ابعاد الخفجى-محليات:أوضح مختصون في القطاع العقاري بالمنطقة الشرقية أن الجهات المسئولة عن المشاريع السكنية لم تلتفت إلى أهمية البنى التحتية للمخططات السكنية في مناطق المملكة بحيث منحت المواطنين في السابق أراضي مع القروض غير مطورة ،
ما جعلها تدفع مبالغ سنوية طائلة نتيجة الصيانة وحفر الشوارع الذي يتكرر بين حين وآخر وانعكاس ذلك على التطور العمراني المملكة. وقال مستشار التخطيط والعمران الدكتور عبدالله الفايز إن الأمانات لا تعتمد للمطورين المخططات ولا تسمح لهم ببيعها إلا بعد توفير كافة الخدمات بها كشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
وأضاف ان صندوق التنمية العقارية أثر على كثير من مدن المملكة الكبرى لأنه منح الأراضي والقروض للمواطنين في السابق بدون تطوير بينما كان من المفترض أن الدولة تقوم بعملية التطوير (الأراضي الخارجية ) وبيعها على المواطنين بسعر رمزي على الأقل.
وأشار الفايز إلى أن البنية التحتية تعتبر من أهم القواعد الأساسية في النمو الاقتصادي لأنه من المعروف عالميا أن أي مبلغ يصرف على البنى يكون عائدا على الدولة بثلاثة أضعاف فإذا صرفت الدولة 100 مليون فإن العائد هنا يكون 300 مليون سواء من مشاريع القطارات تحت الأرض أو الطرق وتأخرها يؤثر على برامج التنمية مثل التعليم والصحة والسكن الذي هو حاجة ماسة للمواطنين، موضحا أنه حاليا تقوم الدولة بتنفيذ مشاريع تفوق قدرة قطاع المقاولات بالسعودية.
وبين عضو هيئة التدريس بقسم المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وعضو مجلس إدارة شركة سمو العقارية الدكتور إبراهيم القحطاني أن المملكة صرفت مبالغ طائلة على البنية التحتية قد تتجاوز 700 مليار دولار وهذا سيجعلها من أقوى الدول بما يخص البنية، ولكن صرف هذه الأموال كان كافيا لفترة قصيرة وليس بتخطيط يمكن من الاستفادة منها، وقال «هذه الفترة أظهرت نوعا من القصور بالنسبة لتنفيذ هذه المشاريع بالشكل المناسب ما أدى إلى تعثر بعضها» أضف إلى ذلك التخطيط لهذه المشاريع لم يبن على خبرات أو جهات استشارية وكذلك الشركات ليست بالمستوى الرفيع ولا تنفذ بالفترة المطلوبة.
وأضاف القحطاني ان البنية التحتية يعتمد عليها لإقامة المشاريع السكنية والطرق وكذلك المشاريع الصناعية، فإذا كانت ضعيفة فإن كل هذه المشاريع ستكون معرضة للانهيار، كما أن لهذه البنى مرحلة ثانية وهي الصيانة والتشغيل فيما بعد ، ولو خصص 10 بالمائة من الـ 700 مليار لهذه الصيانة.
وأوضح الخبير العقاري عادل الدوسري قائلا : « يجب على الادارة العامة للتخطيط العمراني إيقاف تحويل الشوارع السكنية إلى تجارية وأن لا تتحول الأراضي التي حول المباني السكنية ( الفلل ) إلى مبانٍ متعددة الأدوار وكل دور ربما مكون من 4 شقق تحتوي على 8 حمامات و 4 مطابخ مع العلم أن البنية التحتية هي نفس التي أنشئت قبل 35 سنة ولم يجر عليها إلا تحديث شكلي فقط ، وبالتالي يكون الناتج عمليات حفر وتعديل وهذا الأمر بلا شك يستهلكها.
وعن البنى التحتية بالمخططات التي تقع خارج المدن الرئيسية أكد أن الأراضي بهذه المخططات خصوصا التي تم بيعها قبل عشر سنوات كانت من أجل المضاربات بين المستفيدين وبيعت فقط لأنها مخططة ، فعلى سبيل المثال حي الراكة لم توضع به شبكة المياه إلا قبل عامين مع أنه تم السكن به منذ أكثر من 25 عاما ويقع بين الدمام و الخبر، أما بالنسبة لبعض المخططات الخارجية فأغلبها يتكون من إعلان ودعاية لجذب المشترين وأعمدة إنارة وأشجار النخيل، ولكن ليس من المعروف بأن الصرف الصحي بها جودته عالية ونفذ بشكل سليم بموجب المواصفات والمقاييس المطلوبة، فإذا كانت سيئة فإنه بالنهاية ستقع على المستهلكين لأن ذلك يكتشف من خلال البناء بأن الصرف لم يربط مع المركز الرئيسي للمجاري لأن مالك المخطط لم يدفع التكلفة المطلوبة وقام بالتوصيل إلى حدود المخطط فقط مع العلم أن تطوير هذه المخططات يجب أن يتم تحت إشراف دقيق من الأمانات منذ بداية التخطيط والتطوير، لذلك أقترح أن يفرض على الملاك دفع مبالغ تأمين في البنوك على صحة التنفيذ لمدة عام على الأقل، كما أرجو من الجهات الرسمية إيقاف أي مالك مخطط وحرمانه من عملية المزادات والتشهير به في حالة أنه لم ينفذ المخطط بالمواصفات المعتمدة، وأتمنى أيضا من المجلس البلدي أن يلتفت إلى المخططات التي خارج المناطق الرئيسية والإطلاع على سلامة تنفيذها وأخذ المبادرة من أجل ضمان وجود أحياء ومدن حضرية.
