ابعاد الخفجى-سياسة:بحسرة تعبر ملامح وجهها المستدير تحت حجاب أسود، تؤكد “إيناس” فى منزلها فى تكريت أن أنصار صدام حسين بقوا على اعتزازهم به خصوصا بسبب الأوضاع التى يعيشها العراق منذ إسقاط نظامه السابق.
وتقول إيناس (37 عاما) التى تعمل مدرسة، إن “الفضل للسياسيين الحاليين فى جعلنا نحب صدام ونعتز به ونتحسر على تلك الأيام”، وتضيف “قدموا لنا ما هو أفضل لننسى صدام”.
وتصف إيناس أوضاع البلاد قائلة: “كنا نشعر بأمان أما الآن فبلدنا محتل من الخارج من أمريكا، ومن الداخل من قبل إيران”.
وبدت مدينة تكريت التى كانت تحتفل كل عام بعيد ميلاد صدام فى 28 أبريل، خالية من صور “القائد الفذ”، ولم يكن هناك سوى آثار رصاص على هياكل جداريات حملت صوره فى السابق، علما أن أهالى المدينة لا يزالون يتمسكون بإطلاق اسم صدام على أكبر جامع لديهم رغم تغيير اسمه إلى “جامع تكريت الكبير”.
ولد صدام صاحب النظرات الحادة والقامة الطويلة والشوارب الكثيفة فى 1937 فى قرية العوجة قرب تكريت لعائلة سنية عربية وتوفى والده وهو فى التاسعة من عمره.
ونشط صدام فى حزب البعث منذ سنوات شبابه وحكم عليه بالإعدام لمشاركته فى محاولة قتل الرئيس العراقى عبد الكريم قاسم فى 1959، حيث أصيب بجروح واضطر للفرار إلى سوريا ومنها إلى مصر حيث درس الحقوق.
وكان صدام حسين الرجل القوى فى العراق منذ تسلم حزب البعث السلطة فى 17 يوليو 1968، لكنه تولى رسمياً قيادة البلاد فى السادس عشر من يوليو 1979 ليشغل مناصب رئيس الدولة والأمين العام لحزب البعث العراقى ورئيس مجلس قيادة الثورة وقائد الجيش.
وقاد صدام البلاد بقبضة من حديد مستخدماً حملات الاضطهاد وعمليات التطهير، وتبنى نظاما أحاديا ديكتاتوريا كرس حكم الفرد الواحد والعائلة الواحدة، وكان حينذاك نشيطا جدا على الساحة الدولية ونظامه الذى اعتبر علمانيا وحديثا لقى فى البداية تأييدا واسعا.
وبدعم من القوى الغربية، انقلب صدام حسين على اتفاق كان أبرمه مع إيران فى 1975 وخاض حربا ضدها استمرت ثمانية أعوام (1980-1988) وفى 1990، غزت قواته الكويت، مما أدى إلى تدخل عسكرى دولى واسع برعاية الأمم المتحدة.
ورغم ذلك، يقول أبو حسين الموسوى (57 عاما): “صدام كان يساعدنا كثيرا لذلك من الطبيعى أن نعتز به كرئيس كما يعتز الآخرون بـ(شارل) ديغول”، فى إشارة إلى الرئيس الفرنسى الأسبق، ويضيف وهو يجلس على الأرض قرب أحد مساجد تكريت: “صدام كان يمتلك شخصية قوية وقد فرض احترامه على من فى داخل البلاد وخارجها”.
وفى العشرين من مارس 2003، أطلقت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة عملية “حرية العراق” بذريعة البحث عن أسلحة دمار شامل وشبهات حول علاقات مع تنظيم القاعدة، وهو ما تبين أنه لم يكن صحيحاً.
وبعد ثمانية أشهر، فى 13 ديسمبر 2003، عثرت القوات الأمريكية على صدام الذى ينتمى إلى عشيرة البيجات، مختبئا فى مزرعة قرب تكريت ومثل أمام المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وأعدم صدام حسين (69 عاما) شنقا عند الساعة 6,10 من صباح يوم 30 ديسمبر 2006 فى أحد سجون بغداد إثر إدانته بقتل 148 شيعياً من بلدة الدجيل شمال بغداد.
وبعد عقود من الحروب التى طبعت عهد “المهيب الركن”، وهى الرتبة العسكرية التى كان يحملها صدام، يشهد العراق منذ إسقاط نظامه السابق فى 2003 أعمال عنف يومية، ويواجه نقصا فى الخدمات الأساسية، إلى جانب تفشى الفساد واعتماد نظام المحاصصة المذهبية الحزبية.