ابعاد الخفجى-سياسة:
ما بين أحداث العنف التي تقطع صمت ليل الصحاري والجبال، وصخب الحديث الذي لا ينقطع عن العلاقات القوية التي تربط بين قبائل الترابين والسواركة والعبابدة من جانب، وبين قيادات الجيش المصري من جانب آخر، تحولت شبه جزيرة سيناء إلى مسرح شديد السخونة في ظل الأحداث المتصاعدة التي تعيشها مصر منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من منصبه، حيث قتل 25 من أفراد الأمن و10 مدنيين في هجمات إرهابية على أقسام للشرطة وكمائن للجيش والشرطة ومنشآت مدنية وحكومية، بينما أصيب أكثر من 100 آخرين في أكثر من 50 هجوما للمسلحين في أقل من شهر، فيما لا تزال أعداد القتلى والجرحى في صفوف الجماعات الجهادية غير معلومة حتى الآن ربما لأسباب تتعلق بالتحقيقات وسير العملية العسكرية.
من جهته، أكد قائد الجيش الثالث الميداني اللواء أسامة عسكر إن شيوخ القبائل البدوية في سيناء قاموا بمساعدة الجيش في حرب 1973، وإن القبائل البدوية كانت عين القوات المسلحة داخل سيناء، مشيراً إلى أن شيوخ قبائل البدو بجنوب سيناء يقومون بأنفسهم بتأمين الطرق الوعرة والوديان من أجل تأمين جنوب سيناء. وقال في تصريحات: “القبائل البدوية بالسويس هي المسؤولة عن تأمين ظهر المجرى الملاحي لقناة السويس داخل حي الجناين، كما تقوم بتأمين منطقة جبال عتاقة بالسويس”. بدوره، أكد شيخ قبيلة الحويطات الشيخ محمد أبوحسين أن القبائل البدوية بالسويس تقف مع القوات المسلحة وتساند الجيش وستظل تدعمه، مؤكدا أن العلاقة بين الجانبين تاريخية، على حد قوله.
ومن جانبه، قال القيادي بالقبائل السيناوية الشيخ حسن خلف الذي شارك القوات المسلحة في عملياتها طوال حرب الاستنزاف: “قبائل شمال سيناء لم تعرض على الجهاديين أي عروض لتأمينهم لأنهم كفروهم ويعتبرونهم أعداء لهم، وأماكن هؤلاء محصورة في 3 مدن هي العريش ورفح والشيخ زويد، ومنازلهم توجد داخل مزارع بمناطق الوفاق والأحراش والمنطقة الممتدة من العريش ورفح، وأن القوات المسلحة تقوم بتمشيط المنطقة، وقبائل سيناء أعلنت استعدادها لتسليم هؤلاء الإرهابيين في حالة اللجوء إليهم لطلب الحماية من القوات المسلحة”، وتابع: “هناك وجود لبعض الفلسطينيين المتورطين في ما يحدث في سيناء، وهم من جماعات جيش محمد وجند الإسلام، وهم جماعات تكفيرية خارجة عن حماس ومعلومون وسيتم ضبطهم، خاصة وأن الجيش ألقى القبض على أعداد كبيرة منهم، ولم يتم الإفصاح عنهم من قبل الأجهزة الأمنية حتى الآن”.
في ذات السياق، يقول رئيس جمعية إدارة الأزمات بشمال سيناء إبراهيم سالم البياضي: “ما يحدث في المنطقة ليس للقبائل دور فيه، وهم لن يقوموا بإيواء أي إرهابيين لأنهم يعرفون أهدافهم الحقيقية، وتم تدشين مبادرة شباب ضد الإرهاب التي شارك فيها عدد كبير من شباب سيناء بهدف مساعدة القوات المسلحة في تطهير البؤر الإجرامية”.
وحول احتمالات فرض الطوارئ في سيناء، يقول نقيب المحامين والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني سامح عاشور: “لا يوجد ما يمنع استخدام هذا القانون في مكان محدد، والدولة هي التي تقدر متى يتم استخدامه وليس نحن، ويجب التصدي لمحاولات حرق الوطن ولأحداث البلطجة والعنف والإرهاب”.
وكان مصدر أمني رفيع المستوى بالسويس قد أكد أن تشكيلات من الجيش الثالث الميداني بالتنسيق مع الجيش الثاني بدأت عملية “عاصفة الصحراء” بسيناء لمواجهة الإرهاب والعنف، على حد تعبيره. وأضاف المصدر أن “الموجة الأولى من العملية ستستمر مدة 48 ساعة، وستتم بالتنسيق بين الجيشين الثاني والثالث والقوات البحرية والجوية وأن التقديرات الأولية لأجهزة الأمن العامة والعسكرية تشير إلى أن العناصر الإرهابية لا تتعدى 500 شخص وهم موجودون في مساحة 4 كيلومترات مربعة ولديهم دروع بشرية وأسلحة ثقيلة”.
إلى ذلك قال مصدر مسؤول بالقوات المسلحة إن قوات الجيش والأمن المصرية قتلت 10 مسلحين إرهابيين، وألقت القبض على 20 آخرين خلال اليومين الماضيين في شمال سيناء، وأضاف المصدر أن العمليات الأمنية التي تنفذها القوات المسلحة والشرطة حالياً لملاحقة العناصر الإرهابية المسلحة أسفرت كذلك عن إصابة عدد كبير من الإرهابيين. وأن من بين المقبوض عليهم 3 من الأسماء المعروفة لدى الأجهزة الأمنية” لم يكشف هوياتهم “لدواع أمنية”. وتابع أنه “تم ترحيل العناصر العشرين إلى القاهرة عبر مروحيات عسكرية لعرضهم على الجهات السيادية المختصة ومباشرة التحقيقات معهم”.
وخلال الفترة الماضية قتل في منطقة العريش 37 شخصا بين أفراد أمن ومدنيين (26 من أفراد الأمن و11 مدنيين) في هجمات لمسلحين متطرفين على أقسام للشرطة وكمائن للجيش ومنشآت مدنية وحكومية، فيما أصيب أكثر من 100 آخرين في أكثر من 50 هجوماً للمسلحين في أقل من شهر. كذلك سقط 11 مدنياً ضحية لهذه الهجمات.