وأكد الباحث الأكاديمي في الشؤون العقارية الدكتور علي بو خمسين أن هناك مساحات كبيرة من الاراضي البيضاء داخل النطاق العمراني غير مستغلة وغير مستفاد منها لأنه ببساطة لم تطالها عملية التطوير للبنية التحتية فيها ، وقال هذه الاراضي بالأساس هي إما تتبع وزارة الشئون البلدية سابقا والآن تحت ملك وزارة الاسكان أو انها ملك لمواطنين ولم تقم وزارة البلديات حتى الوقت الحالي بتنفيذ مشاريع تطوير البنية التحتية لمخططات الدخل المحدود مثل مخططات الضاحية بالدمام وهنا نحن نتحدث عن خدمات الصرف الصحي والإنارة والطرق والأرصفة بجانب الكهرباء والماء والهاتف وتصريف الأمطار والتشجير ، ولكن الواقع أنه ربما يوجد بعضها كحد ادنى كسفلتة الطرق الرئيسية منها والباقي اذا وجد فإنه ينفذ على مراحل زمنية متباعدة ، وفيما يخص الاراضي المملوكة للمواطنين فإنها المفروض من الناحية النظرية ألا تطرح للبيع بالمزاد إلا بعد ان تستوفي كافة الخدمات الرئيسية لتلك الاراضي الواقعة ضمن النطاقات البعيدة ،وأما القريبة فيطلب عليها بعض الخدمات بافتراض أن باقي الخدمات مسئولية الدوائر الحكومية وما يهم المواطن هنا ليس من يوفر الخدمات بل مستواها وسرعة تنفيذها.
وأضاف «نحن نجد مثلا مخططات أحياء شركة أرامكو أنها ممتازة جدا ومخدومة بالكامل وبكفاءة عالية وتجد هذه الخدمات تعمر طويلا ليس لأنها تخضع لصيانة مستمرة فقط بل لأنها ذات مستوى عالٍ في التنفيذ وليست إزالة عتب فقط « لذا السؤال المطروح بقوة متى نحل هذه المشكلة وهل ستظل قائمة أم أن وزارة الإسكان لديها الحل أو ستظل الأمور على ما هي عليه؟ ، مشيرا إلى أن مساحات الاراضي البيضاء غير المطورة بالمنطقة الشرقية والتي لم تستخدم للأغراض السكنية داخل النطاق العمراني تقدر بما يعادل قرابة 60 بالمائة من الكتلة العمرانية بينما ترتفع في الرياض الى قرابة 77 بالمائة من الكتلة العمرانية وهذه بطبيعة الحال تأتي في المرتبة الاولى من مسببات غلاء أسعار الاراضي السكنية بالمملكة عموما.
وأكد المطور العقاري حامد بن حمري انه إذا كانت الكهرباء والطرق والصرف الصحي لم يصمم لها بشكل جيد أولا وتنفيذ سليم فإن كامل المدينة ستقع فريسة للمشاكل المستقبلية التي لا يمكن تفاديها بسهولة، وقال « في السابق لم تلتفت الدولة إلى أهمية البنية التحتية في جميع المخططات بالمملكة بحيث كانت الكهرباء تقدم للمواطنين قبل شبكات الصرف مما أدى إلى تشوه كبير في الشوارع نتيجة الحفر المتكرر وإنعدام الأمان بها، وكذلك أصبحت تكلفة صيانتها على الدولة عالية جدا، أما بالنسبة للمخططات الجديدة فإنه لا يوجد نظام أو تشريع يلزم المالك بتنفيذ كافة المشاريع على أصول سليمة، ولكن ينفذ بالحد الأدنى من المواصفات بحيث يضع طبقة أسفلت بقياس 4 سم بدلا من 10 سم وهو الحجم المعتمد ((standard من أرامكو، وكذلك بدلا من شراء مصابيح إنارة ذات جودة عالية بقيمة 100 ريال مثلا يتم شراء التي لا تتجاوز قيمتها 10 ريالات من أجل التوفير، كما أن بعض المطورين لا يوفرون الصرف الصحي وشبكات المياه مما يحتم على الجهات الحكومية الحفر مرة أخرى وإتلاف الإسفلت ولهذا أطالب بالتشريع على أعلى المستويات خصوصا المخططات الخاصة لأنها خاضعة إلى الربحية وكما هو معروف أن التوفير يدخل إلى جيب التاجر الذي لا يهتم في الأخير إلى الوطن أو المواطن، موضحا أن جميع المخططات السكنية بالمنطقة لا تتم بالمعايير المطلوبة مثل المخططات التي صممت بواسطة شركة أرامكو والهيئة الملكية بالجبيل.