أبعاد الخفجى-رياضة:
لم يكن خروج الاتحاد من نصف نهائي كأس ولي العهد أخيراً أمام منافسه التقليدي الأهلي خبراً مفاجئاً لمتابعي “ديربي جدة”، ولا حتى لشريحة كبيرة من جماهيره، ولو في ظل النقص العناصري الذي اعترى صفوف منافسه قبل المواجهة، وفي ظل تكامل صفوف الاتحاد ونتائجه الجيدة في “دوري عبداللطيف جميل” بعد وصوله إلى المرتبة الثالثة بنهاية الدور الأول، فلم يكن ذلك وحده شفيعاً لفوز سهل، يعبر به عقبة منافسه نحو نهائي بطولة كأس ولي العهد، ما يعني انه اصبح بحاجة للكثير من العمل الفني، والدعم العناصري المتواصل، حتى يتلمس طريق عودته إلى منصات التتويج، التي غاب عنها طويلاً عدا حصوله على كأس خادم الحرمين الشريفين قبل ثلاثة أعوام.
في لقاء نصف النهائي حضر الاتحاد بالحماس والروح والقتالية على الكرة، وكلها عوامل مهمة في كرة القدم، ولكنها ليست وقوداً كافياً في كل مرة للوصول إلى الهدف وتحقيق الانتصارات، إن لم تقترن بعطاء فني وتميز عناصري مماثلين.
منذ اعتزال بعض نجومه الكبار وتراجع مستويات البعض الآخر منهم، ممن ساهموا في سطوع اسم الاتحاد عالياً في عصره الذهبي خلال العقدين الماضيين، وتوقف الإدارات المتعاقبة على النادي في استقطباب عناصر بديلة ومؤثرة محلية وأجنبية بسبب عزوف الداعمين الشرفيين، والفريق مع كل هذه العوامل يعيش في دوامة فنية كبيرة، بخطواته المتثاقلة، فسقوطه بات متوقعاً حتى أمام أصغر المنافسين، وابتعد العميد كمنافس حقيقي ومرشح لانتزاع إحدى بطولات الموسم المحلي في السنوات الأخيرة.
وجاء تعدد المدربين الذين قادوا الفريق في المواسم الماضية وهذا الموسم سبباً مؤثراً في تراجع الاتحاد، وغياب هويته الفنية، فتعددت الإقالات مع الضغط الجماهيري الكبير، الذي يستعجل عودة الفريق، ولا يهمه سوى رؤيته منافساً على جميع البطولات، مهما كان ثمن ذلك.
في هذا الوقت جاءت عودة المدرب الروماني فيكتور بيتوركا مرة ثانية لقيادة دفة “العميد”، كقرار إداري مهم، حتى لو قيل أن عودته جاءت بسبب بقية مستحقاته السابقة، فالمهم الآن لدى جل محبيه أنه عاد وهو المدرب المعروف بصرامته وخبرته بشؤون الفريق، ولعل القرار الأهم من عودته هو الاستقرار عليه كخيار استراتيجي لاعوام أطول، ومنحه المساحة الكافية لبناء شخصية الاتحاد الجديد، وتحديد مكامن الخلل الفني في صفوفه، والإشراف على تدعيم الفريق بعناصر أكثر تأثيرا في مراكز عدة، يعاني منها الاتحاد منذ مواسم ولعل أهمها مراكز الدفاع التي كانت أقوى مراكز الفريق، وسده المنيع في اعوام عصره الذهبي.
في الاتحاد كل شيء تغير وتراجع إلا جماهيره الوفية، التي وقفت خلفه في أتراحه قبل أفراحه، ولم تستكن حباً وعشقاً لفريقها حتى في اللحظات الحرجة من تاريخه العريق، وظلت ثابتة في وجه كل العواصف التي هزت نتائج ومستويات الفريق، فبرزت كأهم عوامل الدعم المعنوي، ويأتي دورها في هذه المرحلة من عمر الفريق أكثر أهمية بالصبر على نتائجه حتى يعود كما كان، بطلاً ومنافساً بين الكبار بروح جديدة وعمل فني أكثر ثباتاً واستقراراً على مدى مواسم عدة سيقطف بعدها ثمار العمل الهادئ، والتخطيط السليم لمستقبل أجمل.