ابعاد الخفجى-رياضة:
جرت العادة على أن المهاجمين يخطفون الأضواء في “المستطيلات الخضراء” وينالون المديح والإطراء من قبل الجماهير الرياضية ومتابعي كرة القدم، إلا أن هنالك ثمة حراسا للمرمى يقلبون المعادلة وتنهال عليهم الإشادات الكبيرة ويطبقون مقولة “الحارس نصف الفريق”، الحارس البرازيلي خوليو سيزار واحد من أولئك الحراس الذين كانت لهم بصمات كبيرة في خانته سواء مع منتخب بلاده أو الفرق التي لعبها خصوصاً انتر ميلان الإيطالي.
سيزار الذي بكى في مباراة الافتتاح خلال عزف النشيد الوطني يعتبر مصدر أمان للبرازيليين في كأس العالم 2014م إذ لم تتلق شباكه سوى هدفين، وساهم بقوة في وصول “منتخب السامبا” إلى دور ال 16، وتألق الحارس البرازيلي في المباريات الثلاث التي خاضها منتخب بلاده في دور المجموعات إذ تصدى ببراعة لأهداف عدة محققة، فنال إشادات واسعة من البرازيليين أنفسهم واعتبروه احدى الأوراق المهمة التي قادت منتخب بلادهم لنيل التسع نقاط، وبالرغم من الانتقادات التي طالت المدرب سكولاري بعد اختياره سيزار إلا أن الأخير تمكن من الرد على منتقديه بمستوياته الكبيرة، حتى أنه صرح بعد تألقه اللافت في مباراة المكسيك وقال: “من الواضح أنني كنت على أهبة الاستعداد للمشاركة في كأس العالم، وذلك بغض النظر عن الانتقادات التي تعرض لها لأنني اخترت اللعب في دوري غير قوي من الناحية النظرية في النصف الثاني من الموسم، أستطيع أن انظر إلى المرآة وأقول أنني أؤمن بنفسي، لقد عبرت عن نفسي ببراعة ضد المكسيك وساعدت البرازيل للحصول على التعادل بجسدي وبعقلي، وأؤكد للجميع أنني على استعداد تام للاستمرار في مكاني في تشكيلة المنتخب”.
وتُعد مسيرة الحارس خوليو سيزار مع المنتخب البرازيلي جيدة للغاية، إذ تمكن من التتويج بثلاث بطولات كبرى هي كأس أمريكا الجنوبية (2004م) فالبرازيليون يتذكرون جيداً تلك اللقطة التي أظهرت سيزار وهو يتصدى لركلة ترجيحية في نهائي البطولة مع الأرجنتين، وكأس القارات مرتين (2009-2013م)، وبالرغم من معاصرته لمونديالين سابقين (مونديال المانيا 2006م ومونديال جنوب افريقيا 2010م) إلا أن سيزار لم يفلح في تذوق طعم ذهب كأس العالم.
سيزار الذي ولد في الثالث من سبتمبر عام 1979 في البرازيل بدأ حياته الكروية الاحترافية عام 97م من خلال فريق فلامنجو البرازيلي، وأظهر سيزار إمكانات هائلة جعلته أساسياً في الفريق بحلول عام 2000م، واستمر الحارس سيزار بشعار فلامنجو حتى عام 2005م، إذ لعب معه 130 دولية توجها بتحقيق عشر بطولات، تلك المستويات التي قدمها سيزار جعلته تحت مجهر مسؤولي انتر ميلان الإيطالي، لكن هنالك مشكلة تمنعهم من كسب خدماته وهي استنفادهم عدد المحترفين الأجانب من خارج أوروبا في ذلك الموسم، وهو الأمر الذي دفعهم إلى عقد صفقة مع كيفو فيرونا الإيطالي يلعب من خلالها سيزار مع الأخير على أن يوقع للانتر في موسم 2005-2006م (على طريقة الكوبري)، وتم ذلك فعلاً إلا أن سيزار ظل طوال الموسم حبيساً في دكة الاحتياط.
