أبعاد الخفجى-محليات:
علق رئيس مجلس الشورى -على غير عادته في مساءلة وزراء آخرين- في ختام جلسة أمس التي خصصت لمناقشة وزير العمل مفرج الحقباني على أن الأجوبة كانت دقيقة، مؤكدا أن أجوبته كانت صريحة اعترف فيها بالقصور ووضوح المعالجة، وتعهد أمام المجلس ووسائل الإعلام بمعالجة أوجه القصور، ووعد الوزير بأن يكون لقاؤه بالمجلس بداية شراكة وتعاون مستمر.
وأكد آل الشيخ في مستهل الجلسة حرص المجلس على دعم كل الجهود التي تبذلها وزارة العمل في سبيل تنفيذ المهام الموكلة إليها والتغلب على الصعوبات التي تواجهها في إطار اختصاصاتها، منوهاً بالجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لتوفير المستوى المعيشي الأفضل للمواطنين ودعم البرامج الرامية إلى إيجاد الفرص الوظيفية للشباب والفتيات في القطاع الخاص لمعالجة قضية البطالة.
من جهتهم عبر أعضاء في ردهم على سؤال ل”الرياض” حول أجوبة وزير العمل، بأنه لم يضف جديداً ومجمل أجوبته مضمنه في تقرير الأداء الذي ناقشه المجلس مؤخراً، فيما رأي آخرون أن أجوبته تظهر جهود وزارته وأنه بالفعل يعمل، وعبر فئة ثالثة من الأعضاء عن يئسها من معالجة مشاكل وملفات الوزارة وفي مقدمتها مكافحة البطالة والاستقدام التي لم يفلح د. مفرج بالإجابة عليها مطالباً بتحديد جلسة خاصة لمناقشتها وإطلاع رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية سواء في المجلس أو في مقر وزارة العمل، كما أكد أن الوزارة تعمل على تفعيل تأجير العمالة المنزلية بالساعة واليومية وقال إن الشركات التي سمح لها بالاستقدام ركزت للأسف على العمالة الرجالية.
وبالعودة إلى الجلسة فقد أوقف رئيس المجلس وزير العمل مرتين أثناء سرده تقريراً عن منجزات الوزارة وأهم برامجها وتوجهاتها المستقبلية لتجاوزه الوقت المحدد لكلمات الوزراء والمسؤولين أثناء حضورهم للمساءلة تحت قبة الشورى، ليتم فتح المجال أمام المهندس محمد النقادي رئيس لجنة الإدارة لعرض اسئلة المواطنين التي يحرص المجلس على الابتداء بها ثم الانتقال لأسئلة اللجنة المختصة وبعد ذلك الأعضاء، وأكد تلقي اللجنة للعديد من أسئلة المواطنين جاء بعضها على شكل شكاوى فردية وقال إنها ستسلم للوزير، إضافة إلى مئات الرسائل التي تستفسر عن إجازة اليومين للقطاع الخاص وقد انتهت لجنة الإدارة من دراسته مجدداً كما انفردت الرياض وستعرض للمناقشة يوم الثلاثاء المقبل، وتمنى النقادي على الوزير طمأنت المواطن بخصوص المادة 77 من نظام العمل المتعلقة بفصل الموظف عن عمله، وتطرق النقادي لمطالبات مواطنين للوزارة بالجدية في مكافحة البطالة لتشمل جميع المهن والمناطق بدل تركزها في الرياض والغربية والشرقية، كما أشار إلى تظلم المواطنين من مكاتب الاستقدام وارتفاع أسعار العمالة المنزلية، وفي نفس الوقت تظلم المكاتب من الوزارة، ومدى قدرة التعامل مع ملف هذه العمالة التي باتت أزمة تزداد يوماً بعد يوم منذ تولي وزارة العمل الاستقدام، وكذلك مشكلة حماية الأجور التي يعاني منها المواطن مع شركات القطاع الخاص وتفاقم مشاكلهم وعجزهم المادي، مؤكداً النقادي أن المواطنين انتقدوا مجلس الشورى في هذا الخصوص.
في الثلث الأخير من جلسة الشورى التي خصصها أمس الثلاثاء لمناقشة وزير العمل مفرج الحقباني وامتدت نحو ثلاث ساعات، وبعد الاستماع للكثير من إجابات الوزير على اسئلة المواطنين والأعضاء، داخل د. سلطان السلطان وطالب الوزير بالاستقالة وقال “قدم استقالتك وفرحنا” فالوزارة لم تضع رؤية لمكافحة البطالة والقضاء عليها ولم تجب علي بخصوص ذلك على زملائي عندما سألوك”، وأكد أن السياسة العمالية غير ناجحة وهي مجرد اجتهادات ومبادرات شخصية، وقال” ضيقتم على المواطن والأسر تعاني في استقدام العمالة المنزلية، والعديد من الشركات المتوسطة والصغيرة هابطة ومنهارة بسبب نطاقات الذي اسميه متاهات “وختم بأنه لا يريد تعليقاً على مداخلته.
هذا الهجوم قابله وزير العمل بالتأكيد على أن وزارته لم تضيق على الأسر فيما يخص استقدام العمالة كما أن المجال مفتوح لشركات الاستقدام كما فتحت الوزرة المجال لشركات أخرى وقال إن سبب مشكلة الاستقدام قد يكون داخليا وخارجيا وقد خارجياً فقط مؤكداً ترحيبه بزيارة العضو وزملائه الآخرين من المجلس في الوزارة لمناقشة مشكلة العمالة المنزلية واستراتيجية التوظيف، مؤكداً أنها المصدر الأساس التي تعتمد عليه الوزارة وهي مربوطة بمؤشرات قياس أداء، كما كشف عن رفع طلب للمقام السامي لتحديد ساعات العمل في قطاع التجزئة حيث سيتاح للعامل السعودي الإسهام في هذا القطاع، مؤكداً أن الموظف السعودي يحتاج إلى الدعم الحمائي وليس فقط الدعم المالي لحمايته من العمالة الوافدة.
وفي ردة فعل على قول الوزير إن المرأة مسؤولة عن ثبات نسبة البطالة الخاصة بها 32% بسبب ضعف مشاركتها في ميدان العمل أوضحت دلال الحربي نائب رئيس لجنة الإدارة والمارد البشرية أن المرأة يحيط بها ثلاث جهات تحدد موقفها وقبولها للعمل واستمراريتها فيه وهي الوزارة والمجتمع والمرأة ذاتها، مشيرةُ إلى المعوقات التي تعيق عمل المرأة وهي قصر إجازة الوضع والأمومة، والمواصلات وبدلها الذي لا يتناسب مع التكلفة الفعلية لها، وقلة أو عدم توفر مراكز رعاية الأطفال في المراكز التجارية البائعات السعوديات قطاع التجزئة إضافة إلى التوسع في المناصب القيادي، وبيئة العمل ومن أهمها التعديات اللا أخلاقية.
وأفاد الوزير في جوابه على سؤال حول دور وزارة العمل في حل هذه المعوقات وما تبقى منها، أن الوزارة تعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه عمل المرأة في مقرات العمل وأوقاته من خلال مراكز للعمل عن بعد، أما برنامج العمل من المنزل الذي أطلق في مرحلته الأولية فيبلغ عدد العاملات فيه 779 في 47 مدينة استفاد منه 279 من أصحاب الأعمال، إضافة إلى مشروع لنقل المرأة العاملة ومشروع لحضانة الأطفال، لافتاً النظر إلى أن المرأة واجهت صعوبات كبيرة في سبيل الحصول على عمل وتمكنت وزارة العمل من إيجاد مجالات جديدة لعمل المرأة.
وشدد الوزير على ألا يعمل بقطاع تجارة التجزئة سوى السعوديين في معرض رده على سؤال للدكتور سعود السبيعي يؤكد فيه أن هناك مليوني عامل يعملون في هذا القطاع 80% منهم غير سعوديين، وأكد الحقباني أن الوزارة تعمل على مشروع في هذا الخصوص.
وكان وزير العمل قد بين أن القطاع الحكومي لا يزال يستوعب السعوديين بينما يبلغ عدد العاملين الوافدين في القطاع الخاص 9 ملايين عامل وافد، وتناول نسبة البطالة في المملكة مشيراً إلى أنها تشكل في مجملها 11.5%،وبلغ عدد العاملين الذين تم توظيفهم من خلال برنامج حافز 438.563 ألف مواطن 60% منهم من النساء.
واستعرض الحقباني أمام مجلس الشورى أهداف برنامج “نطاقات” مؤكداً جعل أجور السعوديين كمعيار مهم لتصنيف قطاعات السوق ضمن آليات البرنامج في نسخته الثانية، أما نطاقات الموزون المقرر انطلاقه خلال العام الجاري فقد تضمن معايير جديدة لتحفيز جودة التوظيف من خلال التوازن بين العامل النوعي والعامل الكمي.
