ابعاد الخفجى-سياسة:بعد سنتين ونصف تقريباً على بداية الأزمة السورية، لا يزال المشهد في هذا البلد ضبابياً بامتياز. الحلفاء الأجانب للمعارضة السورية يعتقدون أن الضغط العسكري سيجبر النظام على تغيير حساباته بحيث يلجأ إلى التفاوض على نهايته أو يتعرض لانقسامات داخلية تفضي إلى انهياره. لكن هذه الفرضية ناقصة على أقل تقدير لأنها تجاهلت تصميم حلفاء سورية المتمثلين في إيران وحزب الله وروسيا على فعل كل ما هو ضروري للمحافظة على بقاء النظام وهزيمة المعارضة المسلحة. كما تجاهلت هذه الفرضية حقيقة انقسام المعارضة في المنفى وهي تتصارع على حصة من سلطة لم تحصل عليها بعد. يقول تقرير نشرته مؤخرا “مجموعة الأزمات الدولية” إنه إذا كان الهدف هو وقف هذه الحرب المرعبة الدائرة في سورية، فإن الخيار هو بين ثلاثة أمور: التدخل العسكري الكاسح لتغيير توازن القوى على الأرض بشكل حاسم؛ أو القبول بانتصار النظام مع ما ينطوي عليه ذلك من ثمن أخلاقي وسياسي؛ أو حل دبلوماسي ترعاه بشكل مشترك الولايات المتحدة وروسيا. الخيار الأخير هو الخيار الأمثل، لكنه بات اليوم خياراً مخادعاً، بحيث يقبل النظام والمعارضة بالتوصل إلى اتفاق أقل من مرضٍ لتقاسم السلطة. لكن ثمة خيارا رابعا يتمثل في منح الطرفين المتصارعين ما يكفيهما للبقاء لكن ليس لتحقيق الانتصار، وهو خيار من شأنه أن يديم حرباً بالوكالة يكون فيها السوريون هم الضحايا الرئيسيين. هذا هو الحال في المرحلة الراهنة وهو الحال الأكثر رجحاناً في المستقبل المنظور.
ما هو الحل؟
إن الأمر الأهم الذي كان ينبغي القيام به منذ أمد بعيد هو زيادة المساعدات الإنسانية داخل سورية، سواء في الأراضي التي يسيطر عليها النظام أو التي تسيطر عليها المعارضة. كما أنه ثمة حاجة لاستراتيجية لتجنب عدم الاستقرار في البلدان المجاورة الهشة: منح المساعدات الاقتصادية للأردن ولبنان وللاجئين الذين يستضيفهم البلدان؛ والضغط على البلدان الإقليمية وحثها على عدم إثارة التوترات الطائفية في لبنان، والضغط على رئيس الوزراء العراقي، المالكي، لتبنّي سياسة أكثر تمثيلاً حيال معارضته السُنية.
الأصعب من كل ذلك هو ما الذي ينبغي فعله حيال سورية. ينبغي أن تكون الأولوية لوقف الحرب؛ وليست هناك خيارات سهلة، لكن هناك على الأقل ضرورة لمواجهة هذه الخيارات بشكل مباشر:
•يتمثل أحد الخيارات في أن يقوم الغرب بترجيح كفة الميزان العسكري بشكل حاسم. لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى “هزيمة” النظام، أو أنه سيحوّله إلى سلسلة من الميليشيات، والأقل وضوحاً هو ما إذا كان سيتم إنهاء الحرب أو مجرَّد إعادة تعريفها فقط. ستستمر إيران، وحزب الله، وربما حتى روسيا في الاحتفاظ بالنفوذ، وفي تغذية عدم الاستقرار وضمان عملية انتقالية فوضوية، وستستمر الحرب الباردة الإقليمية/الطائفية.
•يمكن المجادلة بأن أسرع الطرق لتخفيف حدة العنف هو بحرمان الثوار من الموارد، والقبول بانتصار للنظام بحكم الأمر الواقع والسعي إلى تسوية مع بشار الأسد. ستكون التكاليف الأخلاقية، والسياسية والاستراتيجية هائلة، وربما أكبر مما يمكن تحمّله، كما أنه قد لا ينهي المأساة.
•الحل الأمثل، والمتمثل في تسوية دبلوماسية تفاوضية، ينتمي، في المرحلة الحالية، إلى عالم الخيال. سيتوجب على القوى الخارجية إجراء تغيير جوهري في مقاربتها للحل. بالنسبة لموسكو، فإن هذا يعني القبول، ومن ثم الدفع نحو تغيير في بنية السلطة في سورية. وبالنسبة لواشنطن، فإن ذلك ينطوي على التحوّل من السعي ضمناً لتغيير النظام إلى السعي علناً لتقاسم السلطة. إن أي حصيلة تفاوضية سياسية ينبغي أن تقوّي وتطمئن مختلف مكونات المجتمع السوري.
08/04/2013 8:10 ص
خيارات لحل الأزمة السورية
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/2013/08/04/47028.html