ابعاد الخفجى- اقتصاد :
خلال اليومين الماضية طالعنا وزير الإسكان الاستاذ ماجد الحقيل بخبر جميل جداً وهو تحويل صندوق التنمية العقاري إلى مؤسسة مالية بموافقة مجلس الوزراء ومباركة قائدنا خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
هذا القرار يعتبر نقطة تحول مهمة جدا في معالجة مسألة السكن التي عاصرناها طوال السنوات الماضية بدون أن نشهد أي تحرك عملي او استغلال جيد للموارد والصلاحيات التي كانت متوفرة. تحول الصندوق إلى مؤسسة مالية لا ينحصر دوره بحسب تصوري في عملية التمويل فقط سواء للمستفيدين أو حتى لشركات التطوير العقاري فهذه مهام كانت قائمة في الفترة الماضية، بل المسألة أكبر من ذلك بكثير.
وجود مؤسسة مالية لدى وزارة الإسكان سيتيح لها استخدام وسائل مالية مبتكرة لحل مسألة السكن وذلك باستخدام طرق ابتكارية لمعالجة عدة مسائل في نفس الوقت. وكمثال على ذلك، سأشارككم بأمثلة على خطط مقترحة يمكنها أن تساهم في تحقيق أغلب أهداف استراتيجية الإسكان، ان لم يكن كلها، خلال السنوات الخمس القادمة بإذن الله بوجود المؤسسسة المالية.
خطة العمل الأولى يمكن للوزارة أن تطبقها وذلك لزيادة السيولة المالية لدى الوزارة وبالتالي زيادة حجم ميزانيتها، وفي نفس الوقت يمكنها خفض أسعار الأراضي السكنية داخل النطاق العمراني للمدن، بدون الحاجة لسن قوانين جديدة أو محاولة الاستعانة بمؤسسات حكومية أخرى. هذه الخطة تنص على إصدار سندات إدخارية إسلامية مدعومة بالرهونات العقارية المتوفرة حاليا لدى الصندوق والمخطط عملها مستقبلا وتسمى (Mortgage Bonds).
هذه السندات ستوفر تمويلاً ذاتياً دائماً بإذن الله لوزارة الإسكان وذلك ببيعها مباشرة للمستثمرين الأفراد وإدراجها في سوق تداول، ويمكن أيضا استخدامها من ضمن برنامج مبادلة مقابل الأراضي المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني والجاهزة للبناء. حيث يمكن القيام بعمليات المبادلة باستخدام نظام المزاودات المباشر مع أصحاب الأراضي الأفراد ليهبط بأسعار الأراضي بكل سهولة خلال أقل من سنة بإذن الله، بدون الإضرار بمدخرات الأفراد الذين يستخدموا الأراضي لأغراض الإدخار.
خطة العمل الثانية تكون بأن تستعين الوزارة بالقطاع المالي ليتكفل بمهمة إدارة عملية تصميم وطرح وتنفيذ المشاريع العقارية، وهو التطور الطبيعي للاقتصاد المنتج ليتحول من ناشئ إلى متطور. وجود هذه المهام الآن من ضمن مهام الوزارة يجعلها تحت رحمة البيروقراطية الحكومية والتي غالبا تكون نتائجها غير محمودة كما شهدنا في مشاريع وزارة الإسكان السابقة المختلفة. حاليا، مديرو الصناديق الاستثمارية المرخصون من هيئة السوق المالية جاهزون لتغطية هذا الجزء ولديهم القدرة على استقطاب مطورين عقاريين ومقاولين محليين ودوليين لتنفيذ أكثر من 500 ألف وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة بإذن الله.
خطة العمل الثالثة، وليست الأخيرة، مرتبطة في نوعية البناء وتخطيط الأحياء والضواحي الجديدة لمشاريع منتجات الوزارة. طوال الفترة الماضية ركزت المخططات على المباني الاسمنتية ذات التكلفة العالية والنمط التقليدي. أعتقد أن على الوزارة أن تغير من قوانين البناء لتسمح باستخدام مواد أخرى تساهم في سرعة التنفيذ وتحافظ على جودة مقبولة عالميا ومحليا. إضافة إلى ذلك، المفترض ألا تتدخل في التصاميم وخلافه وتكتفي بوضع محفزات لمديري الصناديق ليهتموا برفاهية المواطنين الذين سيستفيدون من المنتجات ويحرصون على أن تكون جودة الحياة في المخططات والمجمعات الجديدة عالية ومقبولة لدى المستفيدين من منتجاتهم.
هذه فقط أمثلة بسيطة على الطرق التي يمكن الاستفادة فيها من المؤسسة المالية في الوزارة وبإذن الله سنرى من جعبة الوزارة خططاً أكبر وأكثر فعالية ستفيد منها الجميع.