أبعاد الخفجى-اقتصاد:
يعيش ملاك الإبل حاليا أزمة حقيقية لا يحسدون عليها، كما تعيش أسواق الإبل أسوأ أيامها جراء تحذيرات وزارتي الصحة والزراعة الأسبوعين الماضيين من مخالطة الإبل بعدما كشفت تقارير رسمية بأن الإبل تعتبر من الحيوانات الناقلة لفيروس كورونا إلى الإنسان.
وقطعت الأيام الماضية وزارة الزراعة الشك باليقين عندما أكدت أن فيروس كورونا موجود في الإبل وتصاب به، ولا مجال للتشكيك في ذلك، وأكدت متابعتها الوضع الوبائي لكورونا في المملكة ودول الجوار منذ بداية ظهوره في أوآخر العام 2012م وحتى الآن، وعملها حالياً على إصدار تشريعات كفيلة بحظر تجمعات الإبل.
واستندت وزارة الزراعة إلى دراسات أجرتها وجدت أن من 85 إلى 87% من الإبل سواء المحلية أو المستوردة أصيبت بالفيروس في فترة من فترات حياتها، وأن 3 إلى 3,5% من الإبل الموجودة بالمملكة هي مفرزة للفيروس، بمعنى إمكانية انتشار الفيروس من عائل إلى آخر سواء إنسان أو عائل آخر وهي منطقة تحري حتى الآن.
وإزاء هذه التطورات قامت وزارة الصحة بإبلاغ وزارة الزراعة عن 70 حالة إصابة بشرية مخالطة للإبل بمختلف مناطق المملكة وتم تغطية جميع البلاغات بالكامل من قبل فرق وزارة الزراعة.
جولة تكشف خفايا السوق
“الرياض” قامت بجولة في سوق الإبل بالجنادرية -أحد أكبر وأشهر الأسواق بالمملكة- حيث يخيم الركود على جنبات السوق وسط انخفاض عمليات البيع والشراء مع تراجع الأسعار وأعداد الحضور بشكل لافت أصبح يتناقلة القاصي والداني.
في البداية قال صديق محمود أحمد بائع سوداني بأن سوق الإبل بالجنادرية والذي يعتبر أكبر أسواق المنطقة يشهد حاليا ركودا كبيرا بتداولات البيع وصلت إلى 70% بعدما أعلنت الجهات الرسمية عن العلاقة بين الإبل وفيروس كورونا، مضيفا بأن أسعار الحاشي المعدة للذبح والتي يقبل عليها المستهلكون كل عام في مثل هذه الفترة قبل إجازة عيد الأضحى شهدت تراجعا كبيرا حيث تراجعت الأيام الماضية من ستة آلاف إلى ألفي ريال، وسط مخاوف المواطنين من مخالطة وشراء الإبل بعد التحذيرات الرسمية التي صدرت الأسبوع الماضي من قبل وزارتي الصحة والزراعة، لافتا إلى أنة يشاهد يوميا حالات متعددة لعمليات بيع مجموعات كثيرة من الإبل كانت تباع ب40 و30 ألف ريال والآن وصلت إلى مستويات 15 إلى 10 آلاف ريال، مشيرا إلى أن السوق يمر الآن بفترة حرجة مع تخوف الكثير من المواطنين والمتعاملين بسوق الإبل أفضت جميع هذه الظروف إلى عدم استهلاك حليب الإبل وإراقته بعد ما تخوف المستهلكون من شربه.
وقال صديق إن استمرار هذه الظروف التي تخيم على السوق ستصيبة بأزمة كبيرة إذا ما استمرت الأوضاع الحالية وهو الأمر الذي يتخوف منة الكثير من ملاك الإبل خصوصا في ظل ارتفاع كيس الشعير إلى مستويات 40 ريالا والبرسيم إلى مستويات 24 ريالا وهي تكاليف باهضة بحد وصفة ستكبد ملاك الإبل المزيد من الخسائر مع استمرار حالة الركود في عمليات البيع والشراء.
الأسعار تشهد مزيدا من التراجعات
من جهته قال خالد ناصر أحد مرتادي سوق الإبل بالجنادرية إنه لاحظ الفترة الماضية تراجعا كبيرا بأسعار الإبل تجاوزت الخمسين في المئة وربما تصل إلى أكثر من ذلك الأيام القادمة بسبب تحذيرات وزارتي الصحة والزراعة من مخالطة الإبل.
وذكر أن هذة المخاوف بدأت تظهر جليا بأسواق الإبل بشكل مثير العام الماضي إثر التحذيرات التي أطلقها وزير الصحة المكلف في حينة م. عادل فقيه والذي نصح المواطنين بالابتعاد عن لحوم الجمال النيئة وحليبها بعد تكرار ظهور حالات عديدة لمرضى كورونا.
ومع هذه التحديات التي تواجهها أسواق الإبل بالمملكة اعتبر خالد ناصر أن تباين الأسعار الفترة الحالية راجع إلى عدم تقبل ملاك الإبل لانخفاضات الأسعار ومحاولتهم الصمود أمام هذة التحديات التي تمر بها أسواق الإبل حاليا بعدم بيع إبلهم بالأسعار الحالية، متوقعا أن تشهد الأسعار مزيدا من التراجعات الفترة المقبلة وخاصة مع تجدد التحذيرات الرسمية وموافقة مفتي عام المملكة على استبدال أضحية الإبل بالأبقار والأغنام كهدي خلال موسم الحج للعام الجاري.
تجار تركوا السوق خوفا
من تراكم الخسائر
وفي جانب آخر من السوق قدر أحد باعة الإبل وهو دلمخ بن خلف العتيبي نسبة تراجع الطلب في السوق إلى أكثر من النصف، مضيفا بأن هذا الركود بدأ منذ ما يقارب الستة أشهر الأخيرة وسط زيادة المعروض وانحسار عمليات الشراء مما اضطره مؤخرا إلى بيع مجموعة حواشي بسعر ألفي ريال للحاشي الواحد بعدما قام بشرائها العام الماضي بسعر 4700 ريال للحاشي.
وأشار العتيبي إلى أن الكثير من تجار الإبل يعارضون بيع إبلهم بالأسعار الحالية وينتظرون إنفراج الأزمة خلال الفترة القادمة فيما قام ملاك آخرون وفقا لحديثه بترك السوق وقاموا ببيع إبلهم بخسائر كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والشعير وعدم جدوى الاحتفاظ بالإبل وفق هذه الظروف وفق اعتقادهم.
مشاهدات من الجولة
* محاولات حثيثة يقوم بها بعض الباعة للتأكيد على قدرة السوق على الصمود إمام ضعف الطلب بشكل كبير وتراجع الأسعار عبر محاولة الكثير من الباعة ربط ضعف عمليات الطلب والبيع بقرب حلول إجازة العيد وهي تبريرات غير منطقية.
* حضور ضعيف من قبل مرتادي السوق خلال الفترة الصباحية يعكس ما يمر بة السوق حاليا من تحديات كبيرة ربما تسفر عن خروج الكثير من ملاك الإبل من السوق الأيام القادمة.
* تنتشر العمالة الوافدة بشكل كبير بالسوق وسط حضور ضعيف من قبل الباعة المواطنين وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام.