تحقق المملكة العربية السعودية أكبر الانتصارات الداعمة لتحولات الطاقة النظيفة في العالم بالاقتصاد الدائري منخفض الانبعاثات الكربونية وهو الملف الهيدروكربوني الأخضر الذي يناضل به شخصياً وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في كافة أطروحاته في المؤتمرات إلى قمة العشرين حيث أقر وزراء الطاقة في مجموعة العشرين بأن نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي تبادر به المملكة هو نهج شامل ومتكامل وجامع وواقعي، يعمل على السيطرة على الانبعاثات، ويمكن تطبيقه على نحو يعكس أولويات كل دولة وظروفها الخاصة. فمن خلال المجموعة الواسعة من المسارات والخيارات المتاحة التي يحتويها، يأخذ هذا النهج في الاعتبار الظروف الوطنية المختلفة، في نفس الوقت الذي يواصل فيه السعي لتحقيق تطلعات عالمنا المشتركة.
وصادق وزراء الطاقة على نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وعلى العناصر الأربعة في إطار العمل الخاص به وتشمل الخفض، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والإزالة، وقالوا «مع إقرارنا بـ»الملحق الأول» واعترافنا بالأهمية المحورية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع أخذ كفاءة المنظومة وظروف كل دولة في الاعتبار، بما في ذلك ثروتها المحددة من الموارد، والسياقات السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية فيها، وظروف التنمية المستندة إلى دراسة المخاطر، مع الإشارة إلى ما يلي:
أولاً الخفض: تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري باستخدام التقنيات والابتكارات المختلفة، مثل الطاقة المتجددة والطاقة النووية، وتحسين إنتاجية الطاقة وكفاءتها، وإدارة إمدادات الطاقة واستهلاكها بشكل أفضل.
ثانياً إعادة الاستخدام: تحويل الانبعاثات إلى لقيمٍ صناعيٍ مفيدٍ، عن طريق تفعيل طرق احتجاز الكربون واستخدامه، بما في ذلك أساليب تحويل الانبعاثات إلى منتجات ذات قيمة، أو إعادة تدوير الكربون. وننوه هنا بالإمكانيات الكبيرة لتقنية احتجاز الكربون واستخدامه باعتبارها تقنية متقدمةً وأكثر نظافة، بإمكانها أن تساعد على تخفيف آثار الانبعاثات عن طريق احتجازها وإعادة استخدامها.
ثالثاً إعادة التدوير: تحييد أضرار انبعاثات الكربون عبر العمليات الطبيعية وعملية التحلل، بما في ذلك استخدام مصادر الطاقة المتجددة كالوقود العضوي، والطاقة العضوية، ووسائط نقل الطاقة كالميثانول والأمونيا واليوريا، بشكلٍ يُمثّل الدورة الطبيعية وإعادة التدوير.
رابعاً الإزالة: إزالة الانبعاثات من الغلاف الجوي، ومن الصناعات الثقيلة والمنشآت أيضاً، باستخدام أسلوب احتجاز الكربون وتخزينه (بالأساليب الطبيعية والجيولوجية) والالتقاط المباشر للكربون من الهواء.
وقدر بيان الوزراء الدور الذي يقوده مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، والإسهامات القيّمة التي تقدمها المنظمات الدولية المختلفة (مثل وكالة الطاقة الدولية، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه) والتي أوضحت الفرص العديدة التي يقدمها نهج الاقتصاد الدائري للكربون وعناصره الأربعة، كما هو مبين في «دليل الاقتصاد الدائري للكربون» الذي يمكن النظر فيه وفقاً للظروف الوطنية.
وشدد البيان على إدراك الوزراء أهمية تسريع الجهود الرامية إلى تطوير ونشر تقنيات مبتكرة، وقابلة للتوسع، وذات كفاءة، بهدف توفير الطاقة للجميع. وبناءً على ما تقدم به الأعضاء وعلى خبراتهم، فإن البرنامج الطوعي المسرِّع لنهج الاقتصاد الدائري للكربون يمثل آلية شاملة لترويج وانتهاز الفرص المرتبطة بالخطوات الأربع المتضمنة في هذا النهج. ونحن ندرك الإمكانات الكامنة في الهيدروجين كوسيط للطاقة النظيفة، وكعنصرٍ مشتركٍ بين العناصر الأربعة، وسوف نعمل على تعزيز التعاون الدولي من أجل تطوير تقنيات الهيدروجين وتطبيقها ونشر استخدامها. كما أننا نُشير، أيضاً، إلى الدور المشترك للطاقة العضوية والوقود العضوي في العناصر الأربعة للاقتصاد الدائري للكربون.
