كشف البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2021م، الصادر الأربعاء الماضي عن متانة الاقتصاد السعودي وقوة السياسة المالية للمملكة، وذلك بعد أن قدّر تراجع النمو المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 %، بخلاف تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر في يونيو الماضي والذي توقع أن يكون التراجع بنسبة 6.8 % وعكس البيان التمهيدي للميزانية الذي قدر انخفاض النمو بأقل بنسبة 3 % عن صندوق النقد، مواجهة المملكة لأزمة جائحة كورونا من منطلق قوة، وأنها ماضية في خطتها نحو تمكين القطاع المالي ليكون ضمن أكبر المراكز المالية العالمية بحلول العام 2030م، رغم التحديات التي تواجه القطاعين الاقتصادي والمالي على الصعيد العالمي. وكان لرؤية المملكة 2030 وبرامجها ومبادراتها، بالإضافة للإجراءات التي اتخذتها المملكة بداية الأزمة وحزم التحفيز للقطاع الخاص وتعزيز سيولة القطاع المصرفي دور كبير في التخفيف من حدة الآثار السلبية، وأكدت قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة الأزمات الطارئة والمتغيرات غير المتوقعة واتخاذ الحلول العاجلة في أوقات قياسية، وأثبتت الأزمة أن النظام المالي في المملكة مهيأ بشكل جيد لمواجهة الظروف الطارئة، لوجود الملاءة المالية، ما مكنه من استيعاب آثار التباطؤ الاقتصادي العالمي نتيجة تفشي الجائحة، كما تتمتع المملكة باحتياطات حكومية ممتازة وهي ضمن أقوى عوامل القوة المالية التي تتمتع بها. وتشير تقديرات البيان التمهيدي إلى أن حالة الاقتصاد السعودي ستكون أفضل مما كان متوقعاً من قِبل بعض المنظمات المالية الدولية، لعدة أسباب منها أنه بالنظر إلى متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للنصف الأول من العام كأداء فعلي (نمو سلبي بنسبة 1 % خلال الربع الأول ونمو سلبي بنسبة 7 % خلال الربع الثاني)، نجد أنه تراجع النمو المتوسط لكامل النصف الأول بنسبة 4.0 % بسبب الظروف والإجراءات المصاحبة لأزمة (كوفيد- 19) التي كان لها أثر سلبي أكبر في النصف الأول من هذا العام. ومع حالة التعافي التي يُتوقع أن يشهدها الربعان الثالث والرابع والتحسن الملحوظ في أداء الأنشطة الاقتصادية، فيتوقع أن يكون الأثر السلبي على نمو الاقتصاد السعودي أقل حدة مما توقعته بعض المنظمات الدولية لأنه من المستحيل أن يكون نمو النصف الثاني بنفس سلبية النصف الأول كما أشارت له تقديرات صندوق النقد الدولي. ويأتي التعامل الناجح على الصعيدين الاقتصادي والمالي مع ما حققته المملكة من نجاحات على الصعيد الصحي، حيث رفعت بداية الأزمة شعار “الإنسان أولاً” وكانت سلامة المواطن والمقيم أولوية بالنسبة لها، ومع ذلك سعت للمحافظة على المكتسبات المحققة اقتصادياً ومالياً خلال السنوات الماضية. وبيّنت الأزمة العالمية الراهنة مجدداً قوة المركز المالي السعودي وقدرته على مواصلة النمو في ظل التحديات، وذلك على الرغم من تأكيد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن أزمة كورونا مختلفة عن الأزمة العالمية في العام 2008م من ناحية قدرة الدول على مواجهتها وأن الوضع الراهن أصعب مما كان عليه قبل 12 عاماً.
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/2020/10/05/508019.html