أبعاد الخفجى-رياضة:
سقط النصر آسيوياً في الجولة الأخيرة، سقوطاً مريراً بنتيجة 4-صفر سكنت شباكه الصفراء، لم يُظهر النصر طيلة مجريات المباراة قدرته على مجاراة خصمه لخويا القطري، فكان لقاء الإياب امتداداً للقاء الذهاب، حين ظهر النصر ليلتها خصماً سهلاً لولا أنه استفاق في أواخر المباراة وعاد للتعادل، كانت بطولة آسيا حُلماً يتوسده النصراويون لإنقاذ ما تبقى من موسمهم الذي يشهد انتكاسة كبيرة، فكان هو المسكن الذي تسقيه إدارة النادي لجماهيرها في تصاريحها الفضائية، ولازال
للفريق أملاً في مواصلة الطريق الآسيوي في ما تبقى من جولتين أخيرتين، ففي لغة كرة القدم هناك أمل طالما أن الكرة ما تزال في ملعب المباراة، لكن نظراً لما قدمه الفريق هذا الموسم، وخصوصاً أداءه في دوري أبطال آسيا، لم ينتصر إلا مباراة واحدة من أصل أربع مباريات لعبها، ولم يستطع أن يحقق أي فوز في ملعبه وبين جماهيره، فقد يكون الفوز صعباً عليه فيما تبقى له من مباراتان سيلعبهما خارج ملعبه أمام ذوب آهان اصفهان الإيراني، انتكاسة النصر هذا الموسم سبقها توجيهات وانتقادات لإدارته من محبيه وبعض لاعبيه السابقين، وعلى رأسهم قائد الأصفر المعتزل فهد الهريفي الذي كان من أوائل المنتقدين لقرارات إدارة النصر، فانتقد تأخر استعداد الفريق للموسم الجاري، وعاود النقد عقب خسارة الفريق لكأس السوبر أمام الهلال في لندن، وبعد أن سقط النصر في الجولة الرابعة برباعية أمام الأهلي، وصف الهريفي حينها الإدارة الصفراء أنها قليلة خبرة وعنيدة، ووصف الأوروغوياني خورخي داسيلفا بالمدرب الفاشل، وحمّل مسؤولية ما يحدث للمدرب “الخفي” على حد وصفه، وحين جاء الإيطالي فابيو كانافارو مدرباً، انتقد الهريفي طريقة الفكر الإداري بالنصر وقال في تغريداته عبر صحفته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: بسكم تخبيص.. كل الجماهير تعرف أن كانافارو مفلس.. وأبناء النادي أولى “، نقد الهريفي يوافقه عليه الأغلب من جماهير النصر، وإن خالفته في طريقة النقد لكنه تتفق مع آراءه ونظرته الفنية، إلا أن إدارة النصر قابلت نقده بالتجاهل وأحياناً بالإسقاطات التي تسيء لتاريخه أو تسليط بعض الإعلاميون المقربون من الإدارة للنيل من لاعب الوسط السابق والاستنقاص من آراءه، على الرغم من أن واقع النصر اليوم أثبت كثيراً منها .
العشوائية تعود
الأمير فيصل بن تركي ليس رجلاً جديداً على الإدارة، فهو يقضي عامه الثامن في رئاسة النصر، لكن شيئاً لم يتغير في سياسته الإدارية، منذ أن تبوأ الكرسي الساخن خلفاً للأمير فيصل بن عبدالرحمن، وعمله لا يقوم على منهجيه واضحة المعالم، إذ يغلب على العمل كثيراً من العشوائية، وتأتي بعض القرارات مناقضة لما سبقها، ولم يمر موسماً تحت إدارته أمضاه بمدرب وحيد، فجرت العادة في كل موسم يستبدل النصر مدربه أكثر من مره، كان الاستثناء الوحيد مع الأوروغوياني دانيال كارينيو الذي بدأ مع النصر موسماً وأنهاه، الأجانب كالمدربين لا يستقرون موسماً ولا يزيدون عن موسم، عدا لاعبان أو ثلاثة أمضيا وقتاً طويلاً مع النصر، آخرهم المدافع البحريني محمد حسين، امتاز عمل إدارة الأمير فيصل بن تركي باستقطاب لاعبين جيدين بمبالغ كبيرة لم يعتد النصر على دفعها، بداية من صفقة انتقال المهاجم محمد السهلاوي ثم يحيى الشهري وأخيراً نايف هزازي، فصنع فيصل بن تركي للفريق هوية قوية في سوق الانتقالات السعودي، لكن الأمر كان مختلفاً فنياً فاقتصر ظهور النصر مع الرئيس الحالي على موسمين فقط من أصل ثمانية مواسم .