وتطرق د. مفرج الحقباني إلى انعكاسات برنامج نطاقات على السوق السعودي، لافتاً إلى أنه وفر العديد من الوظائف للسعوديين والسعوديات من خلال التركيز على عامل الكم ونسب توطين الوظائف.
وأبان أن عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص وصل بنهاية عام 2015، إلى 1.7 مليون عامل، بعد أن كانوا بنهاية عام 2011 نحو 700 ألف عامل، وذلك نتيجة لإطلاق برنامج “نطاقات” في عام 2012، وتزامنه مع جملة من البرامج والمبادرات؛ لدعم تدريب السعوديين وتوظيفهم، كما أن عدد العاملات السعوديات وصل في القطاع الخاص إلى نحو 477 ألف موظفة بنهاية الربع الثالث من عام 2015م، بعد أن كن 50 ألفاً قبل 4 أعوام، كما أكد أن برنامج نطاقات استطاع رفع نسبة التوطين من 10% إلى 17% منبهاً على أنه ليس الأداة الوحيدة لإدارة سوق العمل.
وأوضح وزير العمل أن برامج صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” المختلفة ومراكز التوظيف “طاقات” أسهمت في دعم توظيف 772 ألفا، مبيناً في إجاباته أن الوزارة لن تسمح لأي منشأة باستغلال المادة 77 من نظام العمل لفصل الموظف السعودي وإبقاء العامل الوافد وقال ” إن وزارة العمل تتابع بشكل أسبوعي ما تقوم به المنشآت في إطار المادة 77 التي نحرص على ألا تلغي حقاً قائماً، ونعمل جاهدين في مساندة المواطن”.
وفيما يخص العمالة المنزلية أوضح الحقباني أن الاتفاقيات التي تعقدها الوزارة مع نظيراتها في دول الاستقدام هي اتفاقيات إطارية مهمة وتعمل الوزارة على تطوير آليات استقدام العمالة المنزلية، وكشف أن هناك لجنة حكومية خاصة تراجع ملف الاستقدام كاملاً، مؤكداً أن وزارة العمل تبحث مع الهيئة العامة للاستثمار فتح المجال لمكاتب الاستقدام الأجنبية للاستثمار في المملكة.
وعن تدني الأجور في القطاع الخاص رأى الحقباني أنه عندما تسيطر العمالة الوافدة على سوق العمل بأعداد كبيرة فمن الطبيعي انخفاض الأجور، وقال لدى الوزارة فريق عمل يراجع توطين الوظائف في قطاع التجزئة وتستهدف الوزارة في المستقبل قطاع الاتصالات، مؤكداً أن قطاع التجزئة يفترض أن يكون خاصاً بالسعوديين.
وأكد وزير العمل أن الوزارة قامت بجولات تفتيشية على 148 ألف منشأة عاملة في السوق كشفت خلاها عن 73 ألف مخالفة، وقال “إن الجولات تهدف للتحقق من عدم مزاحمة العامل الوافد للعامل السعودي في وظائف يستطيع أن يقوم بها المواطن”، وأفاد أن الوزارة من خلال المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تعمل على ربط مخرجات المؤسسة مع حاجات سوق العمل حيث يوجد تعاون مع شركات كبرى لتوفير احتياجاتها من العاملين السعوديين المدربين في مجالاتهم كشركة أرامكو السعودية، ونعمل على فتح تخصصات أخرى كصيانة الطائرات وفي تخصصي تحلية المياه والكهرباء.
من جهة أخرى جدد وزير العمل خارج قبة الشورى في تصريح عقب الجلسة التأكيد على تصدي الوزارة للمنشآت التي تمارس الفصل التعسفي للسعوديين بسبب الأوضاع الاقتصادية، وقال “لن نسمح للمنشآت بفصل السعوديين بسبب الانكماش الاقتصادي او التقشف، وسنتدخل على الفور بالنظام، ولدينا مستندات نظامية تحمي حقوق السعوديين والسعوديات والتدخل ليس فقط من خلال المادة 77 بل بأنظمة أخرى وسنستمر في متابعة الفصل والتعسف من للسعوديين” معلنا استفادته من حضوره للمجلس والاستماع إلى ملاحظات واقتراحات أعضاء المجلس وقال: “هذه الملاحظات نستفيد منها في تطوير عملنا، وقضايا سوق العمل هي القضايا المهمة والوقت لم يكن كافيا لتغطية كافة المحاور ولكن انها ستكون بداية لتواصل مستقبلا”.