أبعاد الخفجى-سياسة:
عشية الذكرى الثالثة للاعتداء الإرهابي الدموي الذي استهدف في 16 يناير 2013 موقعا غازيا مهما بمنطقة “تيقنتورين “بالصحراء الجزائرية وتحديدا ب “عين أمناس” ولاية إليزي بالجنوب الجزائري في 16 يناير 2013 قررت عائلات بريطانيين ضحايا الاعتداء الإرهابي رفع دعوى قضائية ضد شركة “بريتيش بتروليوم” متهمين إياها مثلما أوردت وسائل إعلام بريطانية ب “عدم اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية موظفيها”.
وأعربت عائلات الضحايا وعددهم (6) عن سخطها الشديد لنتائج التحقيق القضائي البريطاني الصادر في فبراير 2015 الذي يحمل المسؤولية الكاملة للإرهابيين في مقتل (37) رعية أجنبية من ثماني جنسيات من بين 800 رهينة احتجزها الإرهابيون.
وكان التلفزيون البريطاني “بي بي سي” بثّ في 13 نوفمبر 2013 شريطا وثائقيا تحت عنوان “إرهاب في الصحراء.. العودة إلى عين اميناس” تحدث عن مباحثات سرية جرت بين المخابرات البريطانية والجزائر التي رفضت عرضا بريطانيا بالمساعدة على حل مسألة الرهائن عبر خدمات فرقة “ساس” البريطانية للعمليات الخاصة وكيف أن الجيش الجزائري رفض كل العروض مفضلا الحسم بدل التفاوض.
وكان الرئيس بوتفليقة أمر بتشكيل لجنة تحقيق أمنية عالية المستوى أوعز بمنحها كافة الصلاحيات لكشف حيثيات الهجوم وإن كان هناك تقصير في الإجراءات الأمنية المشددة، وتلت دعوة الرئيس الجزائري تشكيل لجنة تحقيق تحميل الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض آنذاك مسؤولية مقتل الرهائن إلى الإرهابيين مدينا الاعتداء قائلا “إن الولايات المتحدة ستبقى على اتصال وثيق بحكومة الجزائر قصد فهم أكبر لما جرى وتفادي مآس مماثلة”.
وواجهت الجزائر انتقادات داخلية وخارجية وجهتها أوساط إعلامية للطريقة التي سيرّت بها السلطة أزمة الرهائن على مستوى الاتصال؛ حيث عابت الأوساط نفسها بالأخص وسائل إعلام الداخل الغلق الذي مارسته الجهات المختصة التي كانت لها علاقة مباشرة بالحدث على المعلومة على رأسها الوزارة الأولى والداخلية ووزارة الاتصال ووزارة الطاقة والمناجم، ما أحدث نوعا من البلبلة والتشويش على مستوى الأخبار التي كانت تتداولها المنابر الإعلامية بل قاد الوضع إلى بروز تناقضات حتى على مستوى الوزارات مثلما حدث مع تصريحات وزير الداخلية دحو ولد قابلية ووزير الاتصال محمد سعيد بشأن هوية المعتدين والجهات التي تسللوا منها إلى الجزائر وقاد الغلق إلى لجوء عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى مواقع إخبارية إلكترونية لدول الجوار وصفتها السلطة في الجزائر على لسان وزيرها الأول عبدالمالك سلال خلال الندوة الصحافية التي عقدها عقب انتهاء عملية تيقنتورين بأنها “تهويلية” فيما كانت السلطة نفسها تمارس عملية التقطير في منح المعلومة استثناء لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وحاولت الجزائر في دفاعها عن الطريقة التي سيّرت بها عملية الاتصال خلال أزمة رهائن عين أمناس إفهام الرأي العام المحلي والدولي من أنها “تقصّدت” الغلق الذي مارسته على المعلومة الأمنية وهو ما صرح به وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي آنذاك في منتدى دافوس بسويسرا في الحوار الذي أجرته معه وكالة “أسوشيتد برس الأميركية (آبي) عندما قال إن “دواعي أمنية” كانت وراء عدم قدرة السلطات المختصة توفير المعلومة في حينها وهذا “حتى لا يتم استغلالها من قبل الإرهابيين” و”خلخلة عملية التحرير” التي كانت تقوم بها القوات الخاصة.