أبعاد الخفجى-اقتصاد:
يدخل عملاقا النفط والبتروكيماويات في العالم شركتا أرامكو السعودية وسابك في معترك تنافسي ذو فائدة عظيمة لتدعيم اقتصاديات المملكة من خلال الاستثمار الأمثل لثرواتها من النفط والغاز والبتروكيماويات الأساسية وتطوير صناعاتها في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة مع انخفاض أسعار النفط الذي ألقى بضلاله على قطاع البتروكيماويات الامر الذي دفع الشركتين للشروع في التعمق في إجراء الدراسات والبحوث والتجارب الابتكارية لتنويع استغلال النفط من مجرد تصديره كخام إلى بحث إمكانية استغلاله مباشرة في الصناعات البتروكيماوية حيث تتسابق الشركتان حالياً لإقامة مشروعات بتروكيماوية ضخمة تعتمد على استخدام النفط لقيماً في صناعة البتروكيماويات.
وحول هذا التوجه الاستراتيجي الذي سوف يحدث نقلة في تطوير صناعة النفط ومخرجات قطاع البتروكيماويات، قال م. أمين حسن الناصر رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، في حديث ل”الرياض” “تعكف أرامكو بالفعل حالياً على تحويل النفط إلى بتروكيماويات حيث شرعنا بعمل التجارب اللازمة في الوقت الراهن لتطوير التقنيات الاستراتيجية لتحويل الزيت الخام بشكل مباشر إلى مواد كيميائية بصورة اقتصادية حيث من شأنها أن تعطي للزيت الخام ميزة تنافسية مقارنة بالمواد الأخرى المستخدمة لقيمًا في قطاع الصناعات البتروكيماوية”.
وأشار إلى ضرورة احداث مصادر أخرى للنفط لدعم صناعات البتروكيماويات والصناعات التحويلية حيث يمثل هذا التوجه أهمية كبيرة لشركة أرامكو للسعي نحو تطوير التقنيات واحداث تغير للاستثمار الداخلي في وقت تعد المملكة مركزا للصناعة البترولية مع الصناعة البتروكيماوية التي سوف يكون لها تأثير كبير وعوائد جيدة على رأس مال الشركة الداخلي والمستثمرين في ظل الرساميل المتوقعة الكبيرة، التي تواكب انطلاق استراتيجية التحول الوطني المشتملة على إصلاحات واسعة ترتكز على ضرورة تقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على صادرات الزيت الخام.
في وقت تركز أرامكو لتحقيق النجاح المأمول في استخدام النفط مباشرة في صناعة البتروكيماويات على المضي قدماً لتحقيق الريادة في البحث والتطوير وتوطين التقنيات المتقدمة لتمثل عاملا مهما للتمكين والمحافظة على الميزة التنافسية في مجال الصناعات الكيميائية التي تعتمد على المعرفة والابتكار التي الهمت خبراء أرامكو لتطوير قطاع عالمي رائد في مجال التكرير والكيميائيات والصناعات التحويلية معاً في الوقت ذاته.
وبين أن أرامكو تسعى لتحقيق التكامل حيث تعمل على الدخول في جميع مراحل سلسلة القيمة الهيدروكربونية، بدءًا من إمدادات الزيت والغاز، والتكرير، والكيميائيات، وزيوت التشحيم، وانتهاءً بالتوزيع والتسويق، عن طريق تطوير مشروعات كبيرة لتفعيل التكامل بشقيه الجغرافي والتشغيلي، حيث تكمن الأهمية القصوى ليس فقط في إضافة القيمة، وجلب عائدات إضافية لتحسين كفاءة الاستثمار في المصافي بتكاملها مع مرافق انتاج المواد الكيميائية، بل أيضا في إسهامه في استقرار دخل الشركة، وبالتالي الدخل الوطني، والحد من الآثار التي يمكن أن تترتب على التقلبات في أسعار الزيت الخام العالمية، لاستناده على منظومة أعمال أكثر تنوعا وتكاملا وصلابة.
وتسعى أرامكو لإطلاق وإرساء حقبة جديدةٍ من النهضة الصناعية الوطنية لقيادة صناعات المملكة إلى آفاق جديدة بالتركيز على الاستثمارات التي تستهلك اللقيم السائل، وزيادة المعرفة والابتكار لتطوير تقنيات التحويل المباشر للزيت الخام إلى كيميائيات، والتوجه نحو الاستثمار في الكيميائيات المتخصصة، والتوسع في استثمارات الصناعات التحويلية الصغيرة والمتوسطة، التي تنتج سلعا نهائية أو شبه نهائية.
وتطرق الناصر لمشروع المرحلة الثانية من مشروع “بترورابغ2” مشيراً إلى أن المشروع مع شركة سوميتومو سوف ستكتمل المرحلة الثانية منه، خلال العام 2016، ليعزز التكامل مع أعمال المصفاة ويضيف منتجات جديدة ذات قيمة عالية للمملكة، في وقت يمثل المشروع أضخم مشروعات أرامكو التوسعية في انتاج المواد البترولية المكررة والعطريات والبتروكيماويات ويشمل توسعة وحدة تكسير الإيثان القائمة لمعالجة 30 مليون قدم مكعبة إضافية وبناء مجمع لمعالجة النافثا والعطريات يتم من خلاله معالجة أكثر من 2.7 مليون طن سنويا من النافثا وبتكلفة تقدر بنحو 32 مليار ريال ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع خلال عام 2016.