وأضاف البيان «سنقوم، على أساس طوعي، باغتنام الفرص المتاحة لتعزيز علاقات التعاون والتعاضد، والشراكة، بما فيها تلك المتضمنة في برنامج التسريع الخاص بالاقتصاد الدائري للكربون، مع توفير الدعم من المنظمات الدولية ذات العلاقة، وغيرها من المنتديات الأخرى، مثل: المؤتمر الوزاري للطاقة النظيفة، ومركز كفاءة الطاقة، ووكالة الطاقة الدولية، ومنتدى الطاقة الدولي، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ومبادرة مهمة الابتكار، ومنتدى الدول المصدّرة للغاز. ونحن مستمرون في التزامنا تعزيز الاستثمارات العامة والخاصة، والحلول التمويلية المبتكرة من القطاعين العام والخاص، والممكِّنات المرتبطة بالسياسات، وعلاقات التعاون التي تشمل قطاعات متعددة. ومع أخذ السياقات الوطنية والإقليمية المختلفة في الاعتبار، سوف نسعى لاستكشاف الفرص العديدة المتاحة، بما فيها تلك المرتبطة بمنصة الاقتصاد الدائري للكربون، والبرامج والمبادرات القائمة لمجموعة العشرين، بهدف تعزيز التحولات الرامية إلى توفير طاقة موثوقٍ بها وذات تكلفة معقولة للجميع.
وبهذا النجاح في إقرار وزراء الطاقة في مجموعة العشرين نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي تحمل لواءه المملكة، تلتفت أنظار العالم صوب المملكة وما تطرحه من سبل وحلول يجسد سعيها بصفتها أكبر منتج ومُصدّرٍ للبترول في العالم، تطمح من خلال الاقتصاد الكربوني إلى أن تُصبح إحدى الدول الرئيسة في إنتاج وتصدير الطاقة من مصادرها المتجددة، ولن تتنازل عن مساعيها الوطنية وتكنولوجياتها المتطورة تجاه مفهوم الاقتصاد الدائري منخفض الانبعاثات الكربونية وكافة الطرق التي تعظم استخدام الكربون وكافة انبعاثات الصناعة سواء نفطية أو غيرها وتحويلها لمنتجات ذات قيمة في الاقتصاد. وتبرز شركة أرامكو السعودية في القمة على المستوى العالمي في تطبيق سياسية الاقتصاد الدائري للكربون في كافة أعمالها فيما تفاخر بكونها الأقل في انبعاثات الكربون. وهو نجاح يضاف لما حققته شركة سابك في بناء أكبر مصنع في العالم لاستغلال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحويلها لمنتجات مفيدة، في وقت قفزت المملكة إلى المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين في خفض انبعاثات الكربون من استهلاك الوقود.
وكان اجتماع وزراء الطاقة قد أكد على ما سببته أزمة كورونا من مأسي كبرى إنسانية واقتصادية وبالأخص على قطاع الطاقة وصناعة النفط والغاز بالذات، وتعريض أمن الطاقة العالمي للهلاك، في وقت يعترف الجميع بأن تبعات الأزمة أشد على أسواق الطاقة وأدت لتفاقم أزمة اقتصادية عالمية التي من شأنها إعاقة التنمية. واتفق الوزراء على أن ضمان استقرار أسواق الطاقة وتوفر الطاقة الآمنة الميسورة التكلفة تمثل المرتكزات الرئيسة في تحولات الطاقة النظيفة الخضراء، فيما ينتظر تكيف العالم وقدرته على التعافي. وقد تعهد الوزراء باستخدام جميع أدوات السياسات المتاحة للمحافظة على استقرار الأسواق والتزامهم بضمان استمرار قطاع الطاقة في تقديم مساهماته القوية للتغلب على الفيروس في كافة مراحله.
وتعهد الوزراء أيضاً بالعمل سويةً بروح التضامن لاتخاذ إجراءات فورية وملموسة لمعالجة هذه القضايا الملحة والتي تأتي في وقت نواجه فيه حالةً طارئةً غير مسبوقة على المستوى الدولي، في وقت يدرك وزراء الطاقة الدور المحوري لأسواق الطاقة التي تتّسم بالفعالية والاستقرار والانفتاح والشفافية والتنافسية في تعزيز النمو والنشاط الاقتصادي.