أبعاد الخفجى-اقتصاد:
طالب مختصون في قطاع التأمين وشركاته، بضرورة إنشاء هيئة مختصة لإدارة كل أنواع التأمين، والإشراف عليه، كما طالبوا بإنشاء لجان تتبع الغرف التجارية لتسهيل عمل شركات التأمين، وتسهيل الاندماج والاستحواذ بينها.
وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور عبدالوهاب الخميس المتخصص في قضايا التأمين والسياسات الصحية، أن الحل الجذري لما يواجهه قطاع التأمين هو بتأسيس “هيئة للتأمين” بحيث تتولى إدارة كل أنواع التأمين بما في ذلك تأمين السيارة والتأمين الصحي؛ مشيراً إلى أن التأمين أصبح رافداً اقتصادياً مهماً، يستحق منا أن تكون له هيئة اعتبارية تدير شؤونه؛ فمن غير المبرر أن تستمر الازدواجية في التعامل مع التأمين بين مؤسسة النقد ومجلس الضمان الصحي التعاوني في تأهيل شركات التأمين الصحي، في حين أن بقية أنواع التأمين تتولى إدارتها إدارة ضمن إدارات مؤسسة النقد المتعددة.
وأشار الدكتور عبدالوهاب الخميس إلى الارتفاعات غير المبررة في السنوات الأخيرة لكل أنواع التأمين، تستوجب إقامة مثل هذه الهيئة، نظرا لأن مؤسسة النقد لم تستطع التحكم في الزيادات المتتالية لقيمة بوليصة تأمين السيارة. فالارتفاعات متلاحقة خلال فترة أقل من ثلاث سنوات، وبالتالي فهذه الزيادات لا يمكن تبريرها بأنها بناء على تقرير الخبير الاكتواري؛ لأنها حدثت بنسب متتالية وسريعة وخلال فترة زمنية محدودة جدا.
وطالب الدكتور الخميس بإجراءات تسهم في حماية المستفيد من خدمة التأمين، وتحفظ مصالح شركات التامين، ومنها الحاجة إلى مراجعة الاشتراطات المتعلقة بتأسيس شركات التأمين؛ فإذا كانت وزارة المالية قد حددت 100 مليون ريال للملاءة المالية لشركات التأمين، و200 مليون ريال للملاءة المالية لشركات إعادة التأمين، فهذا المبلغ بحاجة إلى زيادة لأن شركات التأمين أصبحت مثل الدكاكين، وبالتالي فإن هذه الزيادة قد تكون مهمة جدا من أجل تنظيف السوق التأمينية من الشركات ذات الجودة والخبرة المحدودة؛ فالسوق التأمينية بحاجة إلى حماية من الشركات التي تعبث بها وتفقد الناس الثقة ليس فقط بشركات التأمين، وإنما بالتأمين كقطاع اقتصادي مهم.
وعبر الدكتور الخميس عن التفهم عن دوافع مؤسسة النقد عندما شجعت الاستثمار في التأمين، ومن ضمن هذه التسهيلات محدودية رأس المال اللازمة لتأسيس شركة تأمين، لكن بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على هذا الاجراء، فمن المفترض أن نكون قد تجاوزنا مرحلة التأسيس وبدأنا مرحلة رفع جودة السوق التأمينية وإعادة ترتيب الأولويات وفقا لهذه المرحلة؛ فكثير من الدول حدت من تلاعب شركات التأمين وتمكنت من رفع جودة الخدمات التأمينية وحماية المستفيدين من الخدمات التأمينية عبر زيادة الاشتراطات الخاصة برأس المال اللازم لتأسيس شركة تأمين.
