ابعاد الخفجى-سياسة:
وجَّهت الولايات المتحدة تحذيراً شديد اللهجة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعته إلى تنفيذ المبادرة الروسية “بدون إبطاء”، مشيرة إلى أن خيار الضربة العسكرية لا يزال على الطاولة ولم يتم إلغاؤه. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف أمس، إن وثيقة الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي قدمتها سورية إلى الأمم المتحدة لا يمكن أن تكون بديلاً عن نزع الأسلحة، أو وسيلة للمماطلة. وأضافت: “الأسد ليس في موقف يسمح له بوضع الشروط، وعليه الإيفاء بكل ما تعهد به”. وكان الرئيس السوري قد ذكر أول من أمس أن بلاده ستمضي في وضع أسلحتها الكيماوية تحت إشراف دولي استجابة للمقترح الروسي “بشرط أن تلغي الولايات المتحدة تهديدها بشن عمل عسكري”. وأن توقف دعمها للمعارضة السورية، وقال “إنها عملية ثنائية، وحين نرى أن الولايات المتحدة تريد فعلاً استقرار المنطقة وتتوقف عن التهديد والسعي للهجوم وتسليم أسلحة للمعارضين، حينها سنعتبر أن بإمكاننا المضي في العملية حتى النهاية، وأنها مقبولة بالنسبة لنا”.
من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة داخل الكونجرس الأميركي أن المقترح الروسي بتدمير الأسلحة الكيماوية لم يكن وحده الذي دفع الولايات المتحدة لإرجاء الضربة العسكرية لدمشق، وأن واشنطن حصلت على تعهدات إيرانية بعدم ترشيح الأسد لنفسه في الانتخابات القادمة، بعد أن وافق على اقتراح قدمته طهران لإجراء انتخابات رئاسية بإشراف دولي لا يشارك فيها بنفسه. وقالت المصادر إن المقترح الذي سيتم بحثه رسمياً في مؤتمر جنيف 2 بمشاركة إيرانية، تم عرضه أثناء زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي إلى دمشق الأسبوع قبل الماضي، وتحديداً قبل تقديم المقترح الروسي بيومين، حيث تم بحث الموضوع مع الأسد وكبار مساعديه. وأضافت أن المؤتمر المرتقب سيناقش بحث مشاركة من يرغب بهم الأسد في العملية السياسية، وشكل الحكم الذي سيتفق عليه الجميع، بإشراف دولي مباشر لإنهاء الأزمة بعيداً عن الحرب. إلا أن المصادر أشارت إلى وجود خلافات في تنفيذ هذه الخطة تتعلق بإصرار واشنطن على فتح أبواب القصور الرئاسية السورية للتفتيش الدولي، وإقرار الأسد بقيام نظامه بتنفيذ هجوم الغوطة الكيماوي، وتقديم المسؤولين عنه إلى محكمة الجنايات الدولية.
في غضون ذلك، تواصلت أمس في جنيف المحادثات بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرجي لافروف بشأن نزع الأسلحة الكيماوية السورية. وتبادل الوزيران التقييمات المبدئية لتطورات الأحداث في سورية، وبدأ الخبراء الروس والأميركيون العمل على توضيح مسائل معينة. وقال لافروف قبيل انطلاق المحادثات في مؤتمر صحفي، إن تسوية المشكلة ستجعل من غير المجدي توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري. وأضاف: “نحن مقتنعون بأن أصدقاءنا في أميركا وعلى رأسهم الرئيس أوباما، يدركون أن علينا اتباع الطريق السلمي لحل الصراع في سورية. وقد تحدثنا مع كيري أكثر من مرة أثناء التحضير لهذا اللقاء واقتنعنا أن تطور الأحداث في سورية يمنحنا فرصة إضافية لمؤتمر جنيف 2”. كما التقى الوزيران مرة أخرى بحضور المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي.
في سياق منفصل، سخرت وزارة الدفاع الأميركية من إصرار الحكومة الروسية على تحميل الثوار السوريين وزر الهجمات الكيماوية التي وقعت في الحادي والعشرين من الشهر الماضي بريف دمشق، ووصف المتحدث باسمها جورج ليتل روسيا بأنها “معزولة”. وقال: “موسكو هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تتهم المعارضة السورية بالضلوع في الهجوم الكيماوي، مما يوضح بجلاء حجم العزلة التي تعيشها. بينما تتفق أكثر من 30 دولة بشكل تام مع تحليل واشنطن الذي يقول إن نظام الأسد هو المسؤول”.
إلى ذلك، قالت المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي والمساعدة الإنسانية كريستالينا جورجييفا أمس الأول في جنيف، إن قوات الأسد ارتكبت جرائم حرب بمصادرتها معدات طبية من قوافل مساعدات مخصصة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وأضافت للصحفيين: “حدثت حالات صودرت خلالها معدات طبية، ومعدات لإجراء عمليات جراحية. هذا يعني للطرف الآخر أنه يمكن لجريح سواء كان رجلاً أو امرأة أو طفلاً أن يموت. ومصادرة هذا النوع من المعدات يرقى لأن يكون جريمة حرب، والأسوأ هو استهداف أو قصف منشآت طبية، أو إطلاق نار على أطباء، وهو ما تقوم به القوات النظامية بصورة يومية”.