتعب الذهني والجسدي.
ماهذه القصة إلا مثال بسيط تعاني منه أغلب الأمهات في عملية التعليم الحالية، فبذلت مجهود كبير وأهدرت الكثير من طاقتها مقابل فائدةبسيطة نستطيع أن نحصل على أضعافها لو كان طلاب المرحلة الابتدائية يتلقون جزء من التعليم في المدرسة.
لا أضع اللوم على وزارة التعليم ولا المدرسة وأعلم أن مثل هذا القرار تم اتخاذه بعد ماراثون من التشاورات والإجتماعات ولكن تمنيت لو كانهناك تعليم جزئي بالمدرسة أو تم تأجيل الفصل للمرحلة الإبتدائية فالوضع الراهن مرهق ومخرجاته لا تتوافق مع الجهد المبذول من جميعالمعنيين في العملية التعليمية، فالهدر هو السمة السائدة حاليا.
التعليقات 3
3 pings
زائر
09/22/2020 في 8:27 م[3] رابط التعليق
طيب اين دور الاب.
زائر
11/15/2020 في 11:41 م[3] رابط التعليق
كتابة التعليق
زائر
10/11/2020 في 2:33 م[3] رابط التعليق
كلاااااااام سليم ١٠٠ بال١٠٠
ياريت يوصل المقال هذا لوزارة التعليم والله الامهات تعبوا كثيييييير الله يكون في عونهم