ابعاد الخفجى- اقتصاد :
توقع نائب وزير العمل أحمد الحميدان أن يسهم نظام العمل الجديد المقر من مجلس الوزراء في تنظيم سوق العمل في المملكة وزيادة كفاءته وإنتاجيته، بما يحقق الحراك التنموي الوطني الاقتصادي، وقال إن “التعديلات الجديدة راعت مصلحة صاحب العمل والعامل في آن واحد، بما يحقق المصلحة العامة لمؤسسات القطاع الخاص، وبما يكفل حقوق العامل”.
وتطرق الحميدان في حواره مع “الرياض” إلى واقع ومستقبل نظام العمل الجديد، الذي يتم العمل به السنة الهجرية المقبلة. وقال: “يحدد النظام بشكل مهني وعال ودقيق العلاقة بين وزارة العمل والمؤسسات الشقيقة، وجميع المستفيدين والعملاء، بما يحقق الانعكاسات الإيجابية على مستقبل السوق، وزيادة وتيرة الدعم الخاص بعمليات توطين القوى الوطنية البشرية، وزيادة حضورها في سوق العمل تحت بيئة عمل منتجة وآمنة ومستقرة”.
وأكد الحميدان استعداد الوزارة لإجراء أي تعديلات أخرى على نظام العمل في المملكة، متى تطلبت الحاجة ذلك، مؤكداً أن نظام العمل بعد تعديله لن يكون حجر عثرة أمام شركاء الوزارة الحقيقيين، وقال: “أجرينا التعديلات الأخيرة بالتضامن مع أصحاب الأعمال ومنشآت القطاع الخاص، وعقدنا ورش عمل واللقاءات مستمرة في مقر الوزارة لأخذ آراء الشركاء حول النظام الجديد وما الذي يمكن تحسينه وتطويره”، فإلى نص الحوار.
تطوير منظومة سوق العمل
*بداية.. كيف يمكن أن يسهم نظام العمل الجديد في تطوير منظومة سوق العمل في المملكة؟
– يجب الإشارة إلى أن سوق العمل في المملكة، يحتاج إلى كثير من التحديثات والتطوير ليتواكب مع النهضة الشاملة، وهنا جاءت تعديلات نظام العمل التي أقرَّها مجلس الوزراء الموقر مؤخراً برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي ستسهم إيجاباً في تحسين وتنظيم أداء سوق العمل في المملكة، وزيادة فاعلية الرقابة عليه، وتنظيم العلاقة بين أطراف العمل، إضافةً إلى ما شملته مِنْ تعديلات تساهم في رفعِ كفاءة بيئة العمل.
وبموجب التعديلات الجديدة، ستضع الوزارة نموذجًا موحدًا أو أكثر لِلائحة التنظيمية شاملةً قواعدَ تنظيم العمل، وما يتصلُ به مِنْ أحكام، بما في ذلك الأحكام المُتعلَّقةِ بالميزات والأحكام الخاصة بالمخالفات والجزاءات التأديبية، في الوقت الذي يلتزمُ كلُّ صاحب عمل بإعداد لائحةٍ لتنظيم العمل في مُنشأته، وفق النموذج المُعد مِنْ الوزارة، ويجوز له تضمين اللائحة شروطًا وأحكامًا إضافية، بما لا يتعارض مع أحكام هذا النظام ولائحته والقرارات الصادرة تنفيذًا له، على أنْ يُعْلنها، وأيَّ تعديل يطرأ عليها في مكان ظاهرٍ في المنشأة أو أي وسيلة أخرى تكفلُ علم الخاضعين لها بأحكامها.
منظومة التفتيش
*هل تتوقعون أن تكون هذه التعديلات سبباً في تعقيد اللوائح والأنظمة؟ أم إضافة مفيدة لسوق العمل؟
– بالتأكيد ستكون إضافة مهمة، فهناك 38 تعديلاً جديدًا أُقرتْ في نظام العمل، شملتْ تنظيمات عملِ المنُشآت وحقوق أطراف العمل، وأخرى تتعلق بمنظومة التفتيش والعقوبات التي تُتخذ في حال وقوع المخالفات، فضلاً عن تعديلاتٍ تتعلق بتحسينِ أداء السوق وتأهيل وتدريب السعوديين.
والتعديلات الجديدة أعطتْ الحق للوزارة أن تمتنع عن تجديد رخص العمل متى ما خالف صاحب العمل المعايير الخاصة بتوطين الوظائف التي تضعها الوزارة، أمَّا فيما يخص التدريب والتأهيل، فقد تم رفع نسبةُ تدريب السعوديين ليصبحَ على كلِّ صاحب عمل يشغّل 50 عاملاً فأكثر، أنْ يؤهل أو يدرب ما لا يقل عن 12% مِنْ مجموع عُمَّاله سنوياً، بدلاً مِنْ 6%، ويدخل ضمن هذه النسبة الموظفون السعوديون الذين يُكملون دراساتهم، إذا كان صاحب العمل يتحمل تكاليف الدراسة، مِنْ جهةٍ أخرى، يلتزم المُتَدرَّب أو الخاضع للتدريب دفعَ تكاليف التدريب لصاحب العمل إذا رفض أو امتنع عن العمل بعد انتهاء مدة التدريب.
وسمحتْ التعديلات الجديدة لنظام العمل على سبيل المثال بتمديد فترة التجربة للعامل الخاضع للتجربة إلى مدة لا تزيد على 180 يوماً، والسماح له في فترة تجربة أخرى لدى صاحب عمل واحد بشرط مُضي أكثر مِنْ 6 أشهر خارج المُنشأة، كما تم تمديد فترة العقد محدد المدة مِنْ 3 سنين إلى 4 سنين، بحيث يتحول لعقد غير محدد المدة في حال تعدد التجديد لثلاث مرات متتالية، أو بلغتْ مدة العقد الأصلي مع مدة التجديد أربع سنوات أيُّهما أقل، واستمر الطرفان في تنفيذه، كما أكدتْ التعديلات الجديدة لنظام العمل على عدم جواز تضمين شهادة الخدمة ما قد يسيء للعامل أو يقلل فرص العمل أمامه.
التعديلات الجديدة
*إلى أي مدى ترى أن نظام العمل الجديد محفز للمنشآت؟
– دعني أشير إلى أن التعديلات الجديدة جاءت لتكون محفزًا للمُنشآت في كافة النواحي والمسارات، وبالتحديد في تأسيس لجانٍ عمالية لديها، تتولى التصرف في الغرامات التي تُفرض على العامل، حيث لا يحق للمُنشأة التي لا توجد لديها لجنة عمَّالية أنْ تتصرف في الغرامات دون موافقة الوزارة، حفظًا لحقوق العامل، في الوقتِ الذي أُضيفت فيه ثلاث حالاتٍ جديدة لإنهاء عقد العمل، وهي إغلاقُ المنشأة نهائياً، أو إنهاءِ النشاط الذي يعمل فيه العامل، أو أيُّ حالة أخرى ينصُّ عليها نظامٌ آخر، كما أجازتْ التعديلات الجديدة لأي مِنْ الطرفين في العقود غير محددة المدة إنهاء العقد بسبب مشروع بموجب إشعارٍ يُوجَّه إلى الطرف الآخر كتابةً بمدة لا تقل عن 60 يوما لكل مِنْ يستلم أجره شهرياً، و30 يومًا لمن يستلم أجره بشكل غير شهري، إضافة إلى جواز وضع تعويض مُحدد في عقد العمل مقابل إنهائه مِنْ أحد الطرفين لسبب غير مشروع.
*إجابتك الأخيرة تفرض سؤالاً مهما وهو كيف لنظام العمل الجديد تنظيم علاقات العمل بين صاحب العمل والعامل؟
– أستطيع القول إن النظام المرتقب سيشمل عددًا مِنْ الشروط والأنظمة في باب علاقات العمل منها زيادة مدة غياب العامل بدون عذر مشروع حتى 30 يوماً خلال السنة التعاقدية متفرقة، و15 يوماً متتالية، ومدة الإنذار الكتابي الذي يسبق الفصل، بحيث لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه، إلا في حالات معينة وبشرط أنْ يتيح له الفرصة لكي يبدي أسباب معارضته للفسخ، كما تكفل التعديلات الجديدة حمايةً مشروعةً لصاحب العمل، إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمحُ له بمعرفة عملاء المُنشأة، وقام بعد انتهاء العقد بمنافسته، أو إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بالاطلاع على أسرار عمله، وقام العامل بإفشاء أسراره، حيثُ يحق لصاحب العمل رفع دعوى خلال سنة مِنْ اكتشاف ذلك وفق اشتراطات معينة.
دفع الأجور
*وهل يعالج النظام قضية الأجور من ناحية الالتزام بدفعها في أوقاتها؟
– التعديلات لم تغفل هذا الأمر، حيث تلتزمُ المُنشآت بدفع الأجور في حسابات العُمَّال عنْ طريق البنوك المُعتَمدة في المملكة، وفقاً للاتفاق المسبق بن الطرفين، ولن يكون هناك أي إشكالات في مسألة تأخير دفع الأجور، بل سيتم ضبطها وتنظيمها بما يحفظ حقوق كافة الأطراف وهو ما تسعى إليه الوزارة.