في يوليو 2005م اتم فريقا كيفو فيرونا والانتر اتفاقهما وأرتدى سيزار شعار الأنتر لأول مرة في مباراة السوبر الإيطالي مع يوفنتوس وتمكن من التتويج بأول بطولة مع فريقه الجديد، وكان في تلك المباراة احتياطياً للحارس الإيطالي تولدو، لكن سيزار فرض اسمه على المدرب وأصبح أساسياً في التشكيلة إذ لعب 40 مباراة، ونجح في أول موسم له بالتتويج بلقب الدوري الإيطالي (بعد القرار الانضباطي تجاه اليوفي والميلان بتهمة التلاعب في النتائج)، كما توج سيزار مع الانتر بلقب كأس ايطاليا.
سيزار الذي ارتكب خطأ فادح لا ينسى في مونديال جنوب افريقيا وبالتحديد في مباراة هولندا بدأ مسيرته الذهبية مع الانتر إذ قاده إلى تحقيق لقب الدوري خمس مرات متتالية، كما فاز معه بلقب كأس ايطاليا ثلاث مرات (2006-2010-2011م)، وحقق سيزار مع الانتر كأس السوبر أربع مرات (2005-2006-2008-2010م)، ولا يمكن لسيزار أن ينسى عام 2010م إطلاقاً ففيه توج مع الفريق الإيطالي بلقب دوري أبطال أوروبا بالإضافة إلى كأس العالم للأندية.
أمضى سيزار مع انتر ميلان سبعة أعوام رائعة جداً إذ لعب 300 مباراة ساهم خلالها في تتويج الفريق ب 14 لقباً محلياً وخارجياً، واستحق سيزار عطفاً على مستوياته الكبيرة وقدراته المميزة أن ينال عددا من الألقاب والجوائز الشخصية في مسيرته مع الانتر أبرزها أفضل حارس في الدوري الإيطالي مرتين (2009-2010م)، وأفضل حارس في دوري أبطال أوروبا (2010م).
انتهت القصة بين الحارس البرازيلي والطليان قبل ثلاثة مواسم وبالتحديد في 29 من أغسطس 2012م بعد أن وقع لفريق كوينز بارك رينجرز الإنجليزي لمدة أربعة أعوام، وأستطاع أن يخطف المقعد الأساسي في الفريق منذ البداية إذ لعب 26 مباراة بيد أن ضعف الفريق الإنجليزي لم يساعده على النجاح، وفي ثاني مواسمه لم يشارك سيزار سوى في مباراة واحدة كانت في كأس الاتحاد الانجليزي.
مع هبوط الفريق الإنجليزي لدوري الدرجة الثانية وعدم مشاركة سيزار أساسياً فضل الرحيل والعودة إلى ايطاليا إذ وقع عقداً مع تورنتو الإيطالي، وتمكن من المشاركة في سبع مباريات، وبرر سيزار في ذلك الوقت رحيله من الفريق الإنجليزي برغبته في اللعب أساسياً طمعاً في التواجد بمونديال البرازيل 2014م.
البرازيليون يأملون في أن يكرر سيزار ذات المستويات الكبيرة التي ظهر بها في بطولة القارات الأخيرة والتي توج بلقبها المنتخب البرازيلي وكان لسيزار بصمة كبيرة فيها حتى أنه توج ب “القفاز الذهبي” كأفضل حارس في البطولة، سيزار هو الآخر يدرك جيداً بأن هذا المونديال هو الأخير له في مسيرته الكروية وسيكافح من أجل أن يضيف أغلى ألقاب كرة القدم إلى رصيده وسجله الحافل بالبطولات، وعطفاً على إمكاناته فإن سيزار بإمكانه أن يفعل ذلك إذا ما دافع عن شباكه خلال المباريات المقبلة بدءاً من مباراة الليلة مع تشيلي في دور ال 16 التي لن تكون سهلة إطلاقاً فهو سيواجه منتخبا قويا يضم في صفوفه لاعبين بارزين أمثال سانشيز وفيدال وغيرهما.