أبعاد الخفجى-اقتصاد:
60 يوماً هي التي تبقّت لتتضح عاقبة ما سيؤول إليه الاتفاق النووي الأخير بين إيران والقوى العالمية الست، فخلال هذه المدة سيقوم الكونغرس الأميركي بمراجعة ذلك الاتفاق.
ردود الأفعال المتباينة من المجتمع الدولي هي التي سادت الموقف عقب الإعلان عن هذا الاتفاق إلى إشعارٍ آخر، ولكن الأبعاد والتأثيرات لهذا الاتفاق ستبدو واضحة -إن تم إقراره- لا سيمّا بالأسواق النفطية العالمية، حيث بيّن عددٌ من مراقبي الأسواق أن التأثير على الأسواق النفطية جرّاء هذا الاتفاق لن تكون كبيرة شريطة إقراره ورفع الحظر المفروض على إيران.
حول ذلك قال رئيس مركز السياسات والتوقعات الاستراتيجية د. راشد أبانمي إن الاتفاق بين «الخمسة + واحد» هو إنعكاس للموقف العالمي من إيران وقبول دورها الإقليمي في سياسة الشرق الأوسط أكثر منه اتفاقاً نووياً؛ كون الولوج في دائرة الصراع بالشرق الأوسط في الوقت الحاضر من أعقد ما تكون عليه الحالة الإقليمية ولخوض دولها حروباً بالوكالة أو ما يمسى بحروب «الجيل الرابع» التي تهدف إلى احتواء عددٍ من التيارات المختلفة والكثيرة بالمنطقة؛ لاستنزاف الأهداف بأقل كلفة ممكنة ومن دون أية مواجهات عسكرية، وهو الحال الذي تقع فيه التفاصيل الراهنة للاتفاق النووي الأخير بين القوى العالمية الست وإيران التي خاضت مفاوضات طويلة في ملفها النووي، وفي نفس الوقت كثفت تدخلاتها إقليميا من خلال حروب الوكالة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وقد وقعت الآن اتفاقية تبدو للعيان بأنها مهينة لها، ولكنها غير ذلك فمدتها عشر سنوات، أي أنها «استراحة محارب» ولا تشكل هذه المدة شيئا في حياة الشعوب، وستبقى إيران على مفاعلاتها وتخصيبها لليورانيوم، أما ما يخفى فهو وكما جاء من التسريبات فإن هذه الاتفاقية ستؤهل إيران لدور أكبر في صياغة ما سيكون عليه الشرق الأوسط وستكون فعالة بشكل كبير؛ لانكباب الموارد المالية عليها بعد رفع الحظر وستعطي الزخم المعنوي والمادي بتكثيف التدخل ونوعيته عبر وكلائها في دول المنطقة ولا شك بأننا سنشهد دورا إقليميا متزايدا لها في حروب الوكالة وستكف عداءها التقليدي لإسرائيل.
وأضاف لقد كان استقصاء العرب بمجملهم من مفاوضات 5 + 1 كارثية بمعنى الكلمة والنتيجة، لذلك لسنا ملزمين بمحاباة من يستقصي ويتساهل بأمة الاسلام، ولا مناص من المواجهة الذكية بنفس الأدوات المستخدمة؛ وذلك من خلال دعم ثوار سورية المعارضين للتدخل الإيراني وأحزابه بمجملهم دون استثناء أو إقصاء لأحد، وثوار العراق بمجملهم يعادون التدخل الإيراني، وكذلك ثوار الأهواز المستضعفين في إيران، والمطالبة باستقلال الأهواز من الهيمنة الإيرانية، بالإضافة إلى إعادة الجزر العربية الثلاث إلى أن ترضخ إيران للمفاوضات الإقليمية مع القوى العربية وتحجيم دورها في حروب الوكالة في البلدان العربية كما رضخت وقبلت في تحجيم دورها النووي.
بدوره أوضح كبير الاقتصاديين في شركة NGP الأمريكية د. أنس الحجي أن تأثير الاتفاق النووي على الأسواق النفطية –فيما لو تم إقراره– ضئيل وذلك على المدى القصير، حيث أن كل ما تستطيع إيران عمله هو بيع بعض النفط والمكثفات المخزنة في حاملات النفط العملاقة الواقفة على أرصفة الموانئ الإيرانية في الوقت الذي ستتغاضى فيه الدول الغربية عن هذه المخالفات؛ كون الحظر لم يتم رفعه بعد. وذكر أن إيران لا زالت تحتاج إلى بعض الوقت؛ لزيادة إنتاجها وصادراتها حيث أنه من المتوقع أن يزيد إنتاجها بحدود ٣٠٠ ألف برميل فقط بقية العام ٢٠١٥ بينما يمكنها زيادة الإنتاج بحوالي نصف مليون برميل يوميا خلال العام ٢٠١٦ وبذلك تكون وصلت أقصى قدرتها الإنتاجية، وأي زيادة بعد ذلك ستحتاج إلى وقت طويل ربما عامين أو ثلاثة، ولكن المخاوف تدور حول أن يؤدي الاتفاق إلى زيادة إنتاج الدول الخليجية من النفط وزيادة حدة المنافسة بين دول الأوبك وهو الأمر الذي سيمنع أسعار النفط من الارتفاع.
من جهته قال القيادي السابق في القطاع النفطي الكويتي والمحلل المستقل عصام المرزوق «يشكّل الاتفاق النووي الأخير المبرم بين القوى العالمية الست وإيران عاملاً مؤثراً في الأسواق النفطية وذلك فيما لو تم ذلك الاتفاق بشكله النهائي ورافقه رفع للحظر المفروض على إيران من التصدير، ويتضح ذلك التأثير عبر الوفرة النفطية المتوقعة بداخل الأسواق، حيث تقدر المصادر بداخل السوق أن الإمدادات الإيرانية تبلغ قرابة ال40 مليون برميل يومياً وهي جاهزة لدخول الأسواق العالمية.
وتابع يبقى رجوع الإنتاج الإيراني للسوق عامل ضغط على الأسعار، ولكن ذلك لن يتضح بشكله النهائي إلا قبيل نهاية الربع الأخير من العام الجاري، ويبقى دور الكونغرس الأميركي من حيث مراجعة الاتفاق هو الحكم الفصل في السيناريوهات المتوقعة بداخل الأسواق.