أبعاد الخفجى-اقتصاد:
كشف مصدر مطلع عن أن تثمين الملكيات من أجل نزعها لتحقيق المنفعة العامة، سيأخذ في الاعتبار مستويات أسعار النفط، كون التثمين سيشمل أيضا حجم التدفقات النقدية التي تظهر على الاقتصاد بشكل عام، باعتبار أن القطاع العقاري استفاد كثيرا من وصول سعر النفط إلى مستويات غير مسبوقة خلال فترة سابقة، على أن يكون ذلك متوازيا مع باقي التقييمات والمؤشرات المعتمدة لتثمين العقارات بحسب”عكاظ”
وحول إمكانية تنفيذ مثل هذا الإجراء بشكل فعلي، قال رئيس لجنة التثمين العقارية التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله الأحمري: إن مسألة الاعتماد على التقييم، بناء على مستجدات أسعار النفط وما ستصل إليه مستقبلا، بات واقعا لا مناص منه، إذ لابد من أن يكون المثمن العقاري ملما بالعديد من الجوانب الاقتصادية التي يكون لها انعكاس مباشر أو غير مباشر على القطاع العقاري، سواء كان ذلك الانعكاس على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد حتى يصل للمستوى الاستحقاقي في القيمة التقديرية التي تحقق لكافة الأطراف الدرجة الكافية من العدل والإنصاف.
وتوسع في هذا الجانب بقوله: إن الاقتصاد والدخل في المملكة يعتمدان بشكل كبير ورئيس على النفط وعائداته، خاصة أن المملكة تعد واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط عالميا، وبالتالي فإن الحركة الاقتصادية تستمد قوتها من حجم العائدات المتأتية من القطاع النفطي، وكلما كان العائد المالي كبيرا كلما ازدادت الاقتصاديات الداخلية تحفيزا ونموا، أي أن النفط يمكننا أن نصفه بـ «العمود الفقري» -إذا صح التعبير- الذي ترتكز عليه الكثير من القطاعات الاقتصادية.
ومضى يقول: إن العقار يعد واحدا من أهم الأدوات الاقتصادية بالمملكة، كونه يؤثر في العديد من القطاعات، ويتأثر أيضا بما يستجد على الأداء الاقتصادي السعودي العام لذلك سيتأثر القطاع العقاري لا محالة بالأداء السعري للنفط، لأنه استفاد كثيرا من حركة النمو التي طرأت عليه، بسبب ارتفاع دخل المملكة نتيجة وصول أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتالي لا يمكن القول إن العقار يستفيد من النفط في حال الارتفاع دون التأثر بهبوط الأسعار.
واستطرد، «أن أسعار النفط نزلت أكثر من نصف ما كانت عليه قبل عام، وبالتالي فإن كل قطاع مرتبط بالنفط سيتأثر، ولأن العقار متصل بالكثير من تلك القطاعات فإنه حتما سيتعرض لانخفاض طبقا للمفاهيم الاقتصادية التي تتنافى مع مقولات البعض إن العقار ملاذ آمن يمكن تجميد الأموال فيه، فقد شهدنا موجة تراجع أسعار العقار تبدأ منذ نحو عامين تقريبا، وهي في تزايد ملحوظ، وجميع من في السوق شعروا بذلك من خلال ارتفاع في الطلب فاق مستويات 60 في المئة قياسا بالمعدلات المسجلة عن نفس الفترة من العام الماضي أو الذي قبله مقابل استمرار المعدل المتدني للطلب الذي يراوح عند مستويات 20 في المئة».
وأضاف، أن تثمين العقارات من أجل بدء مشاريع مستقبلية تحقق المنفعة العامة يحتاج إلى الارتكاز على المعطيات التي يقوم عليها اقتصاد المملكة، وهذا يعني وضع حركة أسعار النفط في الاعتبار، كون هناك جهات في القطاع الخاص، حين تضع دراسات الجدوى لمشاريعها تبدأ من الموقع الذي سينشأ عليه المشروع ومدى الاستفادة المالية من هذا الموقع، كأصول في وقت لاحق، لذا يجب على القائم على التثمين أن يكون ذا رؤية شاملة تغطي كافة الأهداف المرحلية، ابتداء من الوقت الراهن للعملية التثمينية وصولا إلى المستقبل.