وعدد الدكتور الخميس أسباب الزيادات الفلكية في أسعار التأمين إلى ضعف الخبرة اللازمة لإدارة شركات التأمين، نظرا لسيطرة غير المختصين ومحدودي الخبرة على سوق التامين، والأسوأ من هذا أن معظمهم من غير السعوديين، رغم وجود نص في اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين بأن عليها وضع خطة لتوظيف السعوديين حسب المادة الرابعة من شروط فتح ترخيص شركة تأمين، لكن نسبة السعودة ما زالت محدودة كما تشير الى ذلك الاحصاءات حيث لم تتجاوز نسبة السعوديين في القطاع 55% بشكل عام.
من جهة أخرى أكد “عبدالرحمن الشهري” -رجل أعمال ومستثمر في سوق المال السعودي- أن قطاع التامين وشركاته يعانون بالفعل من ايجاد حلول ناجعة تنهض بالقطاع بشكل عام، وتطور من جودة الخدمات التامينية المقدمة من شركات التأمين، وبين أن صغر رؤوس أموال كثير من شركات التامين، وخسائرها المتراكمة قد أضعف كثيرا من جودة الخدمات التأمينية المقدمة منها.
واقترح الشهري أن يتم تأسيس هيئة خاصة بشركات التامين تتبع الغرف التجارية في المملكة أو تتبع مؤسسة النقد أو وزارة التجارة، مؤكدا أن تأسيس هذه اللجان سوف يكون عامل إيجابي للتنسيق بين شركات التأمين لمواجهة التحديات والعقبات وتذليليها، إضافة إلى تسهيل عمليات الاندماجات والاستحواذات التي نطالب بحدوثها من أجل تحويل الشركات الصغيرة إلى شركات متوسطة أو كبيرة قادرة على المناسبة، وتقديم خدمات التأمين بجودة عالية.
وأكد الشهري أن هذه الهيئة أو اللجان ستساهم بشكل كبير في تذليل العقبات التي يواجهها قطاع التأمين نظرا لما يواجهه القطاع من التحديات الكثيرة، كما ستساهم في تعزيز نشاط القطاع، حيث ستركز في حال انشائها على الاندماجات بين الشركات، والاستحواذات، وتعزيز المنافسة، وتنويع المنتجات، اضافة إلى مالها من دور في تسهيل الأعمال لرواد الأعمال وتذليل العقبات أمامهم.
من جهته وافق “عدنان النعيم” -كاتب اقتصادي- التوجه نحو انشاء هيئة للإشراف على القطاع، مؤكدا أن من الأهمية بمكان في هذا الوقت تحديدا، ان تعمل مؤسسة النقد العربي السعودي وهي المظلة الإشرافية على قطاع التأمين بالمملكة على تأسيس هيئة مستقلة للإشراف ولتنظيم هذا القطاع على غرار هيئة سوق المال، والتي ورغم حداثتها إلا انها حققت نجاحات لافتة لتنظيم سوق المال رغم التقلبات والأزمات التي حدثت في عقدها الاول منذ تأسيسها، وأشار النعيم إلى أن التحدي هنا أنه في حال تجاهل إنشاء مثل هذه الهيئة المستقلة لقطاع التأمين فإن من المتوقع أن نشاهد مزيدا من الخسائر وتراكم القضايا والضبابية في سوق التامين.
وبين النعيم أن قطاع التأمين يمثل أهمية بالغة وحيوية في اقتصاديات معظم دول العالم، حيث ان هذا القطاع يمثل قيمة مضافة ومكملا لكثير من الحلول التمويلية والاقتصادية للكثير من القطاعات، والآن ومع اكتمال العقد الأول من السماح بتأسيس شركات تأمين مساهمة مدرجة في سوق المال، فان كثيرين يرون ان هذا القطاع لا يزال يبحث عن نفسه ويدور في فلك مجهول حيث ضعف الدور التشريعي والرقابي والتنظيمي، وبالتالي يجب البحث عن حلول لتطوير القطاع وحل مشاكله، وفي مقدمة هذه الحلول وأهمها إنشاء هيئة مستقلة تشرف وتنظم هذا القطاع.