أبعاد الخفجى-محليات:
عمت حالة من الحزن والأسى الشارع السعودي بعد سماعهم لنبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس الماضي بعد مسيرة حافلة بالعطاء قضاها في خدمة دينه ووطنه ومليكه وشعبه, ومثل خبر وفاته فاجعة عمت الأوساط السياسية والاجتماعية محلياً وخليجياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.
وكان الفقيد قد قاد دفة وزارة الخارجية في أحلك الظروف السياسية وأصعبها والتي أعترت المنطقة على مر أربعة عقود استطاع من خلالها أن يكون علماً ومدرسة في فنون الدبلوماسية التي استطاع أن يروضها لتكون مطواعة له بما يخدم مصالح بلاد الحرمين الشريفين والأمة الإسلامية والعربية.
إن التاريخ يتذكر سعود الفيصل – رحمه الله – جيدًا والأجيال القادمة ستجد امامها محطات لا تحصى تجبرها على التوقف والحديث عما كان للفقيد فيها من مواقف ومآثر وبصمات.
لقد ساهم الراحل في إيجاد حالة من الانسجام في كثير من القضايا بين بعض دول الخليج وكان مفتاح الحلول في مختلف المواضيع لينجح في ردم الاختلافات والتباينات ومواجهة التحديات بخبرته ودرايته الدبلوماسية الفريدة التي كادت أن تهدد وحدة مجلس التعاون الخليجي ضد المتآمرين عليها من جهات إقليمية.
فيما يخص الشأن العربي لن ينسى الفلسطينيون أبداً الدور الذي كان يمارسه الأمير سعود الفيصل من أجل إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وتنقله بين عواصم الدول الغربية للسعي والمسارعة في إخراج فلسطين من الأحداث والعواصف التي تواجهها من الاحتلال الغاشم ومن مخططات غربية منحازة, ناهيك عن مسارعته إلى مساندة مصر في أحلك ظروفها خلال الأحداث التي تلت سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين من خلال الجهود الدبلوماسية التي قام بها لإقناع دول العالم بالخطر الذي كان يهدد مصر والمنطقة في المرحلة الماضية من جماعة ارادت اختطاف الدولة لتنفيذ أجندات معينة، وكانت تلك المساعي من منطلق أن مصر هي ركيزة الأمة العربية وسندها ودرعها الحامي أمام الأعداء, كما أن دولاً عربية وأخرى إسلامية وإقليمية لا يمكن أن تتجاهل الدور والاسهامات التي قدمها الفقيد لهم في شتى الظروف التي تعرضت له.
على الصعيد الدولي كان الراحل رقما صعباً وسياسياً ماهراً يعرفه جيداً صناع القرار في الدول العظمى التي تدرك جيداً مدى الذكاء والحنكة الدبلوماسية التي يتمتع بها الفقيد والتي ساهمت في إنجاز الكثير من الملفات والقضايا السياسية لصالح الوطن العربي وبما يخدم تحالف المملكة مع أصدقائها ويعزز من مكانتها عالميا. ولقد شكلت النجاحات الدبلوماسية للأمير سعود الفيصل -رحمه الله- في العديد من الملفات السياسية التي تصدى لها واقناعه لصناع القرار الدولي بتغيير اتجاهاتهم إزعاجاً كبيراً لجهات ودول مناوئة للمملكة العربية السعودية التي ترى في الفقيد ورقة يصعب التغلب عليها خاصة وهو الذي يحظى باحترام وتقدير خليجي وعربي وإقليمي ودولي كبير نظير مصداقيته وصراحته المتناهية التي تنطلق من رؤية بأن على الأصدقاء أن يكونوا واضحين مع بعضهم البعض وأن يكشفوا الأخطاء للآخر بما يعزز العلاقة المتبادلة, وهذا مما ساهم في أن تحظى المملكة بشبكة من العلاقات المتينة والتحالفات القوية التي مكنت المملكة من التصدي للمخططات التي تحاك ضد المنطقة.