أبعاد الخفجى-اقتصاد:
طرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب هو الآن حديث المجالس في المملكة، وصدى هذا الطرح ما زال يتردد محلياً وعالمياً، وبغض النظر عن بكم سَيُسَعر السهم حين طرحه وبكم سيباع بعد إدراجه، فإن لهذا الطرح أهدافاً ستأتي بثمارها على السوق المالية وعلى الاقتصاد الوطني، وستؤتي أكلها على المدى البعيد، وستكون خطوة ذات انعكاسات إيجابية مستقبلية على البلاد.
ما أريد التركيز عليه هنا، ليس السعر المستهدف للسهم عند الطرح، فهذا بالتأكيد سيخضع لدراسة وافية ومستفيضة من شركات استشارية مالية متخصصة في هذا الشأن، وإنما في القيمة المعنوية الكبيرة التي سيتركها؛ بعد أن بشر بخبره صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قبل أيام من خلال حواره مع مجلة – ذا إيكونوميست –، واُستُقبِل فور صدوره كَبُشرى من مواطني المملكة وأوساطها الاقتصادية بحجم كبير من الفرح والسرور، وأيضاً بالتفاؤل بأن النقلة الاقتصادية للمملكة هي نقلة جادة اتضحت معالمها وخطواتها، وستزدهر بجيل الشباب الذي يقود هذه النقلة الاقتصادية وهي تُوَاجَه بكم من التحديات، لكنه – بحول الله وقوته – سيتم تجاوزها تحت قيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله -.
أعتبر أن هذا التوجه من الحكومة لطرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب مقدمة خير وبركة على اقتصاد المملكة بوجه عام؛ حيث سيكون عنواناً بارزاً لِمُضِي الحكومة في الخصخصة، كما أنه فأل خير على المواطنين بشكل خاص، لأن الحكومة دائماً ما كانت تحرص على مشاركة الشريحة الواسعة منهم في الاكتتاب، وذلك بناء على ما مضى من سنوات، حين سمحت في ذلك الوقت بإشراك المواطنين في النسبة الأكبر من الطرح الضخم، الذي من المتوقع أنها ستنهج النهج ذاته، فهناك كثير ممن يتذكر شركة الاتصالات، عندما تم طرح 30% من أسهمها للاكتتاب في يناير 2003 وبرأسمال 12 مليار ريال خصص من الاكتتاب 20% للمواطنين و10% وزعت على مؤسستي التقاعد والتأمينات.
أما المستثمرون، سيكون سرورهم كبيرا، لأنهم يرون أن هذا الطرح من أغلى الهدايا للسوق المالية السعودية وأثمنها على الإطلاق، ومن الممكن أن يضيف إلى السوق دعماً معنوياً وقيمة سوقية مرتفعة، فإدراج شركة عملاقة كأرامكو في سوق المال سيمكنه من تحقيق السبق على مستوى أسواق المال كافة، في احتضان أكبر شركة مساهمة في العالم، وستضيف إلى سوقنا المالية مقداراً كبيراً من الزخم والقيمة السوقية على مستوى الأسواق المالية، هذا بخلاف المردود المالي الربحي من تصاعد سعر أسهمها بعد الإدراج.
الإعلان المقبل عن الطرح وكشف جميع تفاصيله والجدول الزمني والسعر المقدر والكميات المطروحة سيكون بمثابة حدث اقتصادي ضخم ليس على المستوى المحلي وحسب، بل على المستوى العالمي، حيث سَيُسَوِق مثل هذا الطرح لسوق المال تسويقاً مجانياً، وسيكون مرآة تعكس ما يتمتع به اقتصاد المملكة من قوة ومتانة، وما سوف يتركه ذلك على سوق الأسهم السعودية من مزايا من الممكن أن يسيل لها لعاب الاستثمارات الأجنبية، من شركات استثمار وأصول عملاقة تدفعها إلى أن توسع مشاركتها بالاستثمار في السوق السعودية، بأكثر مما هو حاصل الآن، مع آمال ما زالت قائمة بأن تحظى تلك الاستثمارات قبل انكبابها بإجراءات مشددة تتعلق بأن تنحو نحواً استثمارياً بعيد المدى.
بلا أدنى شك، فإن الطرح سيكون محفزاً للسوق المالية، وداعماً لاستقرارها، على المدى البعيد، ومازال هناك من يتذكر قبل ما يقارب 13 عاماً عندما طرحت أسهم الاتصالات كيف ساعدت على توسيع قاعدة مستثمري سوق الأسهم، من بضعة آلاف آنذاك، إلى ملايين من المستثمرين، رفعوا من نشاط السوق وأرقامه وأعادوا حيويته.
من المؤمل أن طرح أسهم شركة أرامكو التي يقدر رأسمالها بالتريليونات، سيكون مصحوباً بحزمة كبيرة من السخاءً في الدعم المعنوي لسوق المال، وبما يفوق ما قدمته الاتصالات آنذاك من انتعاش للسوق، من حيث جذب مزيد من المستثمرين الذين منهم بلا شك من سيأخذ بالاعتبار ما حصل من دروس مُستَفَاد منها إثر الانهيار الكبير الذي حدث لسوق الأسهم عام 2006. أجزم أن أسهم أرامكو سَتُذكي الحس الاستثماري وتُنَميه لدى شريحة واسعة من المواطنين، سواء من المكتتبين أو ممن سيمتلكونه بشرائه من السوق بعد الإدراج، وهذا الحس سيقول لهم بعد أن تقتنيه محافظهم: ان أسهم أرامكو ليست للبيع.
وأقدم هنا للأمير محمد بن سلمان قائد – الاقتصاد المتين الجديد – نيابة عن المواطنين كل الشكر والمحبة والتقدير على هذا الجهد، وهذا الحماس، وهذا النشاط، مع الدعاء بأن يبارك الله في سموه ويحفظه وينصره.