قطعت المملكة شوطاً كبيراً في الإيحاء للعالم بما يمكنها عمله تجاه استمرارية أكبر منتج ومصدر للنفط الخام والغاز الطبيعي في العالم، السعودية لأداء دورها الريادي في تحقيق أمن الطاقة العالمي واستقرار السوق البترولية الدولية والاقتصاد العالمي، وهي تسعى أيضاً للإثبات بأنه وبمثل مقدورها على إنتاج أفضل أنواع النفط الخام منخفض الكثافة الكربونية، فهي أيضاً قادرة على اتباع سياسة الاقتصاد الدائري للكربون والبلاستيك والذي تبادر بطرحة على طاولات اجتماعات قمة العشرين التي تستضيفها المملكة على مدى العام 2020.
ويعقد اليوم الأحد وزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين، اجتماعاً وزارياً برئاسة وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وتحت مظلة رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين، بهدف تعزيز التعاون في مجال أمن واستقرار أسواق الطاقة، في الوقت الذي وضعت فيه المملكة الأسس نحو أنظمة طاقة مستدامة نظيفة تضمن وصولها لبلايين سكان العالم، حيث سيناقش الوزراء النهوض بمبادرات الحصول الشامل على الطاقة والوصول لوقود الطهي النظيف.
ويتابع مستثمرو النفط وساسته في العالم اليوم اجتماع وزراء طاقة العشرين اليوم بآمال وطموحات شتى تعزز دعم أسواق النفط، على غرار النجاح الذي حققه اجتماع وزراء طاقة العشرين الطارئ الأخير الذي دعت إليه المملكة مستجديه دعم الدول التي ليست من أعضاء تحالف أوبك+ للمشاركة في خفض إنتاج النفط، وما أثمر عنه من إعلان عدة دول عن تعهدات لخفض إنتاجها الطوعي وفق قدرات مختلفة منها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والنرويج وغيرهم، مما ساهم في دعم توازن العرض والطلب في السوق النفطية المضطربة بجائحة كورونا التي ألحقت بالنفط أكبر النكبات في تاريخه بوصول أسعاره للسالب في أبريل الماضي مع تحطم الطلب وطفح مخزونات النفط العالمية التي بلغت ذروتها.
وساهم اجتماع وزراء الطاقة في مجموعة العشرين، الخاص بدعم اتفاقية خفض الإمدادات النفطية، في انتعاش أسعار البترول الخام الفورية في مايو من مستويات منخفضة سجلت قبل شهر، وتحسن أساسيات النفط بشكل لافت وتوقعات مزيد من الانتعاش في الطلب على النفط وتشديد العرض العالمي. فيما ساهم الخفض الطوعي السعودي الضخم بقدرة مليون برميل في اليوم في يونيو في دعم صفقة الخفض وإعادة الاستقرار للأسواق.
وأكد وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن المملكة وبصفتها أكبر مصدر للبترول في العالم، تطمح أن تصبح إحدى الدول الرئيسة في إنتاج وتصدير الطاقة من مصادرها المتجددة، بالإضافة إلى إنتاج وتصدير الهيدروجين، حال تكامل البنية التحتية وتحقُّق الجدوى الاقتصادية، حيث بيّن أن استراتيجية قطاع الطاقة المتكاملة، التي يُتوَقَّع الانتهاء منها مع نهاية عام 2020، تضمنت الهيدروجين بأنواعه، كأحد المصادر المتاحة للطاقة.
وبمشروع الهيدروجين الجديد، في نيوم، وهو خطوة أولى نحو إنشاء نشاط جديد ومهم اقتصادياً في المملكة، سيُسهم في تعزيز النمو، والتنوع الاقتصادي، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما سيرسّخ، في الوقت ذاته مكانة مدينة نيوم كأحد المراكز الرئيسة والرائدة في مجال إنتاج الهيدروجين. في حين إن التحديات العالمية التي يواجهها قطاع الطاقة تستوجب تعاوناً دولياً مشتركاً بين جميع الجهات ذات العلاقة، في ظل متطلبات التغير المناخي بالمزيد من الجهود والتعاون في مجال الاقتصاد الدائري للكربون، لتقليل الانبعاثات، والاستفادة من الكربون بالشكل الأمثل في دورة الحياة الاقتصادية، بما في ذلك الدور الكبير للهيدروجين السعودية الذي يترقب ثورة عالمية تقودها المملكة.
إلا أنه من الجدير ذكره مساهمة ديناميكية صفقة أوبك+، التي أحيتها المملكة وتقودها لاستعادة توازن السوق البترولية العالمية واستقرار اقتصادات العالم، بسرعة خفض نحو 10 ملايين برميل من النفط يومياً لشهري مايو ويونيو، قبل أن تمددها بعد نجاحها في إعادة التوازن لشهر يوليو، ومن ثم دخول السوق تخفيضات أخرى مخففة بقدرة 7,7 ملايين برميل حتى نهاية العام 2020، واختتام الصفقة بتخفيف إضافي أطول بقدرة 5,7 ملايين برميل تمتد 13 شهر حتى أبريل 2022.
وفي أبرز ما جاء من محاولة الدول من خارج أوبك+ دعم التحالف العالمي لخفض الإنتاج المشترك، الوساطة الأمريكية لاتخاذ المملكة دورها الرئيس لقيادة السوق من الانهيار وشدة تضر النفط الصخري الأميركي وإفلاس شركاته. في وقت أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رؤساء شركات النفط الأميركية أن بلاده ستشتري ما ينتجوه من نفط للاحتياطي البترولي الاستراتيجي، مؤكداً أنه سيعمل على ضمان بقاء صناعة النفط في بلاده بحالة جيدة. وكان ترمب قد أعرب في ذلك الوقت في أبريل الأسود عن أمله بأن تتوصل المملكة وروسيا إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط بـ10 أو 15 مليون برميل يوميا.