* تناول النظام موضوعات كثيرة حول الإجازة الأسبوعية والسنوية ونحوها وساعات العمل.. لماذا تم التركيز على هذه الموضوعات؟
-أود الإشارة هنا إلى أننا راعينا مصلحة العامل في هذه الجوانب، فقد رفعت التعديلات إجازة حالات الوفاة لأحد أصول العامل أو فروعه أو الزوج والزوجة، إجازة الزواج تمت زيادتها إلى 5 أيام بدلاً مِنْ 3 أيام، وإجازة العامل في حالة ولادةِ زوجته رفعت إلى 3 أيام بدلاً مِنْ يوم واحد، كما شملتْ التعديلات شرطَ موافقة صاحب العمل لانتساب العامل لمؤسسة تعليمية، وفي حالة عدم موافقته، فللعامل أنْ يحصل على إجازة سنوية في حال توافرها، وعند تعذُّر ذلك، فللعامل أنْ يحصل على إجازة دون أجر بعدد أيام الامتحان، كما تمت زيادة مدة المعونة المالية المُقرر صرفها للمُصاب في حالة عجزه عنْ العمل الناتج بسبب إصابة عمل مِنْ 30 يوماً إلى 60 يوماً، ووفق التعديلات الجديدة، أُتيح للمرأة العاملة الحق في توزيع إجازة “الوضع” بأجر كامل كيف تشاء، تبدأ بحد أقصى بأربعة أسابيع قبل التاريخ المرجح للوضع، ولها الحق كذلك في تمديدها لمدة شهر دون أجر وذلك دون المساس باستحقاق أو أجر الإجازة السنوية، كما اشتملتْ التعديلات على إجازة “العدَّة” للمرأة العاملة المتوفى عنها زوجها فأصبحت وفق التعديل الجديد 4 أشهر و10 أيام.
* أعطت التعديلات الجديدة صلاحيات أكبر للمفتشين وسمحت بالاستعانة بمفتشين من خارج الوزارة.. لماذا؟
– يجب الإيضاح بأن التفتيش من العناصر المهمة التي ترتكز عليها الوزارة لضبط المتلاعبين في السوق، حيث أتاح النظام الفرصة لوزارة العمل لزيادة قدراتها التفتيشية بالاستفادة مِنْ كفاءات مؤهلة مِنْ غير موظفي الوزارة للقيام بمهام التفتيش، وفقاً لضوابط وإجراءات ومؤهلات وصلاحيات ستحددها اللوائح التنفيذية لمواد النظام المُعدَّلة، وأعطتْ التعديلات الجديدة صلاحيات ضبط أكثر للمفتش، بحيث إذا تحقق للمفتش أثناء التفتيش وجود مخالفة لأحكام هذا النظام أو اللائحة أو القرارات الصادرة تنفيذاً له، فعليه تحرير محضر ضبط بالمخالفة مباشرةً بدلاً مِنْ النصح والإرشاد سابقًا، كما تضمنتْ التعديلات تغييرًا على بعض عقوبات المخالفات لتشمل عقوبات مالية، تصل إلى مائة ألف ريال، وإغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على 30 يوماً أو إغلاقها نهائيًا في بعض المخالفات أو تكرارها، في الوقت الذي أجازتْ التعديلات الجديدة الاتفاق بين الوزارة والمخالف على تسوية المخالفة بدفع مبلغ الغرامة الذي تُقدِّره الوزارة، كما أصبح المُخالف مُلزماً بإزالة المخالفة خلال مهلة محددة، وفي حالة عدم إزالتها تُعد مخالفة جديدة، ومنح النظام مكافأة مالية لا تزيد على 25% مِنْ مبلغ الغرامة المُحصَّلة لمن يساعد مِنْ موظفي التفتيش أو غيرهم في الكشف عن أي مخالفات لأحكام هذا النظام ولائحته والقرارات الصادرة تنفيذاً له لتعزيز مفهوم الرقابة والضبط.
*هل تخططون لتعديلات أخرى في نظام سوق العمل خلال الفترة المقبلة؟
– دعني أؤكد لك أن التعديلات التي أجريناها، كانت نابعة من حرص الوزارة على معالجة بعض الإشكاليات في بنود نظام العمل القديم، والتي رأينا أنها لا تتماشى مع التطورات التي يشهدها سوق العمل السعودي، والوزارة ليس لديها أي مانع في إجراء أي تعديلات أخرى ترى أنها في صالح سوق العمل، وفي صالح توطين الوظائف، أو أنها ستساهم في تحفيز القطاع الخاص، والمحافظة على حقوقه وحقول العامل أيضا.