الأحمري أشار في حديثه إلى أن أسعار العقارات أخذت في تصحيح نفسها قبل دخول أسعار النفط في أزمة التراجعات، مؤكدا في الوقت ذاته على أن أي خطوة قد تتخذ بشأن رفع أو تخفيف الدعم الحكومي عن بعض المنتجات النفطية سيؤدي إلى إحداث مزيد من الضغوط على أسعار العقارات، التي ستفضي لاحقا إلى إحداث المزيد من هبوط الأسعار، كون ذلك يرتبط بمسألة الاقتران مع مستويات الدخل الفردي.
وأشار إلى أن عمليات بيع الأراضي من قبل المطورين لابد من أن تراعي هذا الجانب، لتغطي كافة الأمور الاقتصادية والمؤثرات المصاحبة لها قبل أن يتم تقديم السعر إلى المستهلك النهائي، معتبرا أن هذه المسألة واحدة من الأمور التي ستوجد قيمة منصفة للعقارات بعيدا عن المزايدة أو الاستغلالية، مضيفا: لو تم اتباع هذا الأمر منذ زمن مضى لما وصل حال العقار لدينا إلى ما هو عليه الآن.
ومضى يقول: مع الأسف جمدت الكثير من الأموال في مساحات من الأراضي غير مستثمرة، في حالة أشبه بمن يدفن ماله في التراب، لكن لو كان حجم السيولة الموجودة في العقار متجها للصناديق السيادية أو للقطاع الصناعي أو لدعم تمويلات الاستثمارات، لكان الوضع أفضل بكثير للاقتصاد السعودي، لذا بات من المهم توجيه العقار إلى مسار يمكن من خلاله تحريك الأموال الموجودة باتجاه قطاعات اقتصادية أخرى، حتى يصبح الناتج المحلي متنوعا وبالتالي يمكن للقطاعات أن تضمن استثمارات مستقرة طويلة المدى، دون أن تخشى من تأثرها بسبب انخفاض أسعار النفط أو حدوث طفرة فيها بسبب ارتفاع الأسعار.
الأحمري أبدى مخاوفه من تحول العقار إلى عبء على أصحابه في حال استمرت أسعار النفط على وضعها الحالي أو هبطت إلى مستويات جديدة، مشددا على أهمية تحرير القطاع من أوهامه وإطلاق حزمة مشاريع متنوعة عليه تخرجه من حالة الركود التي دخلها منذ عامين تقريبا؛ مضيفا: نحن كعقاريين لا نريد لهذا القطاع الدخول في مرحلة تشبه الانكماش، باعتبار أن ذلك سيكون له آثار سلبية ليس على استثمارات القطاع فقط بل سيكون ارتداده السلبي على عدة قطاعات مرتبطة به.
وأفاد خلال حديثه بأن المستوى الإنفاقي من الجانب الحكومي على مشاريع الإسكان البنيوية والإنشائية سيكون له أثر داعم لأداء الحركة العقارية، مشددا على أهمية أن يكون ذلك الأثر مدعوما بتحرك حقيقي من قبل القطاع الخاص حتى يصبح بالإمكان تحقيق استمرارية التدفق المالي الذي يضمن مشاركة متعددة تساعد وتمكن مختلف أصحاب الدخول من النفاد إلى هذا القطاع الحيوي.
في المقابل أكد عضو اللجنة العقارية في غرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله البلوي على أن هناك رؤية تؤكد بأن القطاع العقاري لن يتأثر كثيرا بانخفاض أسعار النفط لعدة أسباب، أورد منها أن عوامل كثيرة كالطلب والعرض تتحكم في منظومة هذا القطاع أكثر من تأثرها بالارتدادات السعرية المصاحبة للنفط.
وأضاف: من خلال التعاملات السوقية الحالية نجد أن حجم الطلب مازال في مستوياته المقبولة بالنسبة للمستثمرين العقاريين، وهذا يعطينا إشارة بأن العقار مازال قادرا على المضي في مستوياته السعرية الحالية، وأي زيادة في معدلات الطلب ستحقق قفزة سعرية بنسب تتفاوت من موقع إلى آخر.