وتخطط أرامكو من خلال مشروعات المرحلة الثانية لبترورابغ تعزيز استراتيجيتها لمضاعفة قيمة الموارد الهيدروكربونية من خلال دمج مرافق إنتاج الكيميائيات في أصول التكرير، حيث ستضيف المرحلة الثانية من مشروع رابغ منتجات متخصصة مشتقة من الإثيلين والبروبيلين من خلال زيادة إنتاج وحدة تجزئة البخار القائمة، والقدرة على تحويل اربعة ملايين طن سنويًا من النافثا، إلى منتجات أروماتية ذات قيمة أعلى، حيث كان من المقرر تصدير منتج النافثا قبيل اقرار المشروع الذي فتح أفاقا أرحب للشركة لاستغلالها محلياً في مجمعها، حيث ستعالج مرافق المرحلة الثانية من مشروع رابغ الجديدة هذه الكميات من النافثا لتوفير لقيم يستخدم في وحدات الصناعات التحويلية في تصنيع بتروكيميائيات متخصصة، فيما سيقوم المصنعون في مجمع رابغ التقني المدمج مع بترورابغ، بتحويل المواد الكيميائية إلى منتجات استهلاكية، مما سيؤدي إلى إنشاء صناعات جديدة، والمساعدة في توفير فرص عمل.
ومن جهتها أنجزت سابك خطوات متقدمة في خططها الاستراتيجية في إنشاء أول مجمع صناعي من نوعه في العالم لتحويل النفط إلى منتجات بتروكيماوية والذي يتوقع أن يستهلك نحو 10 ملايين طن متري من الزيت الخام سنوياً لإنتاج البتروكيماويات، والمواد الكيماوية المتخصصة المتقدمة، مع توفير حوالي 100 ألف فرصة عمل جديدة عند تشغيله وفق التوقعات الأولية والحالية للشركة.
وأوضح يوسف بن عبدالله البنيان عن قطع مراحل متقدمة للدراسات الأولية لتقويم أعمال البناء الخاصة بمشروع تحويل النفط الى كيماويات سعياً لتنويع موارد المملكة والحد من استهلاكها للطاقة، حيث ان المجمع سوف يستخدم تقنية تنافسية مستدامة لتحويل النفط الخام مباشرة إلى منتجات بتروكيماوية، حيث يجسد هذا التوجه مساعي سابك الحثيثة وجهودها المضنية لتنويع موادها الخام لإنتاج البتروكيماويات التي تقود لإنتاج مواد جديدة لمواجهة تحديات السوق العالمية.
ويأتي قرار سابك في التحول في مفهوم تطوير موارد المواد الخام الداخلة في صناعة البتروكيماويات في وقت أسست الشركة أصولاً ومنتجات وابتكارات بقيمة تزيد على 240 مليار ريال، حيث أدت هذه الاستثمارات والجهود إلى تأسيس أنشطة تجارية مختلفة في قطاع الصناعات التحويلية، وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بها في المملكة. وأسهمت هذه الاستثمارات في تطوير سلسلة قيمة قوية في مجال الصناعات التحويلية للبلاستيك، شملت 850 شركة تصنيعية، ما كان سبباً في توفير 65 ألف وظيفة.
وبين البنيان بأنه خلال السنوات القليلة المقبلة، سيتم ضخ استثمارات إضافية بقيمة 14 مليار ريال، وستكون هذه الاستثمارات بمثابة حافر لتطوير سلاسل قيمة جديدة في مجالات أخرى مثل المطاط والبلاستيكيات الحرارية الهندسية. وبدوره سيسهم ذلك في تسريع وتيرة إنشاء مزيد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإيجاد الوظائف المرتبطة بها.
وقال ان سابك لديها التزام بالاستفادة من القدرات التي هيأتها حكومة المملكة لمواصلة الانطلاقة العالمية ولدينا فرص للتوسع في الصين التي تعد من الأسواق المهمة جدا لسابك وتواجدها منذ اكثر من 35 سنة وتمثل أكثر من 30% من حصة سابك في السوق الاسيوي وهي سوق واعد للاستثمار، وكذلك الحال نحو التوجه للسوق الأمريكي حيث غيرت ثورة الغاز الصخري اقتصاديات السوق الأمريكي وجعلته اكثر محفز لهذه الصناعة التي جعلت سابك بحكم وضعها العالمي ان يكون لها دور للنمو وإقامة مشروعات في أمريكا الشمالية والجنوبية وكذلك السوق الافريقي واعدا جدا وخاصة في مجال المنتجات البلاستيكية التي نطمح ان ننقل استراتيجيتنا من كوننا مسوقين في افريقيا الى منتجين محللين هناك كما عملنا في الصين وغيرها.