لماذا فقد النصر هويته كفريق بطل سريعاً ؟ سؤال يتبادر كثيراً إلى ذهن جماهيره، من كان يشاهد النصر قبل موسمين تحت قيادة كارينيو، كان يظن أن تحقيقه لكأس آسيا مسألة وقت ولن تتجاوز موسماً أو اثنين، ومن يراه الموسم الجاري سيقول أن النصر يحتاج تغيرات جذرية بفريقه الموجود حتى يعود بطلاً، لكن الحقيقة أن النصر لايزال يتوسط الموقف بين طريقان، إما أن يكمل عودته للبطولات، أو يعود من حيث أتى ويبتعد مجدداً عن الألقاب، فحتى يبقى على طريق البطولات، يحتاج أن تتنازل إدارته عن بعض أفكارها وتتخلى عن عناد الجمهور والأصوات التي تنتقد عملها، وتصحح أخطاؤها المتكررة منذ ثمانية أعوام، ثم تبحث عن مدرب يملك تاريخاً جيداً وحافزاً لصناعة مستقبل مع النصر، وتمنحه فرصة العمل والخيارات كاملة وتكف يدها عن التدخل في قراراته الفنية، وإن استمرت في مكابرتها على الأخطاء والإصرار على أن كل ما يحدث للنصر هذا الموسم لا علاقة لها به وأنها عوامل خارجية، فإن النصر سيتجه إلى أبعد نقطة من السوء الفني، انهيار النصر بهذا الشكل يوحي إلى أن العمل الذي عاد بالفريق لم يكن تراكمياً، ولم تضع إدارته خطوات واضحة المعالم، إذ لم يختلف شيء إلا وجود مدرب يتمتع بشخصية قوية، وقدرات فنية عالية، فنجح كارينيو في أن يصنع من الفريق الذي بين يداه هوية بطل، وحقق معه بطولتين وخسر ثالثة، وعلى الرغم من العمل الذي قدمه لم تتمسك الإدارة ببقائه مع النصر، بل كابرت فضائياً بأنها قادرة على صناعة مدربين ناجحين مثلما صنعته مدرباً ناجحاً، إلا أنها فشلت بامتياز من خلال أربع مدربين حتى الآن تعاقبوا على النصر، ولم تأتي بمدرب جديد للفريق، فعملت على إعادة داسيلفا ثم كانيدا من دون أن تنجح في استكشاف اسم جديد .
غضب جماهيري مستمر
قرارات إدارة النصر تتناقض مع نفسها من خلال التصريحات الفضائية، فحين قررت إقالة كانيدا في المرة الأولى بررت قرارها بأن الانسجام والتفاهم بين المدرب واللاعبين يكاد يكون منعدم، وبعد أن قررت إعادته أخيراً قالت أن هذه العودة بناءً على طلب اللاعبين، ولا شك أن التناقض ظاهراً بين الرحيل والعودة، لاسيما في ظل تمسك الأسباني بطريقة لعبه بمهاجم وحيد، وهي إحدى المشكلات التي كان ينتقدها النصراويون في فترة كانيدا الأولى ومازالت مستمرة، تبريرات الإدارة لإخفاقات الفريق هي الأخرى تناقض نفسها، فقبل أن تبدأ بطولة آسيا الجارية وعدت إدارته بالمنافسة على البطولة وأن تركيزها منصب عليها، وبعد إخفاق الفريق في بدايات البطولة، برر فيصل بن تركي ذلك بأن الأندية السعودية غير قادرة على منافسة أندية آسيا بالقوة الشرائية، واستشهد بصفقة موسى سو مع الأهلي الإماراتي – على الرغم من أن الأخير لا يشارك في نسخة آسيا الجارية-.
جماهير النصر وصلت إلى حدٍ كبير من الغضب، واتضح هذا جلياً من خلال ردة الفعل عقب لقاء لخويا القطري والخسارة الكبيرة، وهي تنتظر إصلاحات تغير ما تبقى من موسم النصر، ولا أظن أن طموح النصراويين يتجاوز تحقيق لقب كأس الملك، لأن آسيا تبدو بعيدة بعض الشيء عن الفريق، وأمام النصر حتى يصل إلى كأس الملك ثلاث مباريات، سيبدؤها أمام العروبة الثلاثاء المقبل، ينتظر معها المدرج الأصفر ظهور الفريق بمستوى جيد يطمئنهم على قدرة الفريق بتحقيق اللقب، لأن خروج النصر هذا الموسم خال البطولات، سيرفع من صوت المطالبين باستقالة الإدارة الحالية والرحيل، وربما يتكرر سيناريو المدرج الأصفر في رفع الكارت الأحمر بوجه الإدارة مثلما حدث قبل مواسم عدة.